رغم اعتراف الكل بالدور الكبير الذي تعلبه الأم في حياة أبنائها، برعايتهم وحمايتهم من مخاطر الظروف وقسوتها، ورغم تقاعس بعض الرجال في أداء دورهم الأسري في بعض الأحيان، إلا أن هناك بعضاً من القوانين المجحفة وضعها المشرعون والمجتمع أمام المرأة فقط لأنها مرأة.
ورغم أن المرأة هي (الأم، الأخت، الحبيبة، الزوجة، الابنة)، إلا أنها وقت الخلاف تتحول إلى مجرد أنثى، ولا ينظر لها بعدالة، ورغم الإحباط تطل علينا إشراقات من هنا وهناك، فمطلع الأسبوع عد ديوان المظالم والحسبة العامة حرمان الأم المنفصلة عن زوجها من السفر بالأبناء للخارج، إلا بإذن طليقها انتهاكاً لحق النساء، وظلماً قانونياً وليس إدارياً، وشكلت لجنة لمراجعة وإعادة النظر في البند المشار إليه بقانون الأحوال الشخصية لسنة (1991)م.
مراجعة وتعديل
قانون الأحوال الشخصية لسنة (1991)م، الذي يستصحب لدى تطبيقه المبدأ الفقهي (الضرر يزال) تحتاج بعض بنوده لمراجعة وتعديل أو تغيير باعتراف الجميع، لأنها تضر وتظلم المرأة كثيراً، لكن المادة (119 -1) نصت على أنه لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون، خارج القطر، إلا بإذن وليه، ولم تحدد نوع الحاضن، وقد يكون الحاضن رجلاً أو امرأة، إذن من أين أتت تلك القوانين الخاطئة، وباتت تمارس حتى صارت قانوناً من غير أن تكتب؟ وما أثر ذلك القرار على المجتمع؟
مراعاة مصلحة الأطفال
لا ينظر رئيس قسم العلوم النفسية بجامعة أفريقيا العالمية د. نصر الدين الدومة إلى هذه القضية بمعزل عن قضايا الطلاق والآثار الناجمة عنه، لاسيما تلك التي تحدث في ظل وجود أطفال. وقال: “يجب التعامل مع تلك المواضيع بحذر، خاصة وأن تلك القضايا تختلف حالاتها وظروفها الاجتماعية، فهناك أطفال يحتاجون لرعاية مباشرة من الأم وهناك أبناء كبار يعتمدون على أنفسهم”. وأضاف: “أما من ناحية حقوقية، فإن الطلاق تم بين الزوجين فقط، لذلك تحتاج القضية إلى إيجاد آلية تضمن الوضع الطبيعي للأبناء، ومراعاة مصلحتهم الفضلى، وأن لا تحدث ضرراً للطرفين”.
الوصول لقرار
وأكد د. نصر الدين ضرورة إخضاع هذا القرار إلى نقاش مستفيض لسد الثغرات والوصول إلى صيغة تضمن للطرفين حقهم في التربية، ولاسيما أن مدرسة علم النفس تهتم بهذه الناحية. وقال: “لدى التحاور المشترك بين الخبراء والمختصين لابد أن يناقشوا إلى أين تسافر وما هي ضرورة ذلك، وهل هي أجنبية؟”. ومضى قائلاً يجب مناقشة كل الأمور وبكافة جوانبها ومن ثم الوصول إلى صيغة منطقية تراعي الجوانب الأمنية وتعالج الآثار السالبة التي يمكن أن تحدث مستقبلاً، مع الوضع في الاعتبار مراعاة التجارب من حولنا”. وأضاف: الحقيقة لا أدري مدى واقعية هذه المسألة، لكنها تحتاج لانتباه ووعي أثناء مناقشتها، وفي النهاية هناك مؤسسات تشريعية تؤدي عملها وفقاً للأسس المعروفة، وبالتالي الوصول لقرار صائب، بجانب الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين والوزارات المختصة بجانب الجهات الأمنية.
تأشيرة وزارية
فيما تقول المحامية نون إبراهيم كشكوش إن القانون بريء من ذلك، ولم تحدد أي مادة أو بند فيه المرأة على وجه الخصوص ومنعها من السفر بأبنائها إلى أي مكان، حتى إن المادة (119 -1) من بند الحاضن في قانون الأحوال الشخصية لسنة (1991)م لم تفرق في المنع بين المرأة والرجل في هذا الشأن. وأضافت: بينما تقع مسؤولية ذلك على المناشير والتوجيهات الصادرة. وقالت موضحة: “إن ذلك الأمر يتم وفقاً لضوابط التأشيرة في الإجراءات الصادرة من وزير الداخلية سواء أكانت المرأة مطلقة أم لا، لا يجوز لها أن تستخرج جواز إلا بأذن زوجها أو ووالدها، وبالنسبة للأولاد إلا بإذن والدهم أو عمهم، ولا تتحصل على تأشيرة خروج إلا بإذن المذكورين أعلاهم أو المحكمة”، لافتة إلى أنه نص غير دستوري، وفي عام (2004 – 2005) سمح للمرأة السودانية فوق الأربعين والفتيات دون الخامسة عشرة بالسفر دون تأشيرة. واستنكرت نون هذه المطالبة لعدم وجودها في القانون أصلاً. ولفتت إلى أن مثل هذه التأشيرات الداخلية هي ما تساهم بشكل مباشر في ازدياد نسب الطلاق وارتفاع نسب قضايا الأسرة بالمحاكم.
زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي