> عزت وزيرة الصحة بولاية النيل الأبيض الستيرة الحاج أبكر أسباب استقالتها كما أوردت صحيفة «ألوان» أمس، إلى أنها تعرضت لضغوط من رئيس حزبها «الأمة القيادة الجماعية» لبيع الدواء الدوار لصالح تمويل الحزب «ليه ما عندهم اشتراكات ولا مشاريع». ثم أضافت قائلة إلى أنها قدمت استقالتها قبل أسبوع من صدور قرار إعفائها من الوالي. وكشفت عن ضغوطات من رئيس الحزب لإقالة مدير الدواء الدوار من منصبه، وقالت إنها «لن تأكل مال الحكومة» ولن تدخل في حرمة. وأعربت عن حسرتها بأنها كانت تحلم بترقية الخدمات الصحية بكل الولاية وقالت «المرتو ولدت عايز حق السماية والخسر في الانتخابات من الحزب عايز يسددو ليهو الخسائر». يعني إذا صح هذا الحديث فحزب الوزيرة عايز يحول الوزارة لتكية تمول الحزب وتحل مشاكل أعضائه الاجتماعية عشان كده كما قالت ضغط عليها وتمت إقالتها.
> وقبل حوالى عامين أو ربما أكثر، أجرت صحيفة «السوداني» حواراً مع كرم الله عباس والي ولاية القضارف السابق، فجر فيه كعادته العديد من المتفجرات دون أن يلقي بالاً لإسقاطاتها. وقلنا في مقال سابق إن الرجل لا يضع أي حسابات دفاعية يستند إليها، ولا يرى مآلات أقدامه على أرض المعارك المتتالية مع المركز أو الحزب أو الإعلام، وبدا كما السماراوي الياباني يمتشق سيفه ويقاتل جيشاً كاملاً دون أن يتحسس موقع قدميه ولا خارطة الانسحاب التكتيكي عند الضرورة. وإذا كان الولاة والسياسيون يتواءمون ويتناغمون مع خطاب الدولة التعبوئي والتنظيمي لحزبهم الحاكم، فإن السيد كرم الله لا يلقي بالاً لهذه المحاذير وتلك الخطوط الحمراء، وبهذه الروح الراديكالية نزع صمام الأمان من فوهة بندقيته وأطلق وابلاً من طلقاته نحو البنك الزراعي بالقضارف والمؤتمر الوطني عامة في ذلك الحوار. وقال «ان ديوان الزكاة تم تسييسه فمشكلة أي عضو في المؤتمر الوطني يتم حلها وهنالك 95% من هذا الشعب لا انتماء حزبي لهم». وأضاف هنالك أناس لا يملكون قيمة روشتة علاج في القضارف، وأناس يحل إعسارهم كما يدعون بعشرات الملايين، وكذلك وسائل الإنتاج لا تعطى للمستحقين لها، بل توزع سياسياً وعبر المذكرات، وأناس يمنحون الوابورات والبيوت والمواتر فهل يعقل ذلك» ثم قال «مزارعو القضارف يدفعون 92% من مال الزكاة، ونريد أن نعرف هل هي ذاهبة لمصارفها الحقيقية وسنجلس معهم بأدلتنا وشواهدنا حتى نعرف أين تذهب أموالنا، وإن لم نجد رداً هنا سنذهب إلى الأمين الاتحادي وسنصعد قضيتنا إلى رئيس الجمهورية «ما حنخليهم دي حاجات الله».
> بالطبع ما قاله كرم الله عباس، يستحق التحقيق والتثبت خاصة فالرجل أشار إلى أمثلة وشواهد وأدلة سيعرضها للمسؤولين، لأن الاتهام لم يطل مؤسسة عادية، لكنه طال مؤسسة تجبي الزكاة ومهمتها إنفاقها وفق أسس ربانية وليست بشرية حددها المشرع القانوني، فهو اتهمها بالمحاباة والتسييس وهي تهمة تستجوب التحقيق العاجل من ديوان الزكاة الاتحادي بل وزير الأوقاف، ووفقاً لتلك الاتهامات إذا صحت، فهذا يعني أن الفقراء والمساكين في الولاية يهضم حقهم بينما يستأثر بها بعض أصحاب الحظوة لأسباب سياسية.
> كذلك في حالات صحة ما ذهب إليه كرم عباس وما فضفضت به وزيرة الصحة بالنيل الأبيض المقالة، يعني أن الحزبين استقلا مؤسسات الدولة لصالح حزبيهما.
> أخيراً «يا والي النيل الأبيض كلام الوزيرة المقالة لو صاح العدل والقيم، بل المفاهيم الدينية كلها بتقول لازم ترجع تاني للوزارة». فهي تستحق عندئذ أن تستمر في منصبها لأنها رفضت أن تقدم مصالح الحزب وأفراده على الحق العام .