قصدت استعارة لفظ “أبضاية” احتراما لكل ما يحمله في من رمزية سقطت عن الذين شككوا في الشخصية السودانية علمها وتأدبها وإعمال فكرها الناضج. فخلال الأسبوعين الماضيين تلقى “الزولات” سهاما جارحة إثر القبض على طلاب عرب تدفقوا على الخرطوم لأداء امتحانات الشهادة الثانوية “التوجيهية” وبأحبارهم السوداء المنطلقة من البيئة العربية المرتجفة شتتوا الأنظار وشوشوا على حقائق قضية “الغش والتسريب” التي قام بها الطلبة وأولياء أمورهم بأجهزة اتصالات حديثة فيما يشبه شبكة المافيا حتى جاء الخبر اليقين بأن معلمة سودانية أمسكت بأطراف الخيوط وملكتها بحصافة وروتها للأجهزة المختصة والتي احتجزت المخالفين، لأن غش امتحانات الشهادة السودانية تصنف كجريمة أمن قومي لأنها معترف بها عربيا ودوليا.
نعم وقفت “الأبضاية والنخلة الشامخة” منجدة المعلمة بمدرسة علي السيد الثانوية بحي اركويت بالخرطوم أمام اللجنة العليا لتأمين امتحانات السودان وبحضور مدير الأمن والمخابرات والذي قال “طلابنا نجحوا في امتحان الأخلاق بجدارة وتفوق”، وانحنت د. سعاد عبدالرازق وزيرة التربية والتعليم تقديرا لدور “المعلمة منجدة ” والتي كانت وراء كشف الغش، حيث ضبطت بأياديها النظيفة طالبا غشاشا حاول البعض أن يحور فعلته الكريهة ويلونها ليهين بها السودانيين أينما كانوا ويطعن في علمهم ومراكبهم المشرعة بالأمانة والمصداقية. وقالت د. سعاد إنهم بصدد مراجعة اللوائح وتشديد جلوس الأجانب وإدخال الهيئة القومية للاتصالات ضمن لجنة تأمين الامتحانات. كيف لا؟ وسيرة الغش العابرة للحدود كادت تطعن في علماء السودان وأطبائه ومهندسيه وفي ست الشاي وبائعة اللبن والمحاسبين والغبش الميامين وحفظة القرآن امتثالا لفاتحة كتابنا “اقرأ” ومن فتحوه للعلم والتعلم، وليس لاصطياد وظائف بالتزوير والخيانة المهنية.
وكشفت أجهزة الأمن أن الغش قام به طالب عربي بجهاز إلكتروني متطور وبموجب تجميع أطراف الخيوط تم توقيف 117 طالبا أجنبيا ضالعا في عملية الغش بأجهزة تقنية متطورة وعقلية متخلفة. وقالت المعلمة التي أمسكت بالطالب الغشاش إنه تلقى أجوبة الأحياء عبر جهاز صغير.
وكرم السودان ممثلا في لجنة تأمين الامتحانات المعلمة منجدة بشهادة تقديرية لحسن إدارتها للقضية بحذر ووعي، واحتراما لحسها المهني الوطني بترقية استثنائية من الدرجة السابعة للخامسة ومبلغ مالي من جهاز الأمن والمخابرات وعمرة للأراضي المقدسة من الاتحاد المهني للمعلمين وبتصفيق عابر للحدود.
وفي أقاصي الدنيا كرم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عوضية محمود بائعة الشاي والأطعمة كواحدة من بين أشجع 10 نساء حول العالم بجائزة “المرأة الشجاعة”، تقدمها الخارجية الأمريكية لأن عوضية جمعت رصيفاتها الكادحات في جمعية تعاونية تهتم بأحوالهن وأسرهن وحل مشاكلهن، وتحولت جهودها لقيام اتحاد تعاوني ضم 8000 امراة كارهة للظلم وللوقوف عند عتبات العوز والحاجة ولإضاءة الشموع لحياة شريفة في سودان سيتعافى بإنسانه النبيل وبنسوانه “الأبضايات” السمراوات اللاتي رمين خرافات تلكم الثلة في مزبلة التاريخ لأن قطارات القيم تتحرك بالشرفاء .
المصدر: الشرق القطرية