* من حق الأردن أو أي دولة أخرى، ألا تعترف بالشهادة الثانوية السودانية أو أية شهادة أكاديمية أخرى، وهو حق مكفول لنا أيضاً بالنسبة لأية شهادة أجنبية، ولقد جرى العُرف على تقييم الشهادات بواسطة الأجهزة المختصة قبل قبولها أو رفضها أو الحكم بأنها لا تستوفي الشروط للدراسة المعينة، وقد تجد في نفس الدولة مؤسسات تقييم أو جامعات تعترف بنفس الشهادة التي ترفضها جامعات أو مؤسسات أخرى، وعلى سبيل المثال فإن جامعة (تورنتو) الكندية التي تحتل مركزاً متقدماً جداً في التصنيفات العالمية، لا تقبل في كثير من الأحيان، تقييم الجامعات والمؤسسات الأخرى، وتشترط للقبول بها أن تكون هي الجهة التي تجري التقييم، بينما تقبل جامعات أخرى، لا تقل عنها في المستوى، تقييم الكثير من الجهات الأخرى!!
* موضوع تقييم الشهادات مهم جداً، ولا بد أن يجد حقه كاملاً من الاهتمام في وزارة التعليم ومؤسسات التعليم العالي، خاصة فيما يتعلق بجودة الشهادات الصادرة من بلادنا بكل أنواعها، والضوابط التي يجب أن تحكمها، والمعلومات التي يجب أن تحملها بما يتلاءم مع التغييرات والتطورات الكثيرة التي حدثت في هذا المجال!!
* على سبيل المثال لم يعد مجدياً أن تصدر شهادات الماجستير والدكتوراة (مثلاً) بالطريقة التقليدية الحالية (مجرد وثيقة تثبت الحصول على الدرجة من الجامعة المعنية).. وإنما يجب أن تُرفق معها شهادة تفصيلية توضح بشكل تفصيلي ودقيق كل الجهد الأكاديمي الذي بُذل والدرجات والزمن (السنوات والساعات)، وكل خطوات الحصول على الدرجة العلمية، بعد أن صار هذا هو المقياس الذي تُقيم به الشهادات في كل مؤسسات التقييم والجامعات في العالم، وعلى رأسها مؤسسة التقييم الأمريكية المعروفة (خدمات التعليم الدولية، WES).
* الكثير من الطلاب السودانيين يعانون الأمرين عندما يلجأون للمؤسسات العالمية لتقييم شهاداتهم بسبب القصور الواضح لدينا في إصدار الشهادات وعدم إحتوائها على كل المعلومات المطلوبة، بالإضافة إلى عدم وجود أقسام مختصة في الجامعات السودانية لاستقبال الاستفسارات من المؤسسات الأجنبية والرد عليها، ويحدث أن ترسل مؤسسة تقييم أو جامعة أجنبية رسالة أو (إيميل) إلى إدارة الجامعة السودانية مستفسرة عن (شهادة ما) بدون أن تحصل على رد، أو تحصل عليه بعد مدة طويلة وملاحقات مستمرة، مما يترتب عليه وقوع اضراراً جسيمة، ولنا عودة إلى هذا الموضوع قريباً، إن شاء الله!!
* أقول، إن من حق أية دولة أن ترفض شهاداتنا كلياً أو جزئياً أو تقبلها، ولا يجب أن نغضب أو نتحسس من ذلك، فهو اجراء روتيني متبع في كل الدول والأنظمة التعليمية، وهو حق مكفول لنا أيضاً، كما أسلفت، ولكن عندما يكون هذا الرفض لأسباب خارجة عن الإطار التقليدى كما حدث في قضية الطلاب الأردنيين وصدور قرار من وزارة التعليم الأردنية بعدم الإعتراف بالشهادة السودانية لتسرب الإمتحانات وفقدان الشهادة للمصداقية المطلوبة، حسب تصريح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التعليم الأردني لأجهزة الاعلام الأردنية، فعلينا هنا أن نغضب بشدة، ونقف وقفة حازمة مع من تسبب لنا في هذه الفضيحة!!
* إما أن يكون الكلام الذي يشيعه الأردنيون عن المافيا التي تسرب امتحانات الشهادة السودانية للطلاب الاردنيين غير صحيح، ويجب أن تكون لنا وقفة حازمة مع الأردن، أو يكون صحيحاً، وعلينا أن نواجه الموقف بشجاعة وأن يتحمل كل شخص مسؤوليته كاملة أمام الجميع، ومحاسبة المتورطين، بدلاً عن دفن رؤوسنا في الرمال والدفع بأن ما حدث كان نوعاً من الغش الذي يحدث خلال جلسات الامتحان!!
زهير السراج – (مناظير – صحيفة الجريدة)