ابحث في مكة عن رجل اسمه صالح إمام، لأنه فاعل خير من طراز نادر، واجلس إليه بضع دقائق وستخرج من عنده وأنت أغنى أغنياء العالم، قم، توكل على الله واسع لمقابلته، وقل له إنك من «طرف» جعفر عباس الذي يبوس ولا ينباس، وسيقوم بالواجب نحوك، وقد اكتشفت أمر هذا «الصالح» بعد تداول عشرات الأشخاص عبر البريد الإلكتروني كلامًا جميلا له، خلاصته ما قاله الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي: كم تشتكي وتقول إنك معدم/ والأرض ملك والسما والأنجم/ ولك الحقول وزهرها وأريجها/ ونسيمها والبلبل المترنم/ والماء حولك فضة رقراقة/ والشمس فوقك عسجد يتضرم/ والنور يبني في الحقول وفي الذرا/ دورًا مزخرفة وحينا يهدم/ هشت لك الدنيا فما لك واجما/ وتبسّمت فعلام لا تتبسم؟
يقول صالح إمام – أصلح الله حاله كمان وكمان – إن عدد المليارديرات في العالم يبلغ 587 (يعني أقلية مضطهدة)، وطبعًا بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت من بينهم، ولكن المسكين يمر بأزمة مالية طاحنة وأوشك على الإفلاس! فرصيده المصرفي صار فقط 74 مليار دولار (74000000000)، ورغم حاله البائس هذا فقد تبرع بنحو 40 مليار دولار للأعمال الخيرية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية
دعكم من أصحاب البلايين، زادهم الله من نعيمه، ودعونا ننزل لـ «مستوانا»: تعداد البشرية نحو سبعة بلايين منهم بليونان يعيشون تحت خط الفقر، أي يعيشون على نحو ثلاثة دولارات يوميا، ويقول صالح إن الكثيرين من أهل الخليج يشكون من الفقر، بينما هم وبطريقة التفكير الإيجابي يعدون من الأثرياء، فإذا كان دخلك الشهري لا يتعدى 300 دولار أمريكي مثلاً فهناك أكثر من خمسة بلايين شخص أكثر منك فقرًا، أما إذا كنت «مبحبحًا» وتتقاضى 1500 دولارا شهريًا فإنك من الناس اللي فوق على مستوى الكرة الأرضية لأنّ هناك خمسة بلايين وستمائة مليون شخص أكثر منك فقرًا بل ستكون من بين أغنى 13,34% من سكان العالم،.. وهناك مفاجأة سارة للبعض منكم: إذا كان راتبك 4 آلاف دولار شهريًا فأنت تنتمي إلى أغنى أغنياء العالم الذين يمثلون 1% فقط من سكان كوكبنا
يعني تستطيع أن تقول بقلب جامد إنك تنتمي إلى نفس الشريحة التي ينتمي إليها جعفر غيتس والأمير الوليد بن طلال.. إذن لا معنى للتكشيرة التي جعلت في وجهك أخاديد كتلك التي في الأكورديون، وتجعل ملامحك مزيجا من فاروق الفيشاوي وشعبولا، وارفع رأسك منتشيًا ولكن لا تمش في الأرض مرحا ولا تنس أصحابك لأنك انتميت إلى تلك الشريحة من الناحية «الإحصائية»!
طيب هب أن راتبك دون الـ1500 دولار، وأنك تملك بيتًا ولديك ما تحتاجه من طعام عادي: هذا يجعلك ضمن أغنى 75% من سكان العالم. وإذا لم تسافر قط إلى بلاد بره في إجازة فلا تنس أنك تقوم بجولة مجانية سنوية حول الشمس على الدوام، وإذا كنت لا تعاني من مرض مزمن فأنت أفضل حالاً من مليون شخص يهلكون كل أسبوع بسبب تلك الأمراض، وإذا لم تكن عراقيًا أو فلسطينيًا أو سوريا فحالك خير من حال نصف مليار نسمة يعانون من الحروب والتعذيب والسجن، وإذا كان أبواك على قيد الحياة ويعيشان سويًا فأنت من صنف نادر في الوجود، وإذا كنت تقرأ هذه السطور فأنت تملك ثروة عظيمة هي البصر والقدرة على القراءة! أليس كلام صالح إمام يشرح الصدر أكثر من كلام عادل إمام؟