بعد غياب دام نحو 15 عاماً عاد القيادي بحزب المؤتمر الشعبي د.علي الحاج للبلاد بعد يومين فقط من وفاة أمين عام الحزب الدكتور حسن الترابي،وتأتي عودته للمسرح السياسي بالداخل في ظل تحديات عديدة.برنامج (فوق العادة) الذي يقدمه رئيس تحرير صحيفة(السوداني) الأستاذ ضياء الدين بلال،بقناة الشروق استضاف مؤخراً د.علي الحاج في حوار العودة والمستقبل
هل د.الترابي –عليه الرحمة- كان لديه شعور في الآونة الأخيرة بدنو الأجل؟
نعم.لأن الفحوصات في قطر كانت فعلاً تشير لمرضه،وأنا ذهبت إلى قطر ومكثت أربعة أيام وقابلت الأطباء والترابي ذاته عرف بكل مشاكل قلبه.
*بعض الناس تحدثوا عن إصابته بذبحة سابقة هل هذا الحديث صحيح؟
طبعاً هذا الحديث نتيجة لما وُجد في القلب وأساساً الذي يصاب بذلك كان يفترض أن تكون لديه ذبحة او عرضة لها نتيجة للشريان المقفول،والناس الى الآن مستغربة لأنه لم يحدث أن أتته مجرد اوجاع في الصدر في يوم من الأيام بل على العكس،في فرنسا اول مرة اجريت له كل الفحوصات،الطبيب فعلاً قدم تقريراً ولم تكن فيه إشارة لمرض القلب أصلاً
ألم يكن مصاباً بالأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري؟
لا لم يكن لديه سكري قطع شك،ولكن كان يعاني من انخفاض الضغط.
هل تحدث معه الأطباء بصراحة؟
الأطباء تكلموا معه وهذا واجب وانا ايضاً عندما تحدثت معه كطبيب وكنا سوياً وثالثنا الله،وهذا واجب أي طبيب في الصلة بينه وبين المريض خاصة إذا كان المريض لديه مسؤوليات جسام.
كيف استطعت تحييد مشاعرك وانت تتحدث معه حول مرضه؟
كان لابد ولازم نتذكر هذه الحقيقة ان الموت حق،وفي أي وقت ولكن كان لدينا أمل ان يذهب إلى تركيا ولكنه رفض ولم يكن رافضاً باتاً ولكنه كان مهموماً بما يجري في الحوار.
كيف استقبل حديثك والأطباء؟
استقبله بنوع من الواقع وهو لسان حاله يقول اذا الشخص بلغ(84) وليس لديه شي الا القلب فيعتقد ان ذلك نعمة كبيرة من الله،والترابي استقبل الأمر استقبال مؤمن بقدره وصحيح انه كان ساعياً في موضوع الحوار اكثر من حديثنا الذي كنا نقوله وطلبنا منه الحضور والأطباء هنا جلسوا معه جلسات أيضاً.
التوقعات السياسية تقول إن المؤتمر الشعبي مرتبط بشخصية الراحل الترابي صحيح ان هنالك من يساعده في الأمر ولكنه حزب الرجل الواحد،هل تتعاملون مع هذا التحليل بجدية؟
هذا ليس تحليلاً بل هو حديث أناسي ودون ان يكون المؤتمر الشعبي كذلك،ولكنه في واقع الأمر ليس كذلك،وأنا لم يجندني الترابي ولم اكن اعرفه قبل أكتوبر 1964م.الا نادراً والحديث عن الترابي كشخص نعم ذهب وكلنا ذاهبون ولكن المبادئ والأفكار ستظل موجودة.
هل سيظل المؤتمر الشعبي فاعلاً؟
سيظل فاعلاً وكما ينبغي،وطبعاً انا لا ادعي ان هناك شخصاً في الشعبي يمكن ان يبلغ مقام ووضع الترابي من حيث علمه وافكاره وتسامحه،ولا استطيع ان اقول ان هناك شخصاً يمكنه ان يتحمل هذا ولكن رغم هذا هناك افكار ومبادئ سيلتزم بها الناس ويملون بها ولا أشك في ذلك.
