في أول مؤتمر صحفي للشعبي بعد وفاة الشيخ .. علي الحاج والترابي (الجديد) نواب للسنوسي

في أول مؤتمر صحفي للشعبي بعد وفاة الشيخ
علي الحاج والترابي (الجديد) نواب للسنوسي
السنوسي: الحوار ليس للمحاصصة ولم نضع سيناريو ماذا نفعل حال فشله
البشير بكى وبكينا معه
علي الحاج: هذا الكلام غير صحيح وقيادة الشعبي لا تحتاج لمشورتي لاختيار الأمين العام.
السنوسي: لا أدري إن كان كمال عمر غائباً أم حاضراً.

بعد مرور ستة عشر يوماً على رحيل الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن عبدالله الترابي، كشفت قيادة الحزب الجديدة استراتجيته في الفترة المقبلة، ونصبت خيمة المؤتمر الصحفي في جانب قصي من دار المؤتمر الشعبي الذي اكتسى بريقه وسحره من الترابي الذي شغل الأوساط الصحفية حياً وميتاً، وبمثلما اكتسب الحزب فاعليته من أمينه العام الراحل كذلك اكتسب المؤتمر الصحفي بريقه من كونه أول مؤتمر صحفي يعقد في مقر الشعبي بعد وفاة الترابي.
المشهد الداخلي لساحة خيمة المؤتمر لم يكن ينبئ بشيء سوى الهدوء التام بالرغم من احتشاد غالبية قيادات المؤتمر الشعبي وبدا واضحاً أن الحزب يحاول ملء الفراغ العريض الذي خلفه زعيمه الراحل الترابي، بإظهار التماسك والتنظيم، بيد أن دموع السنوسي غالبته حزناً على الترابي، قبل أن يتمالك نفسه لإكمال حديثه.

غياب كمال عمر
توسط السنوسي الأمين العام الجديد للحزب المنصة، وجلس على يساره سليمان حامد، وعلى يمينه نائبه د. علي الحاج محمد، الا أن الأنظار اتجهت جميعها إلى الرجل الرابع الذي يجاور علي الحاج، قبل أن يعلن السنوسي عن تعيين الدكتور أحمد إبراهيم الترابي نائباً للأمين العام، وهو التغيير الكبير الذي حدث في كابينة قيادة المؤتمر الشعبي منذ سنوات خلت، بينما كان الغائب الأوحد في المؤتمر الصحفي كمال عمر الأمين السياسي الذي ظلت الأعين تبحث عنه، وكذلك غاب الأستاذ عبد الله حسن أحمد الذي يتلقى العلاج بمستشفى رويال كير.

الترابي حاضراً
بدأ الأمين العام للشعبي إبراهيم السنوسي حديثه بتعديد مآثر الفقيد، واستعرض الوفود التي شاركت في تقديم العزاء من خارج وداخل البلاد، وكشف عن تلقي الحزب رسالة من الرئيس التركي أردوغان، والأمير حسن بن طلال (البحرين) والرئيس النجيري السابق وراشد الغنوشي وخالد مشعل إلى جانب القائم بالأعمال الأمريكي، وأشار الى أن الحزب تلقى رسالة من مسلمي موزمبيق ذكروا فيها أن 60 مسجداً أدت صلاة الغائب على الترابي.
وأثنى السنوسي على رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وقال إنه زار الراحل بالمستشفى وأضاف: جاء الينا في منزل الترابي وكان منفعلاً وزاره للمرة الثالثة، وامتدح جهود والي ولاية الخرطوم الفريق عبد الرحيم محمد حسين وأجهزة الولاية لقيامها بتأمين وتنظيم مراسم التشييع.

وأعرب السنوسي عن امتنانه عن شكره للأحزاب وقيادات الإدارات الأهلية والطرق الصوفية وقال حضر قادة الأحزاب للتأبين ونقدر لهم ذلك.
وأثنى للمرة الثانية على الطرق الصوفية لتنظيمها 352 ختمة لروح الترابي، وأضاف: أبلغونا بأنهم قرأوا سورة الإخلاص أكثر من مليون مرة، والصلاة على الرسول (ص) مليار وأبدى انبهاره بذلك وقال: هذا لا يمكن أن يحدث لشخص عادي وهذا من فضل الله على الفقيد، واختتم السنوسي ثناءه بشكر الشعب السوداني وأضاف رأيت رجالاً يبكون والنساء زاحمن في التشييع.

أحزان الكرسي:
وظهرت علامات التأثر على السنوسي حينما قال: عند جلوسي على كرسي الترابي شعرت بحزنه عليه، وأردف: حتى الأمكنة والكراسي تحزن لغياب شاغليها وعلت تكبيرات وتهليلات الحاضرين.

خارطة الطريق:
ونفى وقوع خلافات داخل الشعبي بعد رحيل الترابي وقال: (إن الراحل ترك لنا منهجاً وخطاً تنظيمياً نسير عليه ويشكل خارطة طريق بالنسبة الينا)، وأكد الأمين العام التزامهم بذلك النهج، مؤكداً بأنه على الرغم من مشاركة عشرات الآلاف من المشيعين، لم يحدث ارتباك في الخدمات والنظام واعتبرها واحدة من مقدرة الشعبي على ترتيب الصفوف.

انتقال سلس:
ونوه الى أن النظام الأساسي للحزب حدد كيفية ملء منصب الأمين العام للحزب مما أدى إلى تجنيب الحزب حدوث خلافات في مسألة الخلافة.

سنوات المعارضة والابتلاءات:
وحول التطورات الأخيرة بالحزب وخروجه من المعارضة عقب موافقتهم على مبادرة رئيس الجمهورية التي دعا فيها للحوار الوطني قال السنوسي: كنا في المعارضة ردحاً من السنوات وكان حظ الترابي من الابتلاءات أعظم من جميع قيادات الشعبي وأضاف لم يلن أو ينكسر وظل يجادل بالحسنى ويصبر على الأذى وهذا ما خلفه لنا، وأضاف: كنا في المعارضة حتى جاءت مبادرة الرئيس التي وافقنا عليه استناداً على فقه الراحل الذي اعتبر أن الدعوى للحوار بمثابة التحية فرد عليها الشعبي بأحسن منها، ووصفها بأنها جنوح نحو السلام.

تناسي المرارات:
وحول قبولهم للحوار قال السنوسي: (دخلنا الحوار بقلب مفتوح متناسين كل المرارات والجراح حتى يبلغ الحوار مداه وأكد أن الحوار سيكون حوار شاملاً وليس من أجل المنافسة أو المحاصصة أو المغالبة وتابع: (الحوار ضم بعض الأحزاب والحركات وسنسعى لنضم المعارضين وحملة السلاح).

الخروج من الورطة:
وفيما يتعلق بعلاقات الحزب مع بقية الأحزاب قال: سننسق معها سواء أن كانت في الحكومة أو المعارضة لمصلحة السودان والإسلام، ونريد أن نصبح شركاء في العملية السياسية لتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة من خلال الاتصال بالحركات المسلحة ولرفع المظالم عن المناطق المهمشة التي رأى أنها يجب أن تأخذ نصيبها من السلطة والثروة بجانب منحها التميز الإيجابي.

وأضاف: نحن حريصون على توطيد علاقاتنا مع الأحزاب لما رأيناه من تضامنهم معنا بعد رحيل الترابي، وأكد رغبتهم في التعاون للخروج من الأزمة والحروب التي تجري في بعض الولايات والاحتقان السياسي الذي تعاني منه البلاد.
وجدد تمسكهم بأن يكون الحوار مباشراً بدون تدخل أجنبي على أن تقدم فيه مصلحة البلاد على مصالح الأحزاب والأفراد بجانب كفالته للحريات والحقوق بجانب تفعيل حكم الشورى والديمقراطية والانتخابات الحرة، وكشف عن تمسكهم بإعادة انتخابات الولاة انتخاباً مباشراً حراً وكذلك المعتمدين ورؤساء الحكم المحلي وصولاً الى حكم نيابي يخرج منه الدستور.

التوجهات الخارجية:
وحول توجهات الحزب في العلاقات الخارجية أكد أن تستند على وحي ومارسمه الترابي وعلاقاته الخارجية وقال: تصورنا لعلاقاتنا الخارجية أن تكون عالمية وأضاف: رسائلنا لن تنقطع وسنسعى لإيقاف الحروب وسفك الدماء في المنطقة العربية والإسلامية لمساعدتها في استعادة الحكم الرشيد والحريات في المنطقة واستدرك قائلاً: دون التدخل في شؤون تلك الدول الداخلية).

زوال إسرائيل:
وأعلن عن تمسك المؤتمر الشعبي بالقضية الفلسطينية وقال نحن نقف مع القضية الفلسطينية ونحن مع ضرورة زوال إسرائيل لاغتصابها الأراضي الفلسطينية.
وأكد سعيهم لتحقيق الوحدة السياسية في أفريقيا والتنسيق مع الدول الأفريقية لتحقيق التكامل في المجال الاقتصادي والمجالات الأخرى ودعا لفتح الحدود بين الدول الأفريقية لاسيما المجاورة.
وأعلن السنوسي عن سعيهم لتحسين العلاقات مع الغرب ورفع العقوبات الأمريكية والتعاون مع كافة المحافل الدولية من أجل تحقيق السلام الاجتماعي.

نصيب المواطن:
وكان نصيب المواطن من المؤتمر الصحفي تعهدات السنوسي بأن يسعون بعد الحوار لتحسين معاش الناس وضائقتهم المعيشية التي يعانون منها.

تفاصيل الاجتماع الأول:
وكشف الأمين المؤتمر الشعبي عن تفاصيل أول اجتماع بعد وفاة الترابي ووصف حضور جلسته بأنها غير مسبوقة وقال: حضر كل القيادات باستثناء 4، اثنين منهم غياب لظروف سفرهم وآخرين بسبب المرض، وأضاف طبقاً للنظام الأساسي للحزب وبعد مناقشة الأمر توصلنا إلى تسمية المناصب الشاغرة وتم بالإجماع اختيار د. علي الحاج نائباً، ود. أحمد الترابي نائباً ود ثريا يوسف نائباً وأوضح أن النظام الأساسي للحزب حدد أن يكون مع الأمين العام ثلاث نواب، بجانب اختيار أمناء جدد وهم أدريس سليمان أميناً للمغتربين والحركات الإسلامية، وصديق الأحمر أميناً للمال وتم اختيار مقرراً جديدا للأمانة العامة وهو عبدالرحيم يعقوب العالم، وعندما وصل الأمين العام للحزب للحديث عن القيادي عبد الله حسن أحمد الذي يرقد طريح الفراش بمستشفى رويال كير قال: أتمنى من الله أن يشفيه ويقيله من عثرته.

أمناء بلا أعباء:
وأعلن السنوسي عن اختيار أمناء جدد بلا أعباء وهم د. سيف الدين محمد أحمد، تاج الدين بانقا، ونوه إلى استمرار بقية الأمناء في مناصبهم.
ملفات بيد السنوسي:
وكشف الأمين العام للشعبي عن توليه ملف الحوار بنفسه. وبرر ذلك قائلاً: (فيما يختص بالحوار والتنسيق العام والمؤتمر العام القادم للحزب تم تكليف الأمين العام للحزب بها لأنها تحتاج الى دراسات وتخطيطات لم تكتمل بعد).

تجنب ولكن:
النصف الأول من المؤتمر بدا وكأنه يبتعد عن القضايا محل الخلاف بين الشعبيين والتي شغلت الرأي العام كثيراً بعد وفاة الترابي الا أن سهام الأسئلة الساخنة من قبل الصحفيين اضطرت السنوسي لمواجهتها بالرغم من أنه فيما يبدو أعد نفسه جيداً للمؤتمر بدءاً بكلمته المكتوبة.
وقال في رده على سؤال حول السيناريوهات التي أعدها الترابي حال فشل الحوار لعدم التزام الحكومة بتنفيذ مخرجاته، قال: نحن لسنا متشائمين حتى نعد أنفسنا حال فشل الحوار وليس لدينا أي احتمال لذلك ولهذا لم نضع تصوراً، وأضاف: نحن لا نستطيع الحكم على عدم التزام الوطني بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

نفي المصالحة:
ونفى السنوسي علمه بما أثير حول المصالحة بين الترابي ونائب رئيس الجمهورية السابق علي عثمان محمد طه واكتفى في رده على ذلك بقوله: (لم أحضر لقاءً بين طه والترابي ولا علم لي بذلك).
وأقرّ بوجود معارضين للحوار داخل صفوف الشعبي وقال: وجود تيار معارض للحوار داخل الحزب شيء طبيعي لأن استنباطات عقولنا مختلفة وأضاف: حزبنا ملتزم بمبدأ حرية الرأي ونتيح لأي عضو حق الرفض والانتقاد، إلا أنه استدرك ونفى علمه بالتيار المعارض للحوار، وقال: لم أسمع بذلك ولا أعرف عن ذلك.
وقلل مما أثير حول اجتماع الترابي بمساعد رئيس الجمهورية ونائبه لشؤون المؤتمر الوطني إبراهيم محمود وقال: إن الاجتماع تنسيقي يتم مع كل الأحزاب المشاركة في الحوار والتي من بينها المؤتمر الوطني وأضاف: لم يتطرق فيه أحد لتقديم أي تنازلات.

دموع الرئيس:
وفي رده على سؤال حول ما رمى اليه بتأكيداته أن الرئيس جاء منفعلاً بعد وفاة الترابي وما إذا كان ذلك رداً على الاتهامات التي وجهت للحزب الحاكم بأنه طلب من الرئيس أن لا يحضر تشييع الترابي تجنب السنوسي الخوض في الرد على الملاسنات التي حدثت بين شباب الشعبي والوطني بسبب ذلك وقال: (الرئيس لديه مشاعر إنسانية وهذا أمر طبيعي وعندما جاء الرئيس للعزاء بكى وبكينا معه).

