لا يشعر بالعنوان أعلاه ولا ينزله منزلته إلا من كانت له تجربة البحث عن إسعاف لمستشفى ما. قبل سنتين تقريباً كنا نلهث بين وزارتي المالية والصحة الاتحاديتين (نشحد) سيارة إسعاف لمستشفى قريتنا. وخرجنا منهم بخفي حنين بل الأغرب كانوا يعتبرون الأمر شبه مستحيل وكأننا نحلم.
ربما كان فشل الحصول على سيارة إسعاف من الحكومة الاتحادية دافعاً قوياً لأهل القرية في أن يتبرعوا بمبلغ 95 ألف جنيه هذا كان غاية ما يمكن جمعه، وولينا وجوهنا شطر عاصمة ولايتنا ود مدني ودخلنا على وزير الصحة وقتها د. الفاتح مالك وساندنا ودفع دفعة معنوية ووجهنا لوزير المالية الهمام الأخ أحمد عثمان، الذي أكمل المبلغ المطلوب لشراء إسعاف جزاهما الله عنا كل خير، قدم الإسعاف حتى الآن مئات الخدمات للقرية وما حولها ويستعان به عند الحوادث والكوارث على طريق الموت (مدني/ الخرطوم).
تذكرت كل ذلك حين دعتني الوزيرة الهمامة (طول عمرنا همام دي كانت للرجال ولكن هذه المرة نصرفها ونؤنثها بامتياز لوزيرة الدولة بالصحة الأستاذة سمية إدريس) رأيت 111 سيارة إسعاف من ماركة تويوتا كدفعة أولى تسعون منها دفع رباعي واقفة في ساحة جنوب حوادث مستشفى الخرطوم، رحم الله حوادث مستشفى الخرطوم، بالله لو الواحد قال الله يجازي الكان السبب في تدمير الحوادث وتشريد ماكينات غسيل الكلى التي كانت بالمئات وجراحة العظام. (يا ربي إمكن كل ذلك التحطيم لتوفير موقف للإسعافات الجديدة؟).
برنامج طموح للعناية والقضاء على وفيات الأمهات رفعت شعاره الوزيرة سمية إسعاف واخصائي نساء وتوليد وقابلة لكل مستشفى. على فكرة مستشفيات السودان عددها 450 مستشفى.
ذكرتني الوزيرة سمية الدكتور غازي القصيبي الأديب والشاعر السعودي عندما وليّ وزارة الكهرباء أول قرار اتخذه (أن تدخل الكهرباء كل بيت خلال خمسة أعوام). كان ذلك في أواخر سبعينيات القرن الماضي وقد كان أن دخلت الكهرباء وصمتت المولدات الريفية ونارت ليالي السعودية كلها في أقل من خمس سنوات.
لا يعرف قيمة الإسعاف إلا من من تدبر قول الله عز وجل (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) بالله كم نفس ستحيي إسعافات سمية هذه وخصوصا ذات الدفع الرباعي للاستخدام في الأرياف.
وجاء وقت ولكن.
من الولايات من يرى إنشاء وظيفة عبء على الفصل الأول وشبه مستحيل وسيتأخر تعيين السائقين في بيروقراطية ديوان الخدمة وإنشاء الوظيفة. هل بالإمكان أن يكون تعيين السائقين شرطا لتسليم الإسعاف أم تكون وظيفة السائق من مهام الإسعاف المركزي؟
وبعد ذلك شروط الاستعمال والاستمرارية. أقول ذلك وقد رأيت في يوم ما تدشين 40 عربة لاندروفر كعيادات بيطرية ضمن برنامج النفرة البيضاء لا أعرف أين هي الآن وكم بقي منها على قيد الحياة، ولكنني أعرف أن النفرة البيضاء ولدت ميتة.
قبل أن تقولوا أقول بملء فمي: لمثل سمية يكسر الثلج.