أحاديث عن مخاوف وانقسامات يمكن أن تصيب الشعبي بعد رحيل الترابي؟
الانقسامات حدثت حتى عندما كان الترابي موجوداً وانت تعرف اكبر انقسام في الحركة الإسلامية بوجوده،وأنا لا احسب ان الانقسامات هي المشكلة ولكن لا اتوقع ان تكون هناك انقسامات،ولماذا تكون؟
هناك حديث عن وجود صراع جيلي داخل الشعبي بأن الشباب أميل لخيارات مغايرة الكبار؟
هناك مؤتمر عام بتراتيب وتدابير معينة والشباب موجود.
هل هناك تنازع جيلي موجود فعلاً داخل الشعبي؟
والله لا احس بذلك،صحيح عندما ترى الواتساب والفايبر هنالك حديث كثير جداً ولكن عندما ندقق في هذا الحديث لا ننزعج من هذه المسألة،الشباب لديهم آراء وأفكار مرحب بها ونحن لدينا في الحركة الاسلامية عامة مشكلة حقيقية وهي ان هنالك مشاكل فكرية ومهمة جداً وليست للحركة او الاسلاميين فحسب ولكنها مهمة لكل العالم؛الان هناك مشكلة حقيقية بالنظام الموجود تتمثل في مشاكل واحتقانات فكرية والشباب لا يجد أصلاً المكان الذي يمكن ان يتحدث فيه بالصراحة والوضوح ولذلك يلجأ للأسافير والفيسبوك.وأعتقد ان هذه ناتجة من عدم وجود حرية واضحة لكل الناس وإذا وجدت هذه الحرية المفتوحة أعتقد ان الكثير من القضايا يمكن ان تُحل.
هل هناك تجاذبات ذات طبيعة جهوية داخل المؤتمر الشعبي؟
تقصد شنو جهوية؟
حديث عن لبناء دارفور والجهويات اصبح للأسف هي المسيطرة على الواقع السياسي الان،هل الشعبي يعاني من هذا الأمر؟
(اوكي) والله شوف في تفسير يجب ان نكون فيه واضحين،نحن كسودانيين لم نكون السودان وهذه حقيقة.عام 1821 محمد علي باشا كون هذا السودان لمصلحته ونحن كلنا ارضينا هذا التكوين وانا اعتقد ان الوجود السوداني مصر عليه بما فيه الجنوب الذي خرج منا،ولكن صحيح اصبحت لدينا مشكلة حقيقية وليست مقصودة او جهوية وهي ان هناك كتلة اسمها دارفور اغلبية على التركيبة كلها وهذه حقيقة ولكن لا يعني ان يكون للناس هيمنة او سيطرة،بالعكس انا اعتقد ان الشمالية ودارفور وغرب وشرق هذا كله بالنسبة لي سودان،وهناك من يرى هؤلاء كذا وهؤلاء كذا..نعم من ناحية هناك أناس موجودين ولكن هذا لا يعني ان هناك غلبة او تفكير معين.
دعني اكن معك صريحاً…؟
(مقاطعاً) ، نعم أنا عاوز الصراحة
انت تريد الصراحة..هناك من يفتكر انك عندما كنت موجود في الحركة الاسلامية لسنوات طويلة كنت قومي التوجه،ولكن في الفترة الأخيرة اصبحت اميل للإنغلاق ولو نسبياً على قضايا دارفور؟
هذه بالنسبة لي ليست مشكلة،وبالعكس كل قاضايا دارفور التي اثيرت في ابوجا وفي قطر وتمضي كلها انا اصلاً لم احضرها وضدها.
لكن قيل إنك تؤثر من وراء الكواليس؟!
(بحدة) مافي كواليس ياخي وايه الذي يجعلني ارسم من وراء الكواليس وانا موجود في المانيا وحر؟ وبالعكس انا سأقول لك كلام لن تصدقه،انا قلت للمرحوم خليل اذا اصلاً انت ذاهب الى ابوجا للأفارقة امشي الخرطوم لان الخرطوم افارقة اكثر من أي حتة اخرى،وقلت له لا تذهب للدول الاسلامية وان اردت الذهاب اليها اذهب الى السودان وهذا كان رأيي.