الاجتماع الطارئ:
وارتبك السنوسي خلال المؤتمر الصحفي مرتين وظهر ذلك من خلال إجاباته على السؤالين المتعلقين بالاجتماع الطارئ الذي عقده الحزب عقب وفاة الترابي مباشرة والثاني حينما استفسر الصحفي علي الدالي عن أسباب غياب الأمين السياسي للحزب عن المؤتمر الصحفي كمال عمر وكانت المفاجأة أن الأمين العام للحزب لا يدري إن كان الأمين السياسي غائباً وتحجج بالكاميرات الفضائية التي تراصت في منتصف الخيمة وقال السنوسي: (لا أدري إن كان كمال عمر غائباً أم حاضراً، لأن الكاميرات تمنعني من رؤيته).

خبايا الاجتماع الطارئ:
وقال في رده على سؤال مندوب قناة أمدرمان عبد الناصر الحاج حول الاجتماع الطارئ الذي اتهمت فيه الأمانة العامة باستعجال انعقاد الاجتماع لتنصيبه أميناً عاماً للحزب قبل عودة نائب رئيس الحزب د. علي الحاج للبلاد قال السنوسي أؤكد أنني لم أحضر هذا الاجتماع وكنت في غرفة الفقيد واجتمع هؤلاء الإخوة وأحال السؤال إلى القيادي بالحزب محمد الأمين خليفة لترؤسه ذلك الاجتماع والذي أقر بدوره بانعقاد الاجتماع الطارئ بعد وفاة الترابي وقبل أن يصل علي الحاج للبلاد، وقال إن الاجتماع شارك فيه كل أعضاء الأمانة العامة باستثناء 3 فقط هم السنوسي وكمال عمر وتاج الدين بانقا لملازمتهم للراحل بالمستشفى واعتبر أنه من أهم الاجتماعات لأنه تم فيه وضع البرنامج المستقبلي للحزب، وتابع: ترأست الاجتماع لتأخر نائب الأمين العام للحزب ثريا يوسف التي طلبت مني أن أستمر في إدارة الاجتماع بعد انضمامها اليه واتفقنا على كيفية إدارة الأزمة وكونا لجنة خاصة حال وفاة الترابي برئاسة بشير آدم رحمة وأشار إلى أن الاجتماع وضع أسساً واضحة لاستمرار تماسك الحزب وألا ينقلب على عقبيه وجددنا ضرورة المضي في الحوار واستمرار الاستعدادات لاجتماع هيئة الشورى والمؤتمر العام وترتيب الجانب المالي حال وفاة الترابي.
وبرر تنصيب السنوسي بسبب وجود د. علي الحاج بالخارج ومرض نائب الأمين العام للحزب عبد الله حسن أحمد وأضاف لم يتبقّ من النواب سوى السنوسي ومن الطبيعي اختياره لأنه الوحيد المتاح.

ثورة علي الحاج:
وفي رده على سؤال مراسل الشرق الأوسط أحمد يونس حول ما نسب لعلي الحاج بأن الشعبي لم يبلغه باختيار السنوسي رد الحاج ثائراً (هذا الكلام لا أساس له من الصحة لأن قيادات الشعبي لا تحتاج لمشورتي لأن الأمر مرتب مسبقاً وبدت إجابته متناقضة حين قال: (عندما اتصل بي أحدهم ليبلغني بما حدث استحسنت ذلك)، وأكد عدم صحة ما ورد على لسانه وقال: هذا ليس صحيحاً وما هو الفرق بيني وبين السنوسي وبين أحمد وسيد أحمد (وهذا أمر مفروغ منه)، وأردف: (عندما قررت العودة للبلاد لم يكن أحد يعلم بذلك وعلمت بالاجتماع من وسائط الاتصالات) وزاد: (المرجفون يقولون مالا نقول).

الخروج من الورطة:
وفي رده على سؤال حول وحدة الإسلاميين قال السنوسي: (حركتنا تقوم على وحدة الأمة التي نادى بها سيدنا إبراهيم عليه السلام وأتمها الرسول (ص) ونحن لسنا مع وحدة الإسلاميين فحسب وإنما وحدة أهل القبلة وأضاف لا حرج علينا بالنسبة لوحدة الإسلاميين لكن نحن قلنا نريد أن تنداح الوحدة الى كل الإسلاميين والوطنيين حتى نخرج السودان من الورطة التي هو فيها).

محمد أمين يس _ سعاد الخضر
صحيفة الجريدة

Exit mobile version