طبيعي أن يستفزني التغيير الثالث في أقل من عام لوزراء من الحكومة المصرية ومحافظين لمحافظات يبدو أن تقارير رصدهم ألمحت إلى فشلهم في مواقعهم التي يتقلدونها، وبالتالي ليس هناك من وقت مستقطع ولا فرصة ثانية منحت لهم ولا حتى أعذار مقبولة أو غير مقبولة للإخفاق الذي عنون الفترة التي قضوها في الوزارة، ومن غير مجاملة أو تطييب للخواطر تمت إقالتهم والمجيء بغيرهم من غير أن يظل الموقع شاغراً لأكثر من ساعات، والذي استفزني أكثر أن أياً من الوزراء الجدد لم تخلُ صحيفة عمله من التميز والتفرد في مجاله، وجميعهم قادمون من ذات المجال، يعني حكومة تكنوقراط مائة بالمائة مما يؤكد أن الناس دي بتكسب في زمنها ولا تحتمل ولا تجامل في دقيقة كزمن ضائع بدلالة حالة التغيير والتبديل التي شهدها مجلس الوزراء المصري، وكدي خلوني أقارن ما يحدث في مصر القريبة دي بالواقع عندنا والوزير أو المسؤول (يلزق) بصباع أمير رغماً عن أنف الفشل وعن أنف الإخفاق وعن أنف اللا وجود واللا حضور واللا أهمية، والتغييرات عندنا في الغالب الأعم لا تتم في المواقع إلا من أجل المحاصصة والترضية، بدلالة أن الأحزاب التي تضارب وتزايد بدخولها للحكومة حتى لا توضع في خانة المعارضة، تقدم شخوصاً هم أهل حظوة ونفوذ داخل الحزب، يعني أصلاً الوزير قادم بالمجاملة حزبه يجامله والحكومة تجامل حزبه والنتيجة فشل يتجرع كأسه المر الشعب السوداني المغلوب على أمره، وهؤلاء يأتون بلا أجندة ولا فكرة ولا إستراتيجية، يمارسون مهام الوزير بشكل تشريفي يميل للوجاهة والمكانة الاجتماعية والوزير دخل والوزير مرق، لكن الوزير بسوي في شنو، الله وحده يعلم، وحتى وزراء الحزب الحاكم أنفسهم لا يخلو اختيارهم من المجاملة والمحاصصة الداخلية في أروقة الحزب، ومنو من الحرس القديم ومنو من الحرس الجديد، وحتى لو تم اختيار الشخص من ذات المجال لا يغادر موقعه حتى وإن ثبت فشله، لأنه محمي بإرادة الحزب رغم أن المنصب ليس أمانة داخل أروقته، بل هو مؤسسة ملك الشعب السوداني بأجمعه!!.. لذلك فإن استمرار الحال على ما هو عليه يعتبر كارثة وممارسة ما حتودينا لقدام، لأن الأصل في الاختيار ليس الكفاءة ولا أحقية التميز والتفرد في مجال من المجالات، لذلك سنظل ندور في الدائرة المفرغة نبدأ من ذات النقطة لننتهي إليها، والمسؤول يعلم أنه في فترة اختيار لمدة ثلاثة شهور مثله مثل أي تعيين في وظيفة عامة، مؤكد حيجتهد ويعمل حسابه ويخت في رأسه أنه مكتوب بقلم الرصاص وسيظهر جهده لا محالة في أقصر فترة زمنية، لكن من يأتي للمنصب وهو عارف أنه محمي من مولانا الفلاني أو سيدي العلاني أو لأنه من أولاد الحزب البعرفوا يهتفوا ويحشدوا ويخطبوا، فهؤلاء لا يصنعون حكومة تنفيذية قادرة على إدارة الأزمات أو الخروج من عنق الزجاجة الذي ظللنا (مزنوقين) فيه وما معروف بي وين الدرب البمرقنا!!
كلمة عزيزة
خلونا نعترف أن مجتمعنا يمر بأزمة حقيقية، بل كارثة بكل المعايير وظاهرة اغتصاب الأطفال أصبحت من الظواهر المتكررة بين كل فترة وأخرى وآخرها حادثة الطفلة المختفية قبل أيام، وقبلها المجرم الذي تم القبض عليه بحاضرة الجزيرة ود مدني، وهذا الانحدار الأخلاقي لا بد أن تقف فيه المؤسسات الاجتماعية وذات العلاقة بالأسر والطفل، موقف الباحث والدارس لمعرفة أسباب هذا التدهور الذي يهدد نسيج الأسرة السودانية، ليس كفاية أن نذرف الدموع حزناً على الطفلات المجني عليهن فقط، لكن لا بد من إدانة جماعية وبشكل إعلامي كبير وبصوت مرتفع دفاعاً عن دم الطفولة المهدر من قبل ضعاف النفوس وعديمي الأخلاق ومنحطي التربية!!
كلمة أعز
استمعت وشاهدت جزءاً من الخطاب الإعلامي الأردني تجاه حادثة الطلاب الأردنيين الذي اتصف في معظمه بالحدة والتطاول على السودان، وليه ما عارفة دائماً طيبتنا ونبل مشاعرنا تجاه الإخوة العرب يجعل البعض يفهم أنه ضعف وهوان!.. صحيح هناك جريمة للأسف شارك فيها سودانيون سينالون عقابهم، لكن الطلاب الأردنيين هم جزء من هذه الجريمة، ولا بد أن ينالوا العقاب اللازم!!.. وهذه الحادثة يجب أن تجعل وزارة التربية والتعليم تعيد النظر في حكاية جلوس الأجانب للشهادة السودانية وكأنها بلا قيمة ولا وزن!!