هل خليل وجبريل يستشيرونك كثيراً؟
موش يستشيروني،هناك نقاش يحدث ونحن بالخارج لدينا كل شيء مفتوح وشفافية كاملة والشبابيك ليس فيها ستائر.
لحدٍ كبير كان يتحدث الناس بأنك القائد الخفي لحركة العدل والمساواة؟
بالعكس…بالعكس..واختفي ليه يعني؟هذه كلها اوهام،والواحد يجد العذر للجماعة وناسنا هنا ماسكين ما قادرين يفهموا ان في هذا العالم هناك اشياء كثيرة جداً موجودة ولكن انا اعتقد فيما يختص بالقضايا المطروحة الان،وفيما يختص بقضية دارفور والمناطق الأخرى رأيي اقوله صراحةً،وبصراحة شديدة جداً ولكن ليس فيه أي نوع من الجهوية.
لماذا فاجأت الناس بمخاطبة جبريل ابراهيم لتأبين الترابي؟
أنا لم أفاجئ انا فوجئت بمخاطبته ولكن استفدت من خطابه وانا قلت في ذات الاتجاه ان ياسر عرمان تحدث معي وقلت له انا ذاهب للخرطوم وطلب مني ان ابلغ التعازي وفعلت،وأنا في الحقيقة لم أدعو جبريل لمخاطبة الناس،وبالمناسبة مني اركوي كتب نعياً وقال انه يريد ان يخاطب وكذلك عبد الواحد.
الآن كل الأطراف تبحث عن نقطة الحوار والتلاقي لأن السلاح لم يعد قادراً على تحقيق نفس الأهداف القديمة،هل تتفق معي؟
جداً.وانا اعتقد ان السلاح لن يحقق هدفاً قوياً واعتقد ذلك والسلاح ليس في نوعه ولا كميته يكفي سلاح واحد ونحن في القاعة أو الفندق وكلنا سنستسلم ولذلك افتكر لازم نكون عمليين في وقف الحرب.
احتمالات وأحاديث في الأوساط السياسية والإعلامية تتحدث عن احتمال وحدة قادمة بين الوطني والشعبي؟
نحن في السودان الآن لدينا مشاكل كثيرة ولدينا أولويات،وانا الصورة عندي واضحة.الأولوية اليوم والمشاكل الموجودة بيننا هي مشاكل السودان والأولوية أن نوحد السودان والاولوية ان نوحد السودانيين.وانا مدرك لأن السودان الذي نتحدث عنه ذاته نقص وأنا لا أريد الحكاية أن تتكرر.
هل وحدة الإسلاميين يمكن ان تساعد في الوحدة العامة؟
لا أعتقد ان وحدة الاسلاميين او غيره(وبعدين داير اقول ليك حاجة) الإسلاميين موحدون والبعثيين موحدون والشيوعيون موحدون وكذلك اليساريين،واذا كانت هناك حرية سيتوحد الناس اما الآن فلدينا مشكلة الحرية ليست موجودة كما ينبغي ولذلك وبمثل ما الطيور على أشكالها تقع.
(مقاطعة)..هنالك انقسام حقيقي بين المؤتمرين وبين الحركة الإسلامية،هذا واقع؟
(مقاطعاً) لا لا معليش ليست هناك حرية كاملة،اذا أتت الحرية الإسلاميين سيتوحدوا والعلمانيين كذلك وكل سرب يذهب لسربه.
كانت هناك ديموقراطية ثالثة وهذه الوحدة لم تتم؟
بالنسبة لي الأولوية وحدة السودانيين.
