(لمعرفة الوضع السياسي الحالي بالسودان كان للأهالي هذا الحوار مع دكتور مصطفى خوجلي الطبيب والمناضل الشيوعي ورئيس وزراء السودان الأسبق).. هذه هي المقدمة التي ابتدرت بها صحيفة الأهالي المصرية.. اليسارية الشهيرة.. حوارها مع الدكتور مصطفى خوجلي.. ولن نقف عند جدلية رئاسته للوزارة.. تلك التي تلقى بسببها عقوبة عشرين عاما سجنا.. دفع منها بالفعل أربع سنوات من عمره.. ولكننا لا يمكن أن نتجاوز كيف خرج خوجلي بعد قضاء خُمس المدة فقط.. فقرب نهاية النصف الأول من عقد السبعين كان وفد أكاديمي بريطاني رفيع المستوى.. لعله من أوكسفورد يهبط الخرطوم.. لم يكن الوفد في مهمة علمية.. ولا حتى في زيارة أكاديمية.. كان الوفد في مهمة غريبة.. غير مسبوقة.. وربما لم تتكرر.. كان ذلك الوفد الأكاديمي الأجنبي قد نزل الخرطوم شفيعا في الباحث والأستاذ الجامعي الدكتور مصطفى خوجلي الذي كان يومها واحدا من أهم رؤساء الوحدات البحثية.. وكان نزيلا في سجون النميري.. والذي ربما لم يكن يعرف قيمته حتى زاره (الخواجات) فنزل عند رغبتهم واستجاب لطلبهم بالإفراج عنه.. الطريف أن الشيوعي الذي تدخل لإطلاق سراحه وفد من أعتى قلاع الرأسمالية.. قاد بعدها فريقا بحثيا أنجز اختراعا مهما وهو الجهاز الذي انخفض بنسبة الإصابات بضربات الشمس وغيرها من الأمراض ذات الصلة بين حجاج بيت الله الحرام إلى الصفر..!
ما سبق عرض موجز لبعض مميزات الرجل ومزاياه.. وإنجازاته العلمية.. ولكنا نعود لموضوعنا اليوم عبر ذات الحوار الذي أجرته مع الدكتور مصطفى خوجلي صحيفة الأهالي في العام 2012.. وفي سؤال كان نصه.. هل تقوم المعارضة بدورها وما مدي وحدتها؟.. جاء رد الدكتور كما يلي.. (المعارضة هي تاريخيا قوية ولكنها تمر حاليا بظروف مختلفة من “مد وجزر”عقب أي حركة سياسية خاصة بعد انضمام جزء من المعارضة إلى السلطة لكن المعارضة ككل خاصة ذات القطاع الشبابي الغالب بدأت تستنهض قوى كثيرة في الفترة الأخيرة بأشكال مختلفة..) وسأكتفي بهذا فقط مع التأكيد على أن المعنى لم يتأثر ولم يتغير.. لنطرح تحفظاتنا أمام الدكتور خوجلي.. وأولاها كيف يرى سيادته المعارضة في العام 2016.. وهل باتت أكثر توحدا عن حالها في العام 2012 أم غدت أكثر تشظيا وتشققا..؟ ثم نسأل أيضا.. حين راج ذات عام أن الدكتور مصطفى خوجلي كان مرشحا لقيادة حكومة تصحيحية هاشم العطا.. لم يكن الرجل يومها عضوا في اللجنة المركزية للحزب.. وفي المقابل كانت المركزية تعج بقامات بوزن عمر مصطفى المكي ومحمد إبراهيم نقد ومحمد أحمد سليمان وعز الدين علي عامر ومحجوب عثمان والشفيع أحمد الشيخ وقاسم أمين.. ناهيك عن عبد الخالق محجوب الذي يكاد يكون خوجلي هو وحده الذي عاصره من المركزية الحالية.. بما فيها ومن فيها.. إذا استثنينا بالطبع أرملة الزعيم.. السيدة نعمات مالك..!
إذن كل هذا التاريخ.. الذي لا شك أن بعض زعماء (عصر العتمة) هذا لم يسمعوا به.. ألا يلقي على عاتق الدكتور مصطفى خوجلي مسؤولية استثنائية.. تجاه حزبه.. وتجاه وطنه..؟ وتفرض عليه مسؤولية أخلاقية تلزمه بأن يراجع موقفه.. ويراجع قراره بتجميد نشاطه السياسي.. بدلا من قيادة الشباب نحو التغيير.. أو ليسوا هم ذات الشباب الذين تنبأت بدورهم في العام 2012..؟!!