“حضرة” والمطالبة بإلغاء الأحزاب!

الشيخ الجليل والسياسي المعروف والوزير الاتحادي الأسبق “عمر حضرة” تحدث إليّ بالأمس مطالباً أن أنشر على لسانه أن حل مشكلة السودان وأزماته لن يتم إلا بنبذ وترك ما نسميه (الديمقراطية)، مشيراً إلى أن ممارستنا السياسية لا علاقة لها بالديمقراطية التي تعني حكم الشعب للشعب وبالشعب.
الشيخ “عمر حضرة” قال إن التجارب السودانية والممارسة السياسية أكدت على الدوام فشل ما نطبقه باسم الديمقراطية، وعندما سألته عن رؤيته للحل أجاب بكل وضوح وجرأة أن الحل يجيء من قرارات رئاسية صارمة وصادمة، يحل السيد رئيس الجمهورية بموجبها كل الأحزاب والكيانات والمنظمات الحزبية، لأنها – وفق تقديراته – كانت ولازالت السبب الرئيسي في تخلف السودان عن ركب التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي العالمي، لأن زعماء وقادة هذه الأحزاب لم ينشغلوا إلا بالمحافظة على السلطة، وظلوا يصارعون خصومهم عليها ويحاولون إبعادهم عن كراسي الحكم قدر المستطاع، وهو ما أعطى المبررات الكافية للانقلابات العسكرية التي ظلت تجد المقاومة من قبل ذات القوى السياسية التي كانت تتصارع من أجل الحكم والسلطة والمكاسب الحزبية والشخصية.
آراء الشيخ “عمر حضرة” الجريئة لم تقف عند ذلك الحد، بل طالب بأن يتولى أمر الحكم رئيس منتخب، وقال إن “البشير” هو الأنسب والأقدر والأقوى في الوقت الحالي، لما اكتسبه من خبرات ومعارف، وما تحقق له من علاقات داخل المجتمع السوداني، إضافة إلى صفات القيادة التي تتوفر لديه مع انتمائه للمؤسسة العسكرية التي لا يمكن أن ينكر أحد دورها المهم في حكم السودان.
خطورة ما يقول به الشيخ “عمر حضرة” تنبع من كونه أحد أبناء المؤسسة الحزبية والطائفية والدينية في السودان، وسبق له أن تقلد مناصب قيادية داخل حزبه الاتحادي الديمقراطي، مثلما تقلد مناصب وزارية، أهلته للحكم على كامل التجربة السياسية من المنظور الحزبي.
يلخص الشيخ “عمر حضرة” مشكلة الحكم في التفويض غير المستحق للسلطة في عدد من مؤسسات الحكم، ويشير إلى أن هذا أدى إلى الفشل بسبب سوء التخطيط والإدارة الذي يفضي إلى ابتكار أساليب مضرة لجمع المال من خلال فرض الرسوم والجبايات رغم أن الثروات التي يذخر بها السودان، قل أن تتوافر لدولة ما.
حقيقة ما كان لي أن أنشر آراء الشيخ “عمر حضرة” ولا أعقب عليها لولا أنها جاءت من رجل عركته السياسة وعركه العمل العام، وتبوأ أرفع المناصب، وهو يقول دائماً بلسان رجل الدين إن الذي حفظ السودان حتى الآن هو علاقة الشعب بالدين، وعلاقة الأرض بالسماء، وحب الرسول “صلى الله عليه وسلم”.
وسألت الشيخ “حضرة” إن كانت هذه الآراء هي دعوة لانقلاب يقوده “البشير” لتكريس كل السلطة في يد رئيس الجمهورية، لكن الشيخ “عمر حضرة” قال لي: سميهو، ذي ما تسميهو، مضيفاً أن ذلك سوف يسعد عامة الناس الذين لا يهمهم إلا كريم العيش، وتحسين العلاقات مع الخارج ومع “الولايات المتحدة الأمريكية” ووقف الحرب والقتال في مناطق النزاع، لأن كل ذلك سيؤدي إلى الاستقرار وتحسين الاقتصاد وأحوال المواطنين.. وقد ذكرت له أن هذا لن يرضي الساسة ولا قادة الحركات المتمردة، فقال لي إن مصلحة الوطن فوق مصالح الأفراد أو التنظيمات.

Exit mobile version