ماهو رأيك في وحدة الحركة الإسلامية؟
الآن ليست الأولوية
تأتي في المرحلة رقم كم؟
تأتي في مرحلة من المراحل،لكنها ليست الأولوية
لماذا كان الناس يتحدثون حتى وقت قريب بمسجد الجامعة ان من الوصايا المهمة للترابي وحدة الإسلاميين وكان هناك اتفاق وتفاهم حول هذا الأمر؟
(بصوت مرتفع) مع منو هم هسي؟يتحدثون عن الترابي وهو انتقل الى جوار ربه.وانا اقول ان هذا الحديث وقلته بحضور الترابي وبالعكس الترابي نفسه-رحمة الله عليه- هو الذي يقول لازم ننفتح على الآخرين موش ننغلق ونقعد،ولذلك أفتكر ان هذه الاولوية الى الآن انا متمسك بهذا الرأي وافتكر ان الإسلاميين سواء توحدوا ام لا فهذا ليس شأن السودانيين.
السودانيين ولأكثر من ستين عاماً لم يتوحدوا،فكيف سيتوحدوا بدعوة من المؤتمر الشعبي وكأن هذه الدعوة دعوة خيالية تعبر عن أماني ورغبات؟
مافي خيال..كل الحوار الذي نتحدث عنه حوار سياسي تأتي فيه بالمطلب او السقف ولكن في نهاية المطاف لا يذهب احد بما يريد وسيصل الناس لشيء مشترك
أليس هناك أي تفاهمات بين الإسلاميين لتوحيد بعضهم البعض؟
لا ادري بأي تفاهمات،وانا اعتقد ان الحديث الأساسي هو جمع السودانيين اولاً.
هل السودان مهدد بانقسام ثانٍ غير الجنوب؟
أكيد اذا لم ينتبه السودانيين الى ذلك،وأنا اعتقد أننا معولين على الحوار ليس لتوحيد الإسلاميين ولكن لكي نوحد السودانيين،واذا وحدنا السودانيين يمكن ان يعود الجنوب مرة ثانية.
البعض يرى انكم طرحتم مشروعاً غامضاً خباياه الداخلية غير معروفة وهو مشروع النظام الخالف وهو ذات فكرة نظام التوالي من حيث غموض الكلمة والتباسها؟
ليس هناك غموض،نحن نتحدث عن مآلات،وان هناك حرية والنظام الخالف الذي يتحدثون عنه يخلف عندما يكون هناك حرية في البلد.
يخلف من؟
يخلف الوضع الموجود مهما كان،وعندما تكون هناك حرية ادعوا كل الناس الى كلمةٍ سواء ولكن انا مستصحب ان بعض الناس سيأتوا وآخرون قد لا يأتوا.
هل النظام الخالف مختلف عن النظام الديموقراطي الليبرالي الحزبي؟
هذا توجه وافتكر انه توجه سليم ولا يمكن لحركة اسلامية موجودة في المجتمع السوداني ولا تكون لديها رؤى للمستقبل.
انتم تتحدثون عن توحيد السودان وفجأة تتحثون عن توحيد اهل القبلة؟
اهل القبلة موحدون في قبلتهم وكل شيء.
هناك تناقض وعدم وضوح في الرؤية؟
ليس هناك تناقضاً.قد يكون هناك اختلاف في الرؤى ولكن هناك وضوح وبالنسبة لأهل القبلة انت تعرف ان هناك مذاهب اربعة وهي التي تجمع كل اهل القبلة.
هل تريدون توحيدهم في حزب واحد؟
لا.لا نريد ان نوحدهم هم موحدون في مذاهبهم.
طيب هذا واقع ومقر ما هو الجديد؟
نحن لا نريد شيئاً خارج الواقع،وليس هناك جديد يخاف منه الناس.
ما هو الجديد في النظام الخالف؟
اهم شيء فيه ان المشاكل التي حدثت في السودان هي العظات والعبر مما حدث،وعندما نتحدث عن النظام الخالف نتحدث عن تاريخ السودان منذ البداية والانتكاسات التي حدثت.
نحن نتحدث الآن عن المستقبل؟
تتحدث عن المستقبل،ولكنك لا تتحدث عن المستقبل دون ان تكون لك معرفة بالماضي الذي هو امر مهم جداً،ولذلك انا اعتقد ان هذا هو المدخل الأساسي ولكن هذا كله يأتي في المرحلة الثانية عقب الحديث عن وحدة السودانيين.
حوار: ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني