تأخر السودان كثيراً بسبب الحرب في الجنوب التي استمرت لأكثر من ثمانية عشر عاماً قبل أن ينفصل الجنوب ويصبح دولة، وتأخر السودان ثانية بسبب الحرب التي اندلعت عقب انفصال الجنوب وتمددت الحرب لتطال أجزاء واسعة من ولايات دارفور بلا استثناء. وقد لعب أبناء دارفور أنفسهم دوراً في تمددها وتدويلها، بل لجأوا إلى دولة الجنوب لمساعدتهم في شن هجمات على أهلهم في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان باعتبارهم أكثر اكتواءً بنارها، وفشلت جلسات التفاوض التي يقف على رأسها رئيس الآلية الأفريقية “ثامبو أمبيكي”، ولكنه لم ييأس من قيادة التفاوض والجولات المكوكية بين “الخرطوم” و”أديس أبابا”، وكل منطقة تقترح لقيام المفاوضات فيها.. فالجولة الأخيرة التي انعقدت الأيام الماضية بأديس وخاضتها الحكومة أو المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية قطاع الشمال والمعارضة، ولكن يبدو أن تلك الجولة نجحت الحكومة في كسبها وعملت على توقيع اتفاقية لخارطة طريق للمرحلة المقبلة، في ما رفضت المعارضة والحركة الشعبية وأمهلت لمدة أسبوع من قبل الرئيس “أمبيكي”، وهذا ما ذكره مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود حامد” في لقاء تفاكري مع رؤساء التحرير عقده بدار الشرطة ببري. واعتبر أن الحركة الشعبية أو المعارضة كلما تم الاتفاق على شيء تخرج إلى شيء آخر، خاصة فيما يتعلق بمسألة الحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية، ووجد حظاً من القبول لدى المعارضين وحملة السلاح ووصل الحوار تقريباً إلى نهاياته وسترفع توصياته إلى رئيس الجمهورية، ومن ثم عرضه على الجهات المختصة. ولكن وحسب حديث مساعد رئيس الجمهورية أن الحركة الشعبية كانت تريد أن يكون رئيس الحوار الوطني رئيس الآلية الأفريقية “أمبيكي” بدلاً من الرئيس، كما تريد أن تحتفظ بجيشها في المرحلة المقبلة إلى أن يتم الاتفاق السياسي. ويرى أن هذه محاولات تعجيزية لأن حركة “مني أركو مناوي” وبعد الاتفاق ومشاركته في الحكومة في منصب مساعد رئيس الجمهورية احتفظت بجيشها بعد الاتفاق وحينما خرج، خرج بجيشه، ولذلك لابد أن يغتنم الجميع وليس المؤتمر الوطني وحده فرصة الاتفاق من أجل وقف الحرب في كل مناطق دارفور التي مزقت إنسانها، ولا أحد يرفض السلام والاستقرار له أو لغيره. وكل الدول التي نهضت ألقت السلاح وأوقفت الحرب وساعد ذلك في عملية الأمن والسلام والاستقرار، فنحن لسنا أقل من الدول التي مزقتها الحرب وعادت إلى صوابها بعد ذلك وأوقفت الحرب.. فالآن كل المطروح على الساحة في مصلحة الجميع حكومة ومعارضة، ولابد من اغتنام الفرصة قبل أن تضيع من أيدينا، كما ضاعت فرص سابقة كانت كفيلة بتحقيق الأمن والاستقرار للوطن.
ففترة الأسبوع التي منحها “أمبيكي” للمعارضة وللحركة الشعبية كافية في إعادة الصواب والبوصلة إلى المؤشر الطبيعي، وإلا سنظل نقاتل بعضنا البعض، وسيحل علينا الخراب والدمار كما حل على دول من حولنا.