أعزاؤنا في أمريكا .. قدموا مثالاً مختلفاً

{لم أسمع أو أقرأ بأن المعارضة (المصرية) .. (الإخوان) مثلاً، وهم منتشرون في أوربا وأمريكا ولديهم مكاتب هناك منذ عقود طويلة، قد اعترضوا وفداً من الحكومة المصرية؛ وزير أو رئيس برلمان زائر لدولة أوربية وحاولوا إفشال مخاطبته للجالية أو ندوة أو اجتماع مع حكومة الدولة المضيفة.

{حتى في عهود حكم الرؤساء “عبد الناصر”، “السادات” و”مبارك” لم يكن للمعارضة (المصرية) مكاتب (سياسية) أو أذرع (عسكرية) في الدول المجاورة مثل السودان وليبيا أو العراق وسوريا، ليس بسبب رفض الأنظمة الحاكمة في تلك الدول لاستضافة المعارضة المصرية، ففي وقت من الأوقات كانت بعض الحكومات العربية مستعدة لاستضافة مناوئين للحكم في “القاهرة” وتسهيل مهامهم.
{لكن الأمر في رأيي متعلق بالشخصية (المصرية) أكثر مما هو متعلق بالأنظمة والمنظمات التي يمكنها رعاية ودعم تلك المعارضات على مر العهود الماضية.

{أقول قولي هذا بين يدي محاولات مجموعات محسوبة على المعارضة (السودانية) المدنية أو المسلحة في أوربا وأمريكا دأبت خلال السنوات الأخيرة على استهداف أنشطة وندوات تنظمها سفارات السودان بتلك الدول، بإثارة الفوضى والضجيج وإطلاق الهتافات داخل قاعات يفترض أنها مخصصة للحوار والنقاش، والرأي والرأي الآخر في بلاد تعتبر محاضن للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن أهمها حقه الأساسي في التعبير.

{إذا كنت أمنع أحداً بمقاطعته بالزعيق والتخريب من أن يقول كلمة في منبر مفتوح للجميع ليدلوا بآرائهم وتعقيباتهم أو تكذيباتهم لما يقال في المنبر، فإنه لا يجوز أن أنعت الآخر بالشمولية والديكتاتورية، حتى إذا ما أتيحت لي فرصة (المنع) ولو بالهتاف، اهتبلتها وأفشلت المخاطبة بطريقة أو بأخرى، ثم وزعت (الفيديو) على آلاف الجوالات مفتخراً بـ(تحرير القدس) أو إسقاط النظام في الخرطوم عبر انتفاضة شعبية سلمية !!

{كان ينبغي أن يضرب المقيمون في أمريكا مثلاً راقياً لنا في كيفية التعامل الحضاري مع مثل هذه المواقف، والبحث عن طرق أكثر لياقة لإفشال مهمة الحكومة في توصيل رسالتها عبر الحجة والمنطق ونصاعة البيان وقوة الأدلة وفصاحة اللسان.

{كنت أتمنى أن تطلب المعارضة مناظرة كل مسؤول حكومي زائر لبلد ما في الغرب، على أن تسجل هذه المناظرات وتبقى أرشيفاً للأجيال، وذخيرة سياسية وأصولاً ذات قيمة في المبارزة الفكرية والإعلامية الرصينة، وإذا اعتذرت السفارة أو المسؤول يوثق الرفض أيضاً، بدلاً من قذف المتحدثين بـ(المخدات) ومساند الكراسي !!

{نريد للمهاجرين في دول العالم الأول أن يكونوا خير قدوة للناس ومثالاً يحتذى في تقديم أسلوب مختلف ومنهج حضاري راقٍ في مواجهة الآخر، مهما كان عدوانه وظلمه في نظرهم.

{هل يمكن تحقيق ذلك؟ يمكن بالتأكيد، فليفترع ثلاثة أو أربعة من أبناء السودان بالخارج هذه الفكرة ويعملوا على تطويرها، لعلها تكون أساساً لحزب قائد لمستقبل مشرق للأجيال القادمة في بلادنا.

Exit mobile version