يوم الموظفة السعودية كما هو مليء بالإنجازات هو كذلك مليء بالصعاب كغيرها.. الموظفة السعودية تستيقظ قبل الجميع لأنها لا تقوم فقط بإعداد نفسها للعمل؛ وإنما تقوم بتجهيز كامل أفراد الأسرة من الأب وحتى الأبناء.
في دراسة لمركز الأبحاث الواعدة في البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة بجامعة الأميرة نورة، تحدثت أن المسؤوليات العائلية والمشكلات الصحية والمواصلات تقف خلف غياب الموظفات السعوديات؛ سواء في القطاع الخاص أو الحكومي.. وفي محاولة لتحليل هذه الأسباب التي تبدو بشكل كبير منطقية ليس فقط فيما يتعلق بغياب الموظفات؛ بل وحتى ترك الوظيفة، نستطيع القول أن المزاوجة بين المسؤوليات الأسرية والوظيفية ليست بالأمر السهل إطلاقاً؛ خاصة إذا كانت المرأة تعمل في القطاع الخاص؛ لذلك تجد الكثير من السيدات يفضلن أن يكنّ ربات منازل على أن يعملن؛ لأن العائد المادي من الوظيفة لا يتوازى إطلاقاً مع الجهد الكبير الذي تتكبده كامل العائلة من جراء هذه الوظيفة.
فيما يتعلق بالمواصلات، في الحقيقة الموظفة السعودية غالباً لا تجد لذة الذهاب إلى العمل صباحاً؛ فهي أمام ثلاثة خيارات أحلاها مر: في الخيار الأول أن يكون لديها سائقها الخاص (مشروط بالدخل الجيد)، تجد نفسها مجبرة على الجلوس في الزاوية اليمنى من الجهة الخلفية للسيارة، تحبس الأنفاس وتحسب الثواني إلى أن تصل إلى وجهتها بسلام.. خيارها الثاني: أن تستقل الباصات (أغلب هذا النوع هم المعلمات)، والمصيبة أن الكثير من هذه الباصات يفتقر لوسائل السلامة؛ فهم يزيلون المقاعد حتى يتسع الباص لأكبر عدد ممكن؛ خاصة في ضواحي المدن والقرى.. الخيار الأخير: هو أن تستقل الموظفة الليموزين وهؤلاء لا أملك لهم إلا الدعاء بأن يكون الله في عونهم ويرزقهم على صبرهم لما يجدنه من هذه الليموزينات.
للأسف لم تتطرق الدراسة إلى صعوبة الحصول على وظيفة بالنسبة للمرأة السعودية؛ خاصة إذا عرفنا أن غالبية أرقام البطالة تشكلها النساء؛ فالباحثات عن الأعمال يفضلن بالدرجة الأولى القطاع الحكومي، وبالتحديد التعليم، ومن ثم الوظائف الإدارية والصحية؛ كونها ملائمة بشكل أكبر لخصوصية المرأة السعودية؛ مما جعل قوائم الانتظار عليها كبيراً جداً.
أما وظائف القطاع الخاص فلا تزال غير ملائمة بالشكل الكافي، لا من حيث بيئة ومكان العمل، ولا من حيث ساعات العمل الطويلة والمرهقة؛ حتى مع وضع وزارة العمل نطاقات خاصة بعمل المرأة، وقرارات التأنيث الخاصة بالمستلزمات النسائية؛ فما تزال هذه الأماكن غير مهيأة بالشكل الكامل الذي يكفل للمرأة السعودية خصوصيتها.
في اعتقادي أن هناك الكثير من المشاكل التي تتعلق بعمل المرأة.. وللتغلب عليها يجب التعامل معها بالشكل الجيد، مع الأخذ في الاعتبار النظر لوضع الأسرة الاقتصادي ككل، كذلك إعطاء الأولوية للعزباوات، وتقليص ساعات العمل إلى الحد الأدنى، أيضاً إيجاد حلول للمواصلات؛ منها -على سبيل المثال لا الحصر- نقل عام مخصص للنساء، أو باصات خاصة بالمدارس والجامعات والجهات الحكومية التي يشغل وظائفها النساء، وفي الواقع هناك الكثير من الحلول للتغلب على هذه المشاكل، متى ما كانت الجهات المعنية مهتمة بذلك.
مجمل القول أنه، وفي ظل التنظيمات الخاصة بعمل المرأة وساعات العمل الطويلة والمواصلات والمسؤوليات العائلية؛ فإن عمل المرأة مرهق جداً.
(صحيفة سبق)