* في مثل هذه الأيام من كل عام تطل مشكلة تلفزة مباريات الدوري الممتاز برأسها من جديد.. تبدأ في عام بتهديد من الأندية ومنع قناة النيلين الرياضية الناقلة من إدخال كاميراتها، بينما في العام الذي يليه تنطلق الشرارة من الاتحاد العام لكرة القادم الذي يعلن منع التلفزة ويقول إن (القناة الناقلة) تريد البث مجاناً والأندية تضغط علينا من أجل الحصول على حقوقها؛ ويعود الدوري للإذاعة؛ وتكبر القضية يوماً تلو الآخر، وتتفاقم الأزمة مباراة بعد أخرى، ثم نسمع عن تدخل من الدولة، ويستأنف بث الدوري على النيلين ونشاهد كثيرا من المباريات بعد سقوط عدد ليس بقليل من ذاكرة مكتبة التوثيق التلفزيونية، ثم تمضي الأيام ويتكرر ذات سيناريو الأزمة بصورة سنوية، ويتضح للجميع أن استئناف البث في العام الماضي كان عبارة عن (توجيهات وتعليمات) ولم يتم إيجاد حلول جذرية..!
* السؤال الذي يحتاج لإجابة عاجلة: هل تملك قناة النيلين (عقداً مكتوباً) مع الاتحاد العام لتلفزة المباريات به التزامات معروفة، وتواريخ سداد معلومة وشروط محددة؟
* قبل الإجابة عن هذا السؤال دعونا نعود بالمشكلة لسنوات للوراء، وتحديداً في عام انفجار الأزمة وتوقف البث وما حدث وقتها؛ لنحكي لكم من بعد ذلك ما آل إليه الوضع الآن..!
* ملف التلفزة شائك ومتشابك.. رائحة الفساد تزكم أنوف من يقتربون منه.. كثيرة هي التجاوزات فيه وسبق أن تحدثنا عن إشكالياته.. ودعونا الآن نستأنس ببعض المعلومات لتوضيح الرؤية للرأي العام قبل أن نُصدر الآراء ونُطلق الأحكام.
* عندما توقفت تلفزة مباريات الدوري الممتاز قبل أكثر من أربعة أعوام صدر توجيه من النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه قضى وقتها بتلفزة الممتاز لتنفرج أزمة تعسر البث بالرغم من علم الجميع أن الدولة (قطعت من لحم ميزانيتها الحي) في ظل وضع اقتصادي متدهور، وتولى تلفزيون السودان مهمة التلفزة – واحتكرها تماماً دون وجود إشارة لهذه الجزئية في القرار – واكتفى بمنح (قناة النيلين) التابعة له حق البث أيضاً (متجاوزاً) وقتها أن (شريكاً كويتياً) كان جزءاً من القناة وسيستفيد بلا وجه حق من (دعم الدولة وقروش الناس الغلابة) التي ستعود عليه أرباحاً من أموال الإعلانات والرعاية دون أن تكون له مساهمة في (رأس المال) الذي دفعته الدولة..!!
* استمر الوضع الشائه هكذا و(كوايتة النيلين) يقتسمون أرباح بث الدوري الذي تكفلت به الدولة وكأنما الحكومة أصبحت تورد سنوياً بضائع لدكان ناصية تشترك في ملكيته مؤسسة تتبع لها وشريك (من الخارج) ليتم جرد الأرباح آخر كل شهر واقتسامها بين الشريكين اللذين لا يكلفان نفسيهما شيئاً سوى (نقل) البضائع والترويج لها وتوريد أموالها في خزائنهما..!
* غادر الشريك الكويتي في صمت مريب وتساءلنا وقتها عبر هذه المساحة: كيف تمت المحاسبة؟.. أين ذهبت الأموال العائدة من التلفزة؟.. كم كان نصيب الشريك الكويتي الذي هو شريك في الأصل (القناة) بينما البضاعة الأساسية التي تبيعها القناة الممثلة في (تلفزة الدوري) تكفلت بقيمتها الدولة؟
* نعم.. تدخل علي عثمان ودفع من خزانة الدولة لينعم السودانيون داخل وخارج القطر بمشاهدة الدوري الممتاز، وجاءت إدارة التلفزيون بلا حياء أو وجل لتوقع عقداً مع قمر (عرب سات) الاصطناعي وتنتقل بقناتها الرياضية للبث عليه مودعة (النايل سات) لتحرم معظم السودانيين من المشاهدة – التي وفرتها لهم الحكومة – حتى تنعم بأموال ودعم ورضاء (عرب سات).. “واللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه”!!
* استغلت قناة النيلين عدم وقوف الناس عند حيثيات توجيه علي عثمان ووضعت يدها (حصرياً) بالتعاون مع التلفزيون على الدوري الممتاز دون وجه حق، ووصلت بها الجرأة و(قوة العين) مرحلة استفزازها لجموع الشعب السوداني بإعلان مباشر ينبه من يريد مشاهدة الدوري الممتاز – الذي اشترته الدولة – بتحريك الطبق 26 درجة شرقاً، فالدوري أصبح حصرياً على (عرب سات)، وينبغي علينا أن ننسى ما تم دفعه ونفارق (النايل سات) ذاك القمر الموجودة فيه أهم الباقات وأشهر القنوات، ناسين حقيقة أنهم إذا كانوا يريدون الترويج لـ(عرب سات) فعليهم أولاً (إيداع حق الدولة من أموال العام الماضي) وإلزام إدارة القمر الباحث عن الانتشار بدفع أموال هذا العام، فميزانية البلد لا تحتمل (البعزقة) ولا تقبل القسمة على عقود (الفهلوة)..!!
* القصة ملخصها يا سادتي أن المدير السابق للتلفزيون محمد حاتم سليمان وأركان حربه باعوا الدوري الممتاز الذي هم ليسوا مُلاكاً له لقمر (عرب سات) مقابل معينات من العيار الثقيل ودولارات لا حصر لها، فالقمر المتعاقد معهم محدود المشاهدة وضعيف التأثير ويحتاج للتمدد عبر رقعة واسعة ورأى أن الدوري السوداني يمكن أن يحقق له الهدف المنشود، لتباع (أرض خصبة) شهادة بحثها باسم الدولة، والأمر لم يتم فيه تدخل حاسم حتى غادر محمد حاتم..!
* تدفع الدولة للتلفزيون ويبخل تلفزيوننا على الناس بما دفعت قيمته الدولة ويقوم بعقد اتفاق أشبه بـ(الإيجار من الباطن)، والأمر يحتاج لمساءلة وإعادة أموال وصياغة وترتيب بعد فتح الملف المريب..!
* منحوا الشريك طيلة فترة وجوده ما اشترته الدولة بالمجان.. تم تحصيل أموال (عرب سات) بغير وجه حق.. خزائن التلفزيون بدلاً عن تحقيق أرباح من التلفزة والاحتفاظ برأس المال لتدفعه في كل عام باتت تنتظر (دعم حكومياً سنوياً)، بل وتتماطل في منح الاتحاد والأندية حقوقها وتريد بثاً بالمجان (وكان الله في عونك يا سودان)..!
* غداً نواصل فتح الملف ونقف بالتفاصيل والأرقام على تطورات الأزمة التي انفجرت كالعادة هذا العام .
نفس أخير
* ولنردد خلف الراحل محجوب شريف:
غطى الجبال الليل.. لكن هدير السيل
لكن صهيل الخيل.. نار الغضب والجوع
تحت الجبل مسموع.. يضووا عز الليل