التقرير الذي نشره موقع “خبرني” الإلكتروني عما حدث مع الطلاب الأردنيين في السودان، الذين ذهبوا للحصول على شهادة الثانوية العامة هناك، مثير وعلى درجة كبيرة من الأهمية.
وفقاً للتفاصيل، فإنّ هناك سمسارَين قاما بـ”الزج” بالطلاب في المدارس السودانية، لسهولة نيل شهادة الثانوية العامة هناك. ورفع السمساران قيمة أسعار القبول في المدارس للحصول على الشهادة إلى 5 آلاف دولار للطالب الواحد. لكن المشكلة بدأت عندما تم تسريب الأسئلة لطلاب دون آخرين، ما أدى إلى مشاجرات عنيفة بين الطلاب الأردنيين أنفسهم، واختطاف أحد الطلاب، وتعذيبه، وتحميله مسؤولية كشف تسريب الأسئلة لطلاب دون سواهم، ما أدى لاحقاً إلى تدخل الأمن السوداني واعتقال عشرات الطلاب الأردنيين، والإفراج عن عدد منهم بعد ذلك، وإلقاء القبض على أحد السمسارين، فيما ما يزال الآخر مختفياً.
الدكتور ناصر المعايطة، ممثل الجامعات السودانية في الأردن، كشف لـ”خبرني” جزءاً كبيراً من “الفضيحة الأردنية” في السودان، إذ يصل عدد الطلاب الأردنيين هناك إلى 700 طالب. وقد قام السمساران بتسجيل نسبة كبيرة منهم ليس في مدارس سودانية، بل في مدرسة ليبية في السودان. وتضع المدرسة نفسها 40 % من العلامات وتترك للامتحان “الوطني” نسبة 60 %، أي إنّها تتحكم بجزء كبير من النتائج، فيما النتائج الأخرى قد تأتي غالباً عن طريق التسريب، ما جعل المدرسة تقبل عدداً كبيراً من الطلاب الأردنيين، لأسباب مالية، بعد أن رفعت الرسوم بنسبة كبيرة لتصل إلى 2000 دولار على الطالب!
المهم في الموضوع أنّ المعايطة أكّد أنّه تمّت بالفعل ملاحظة الزيادة غير الطبيعية المفاجئة في عدد الطلاب الأردنيين في السودان، وأنّه تمّ إبلاغ السفارة هناك بذلك، وكذلك الأمر وزارة التعليم العالي، وهم يتابعون اليوم الموضوع الذي تدخّل فيه النواب -كعادتهم- للضغط على وزارة الخارجية للمطالبة بالتدخل لدى السلطات السودانية لمصلحة الطلاب المسجونين لتقديم بقية الامتحانات!
وفقاً لخبر “الغد” أمس، قامت وزارة التربية والتعليم قبل أشهر بتحذير الأردنيين من شهادات ثانوية عامة في الخارج تخالف التعليمات وغير معترف بها، فلماذا لم تتم الإشارة إلى هذه المدارس ويتم تبليغ الأهالي بصورة واضحة غير ملتبسة بأنّ هذه المدارس تحديداً غير معترف بشهاداتها؟!
ثمّة حلقات مفقودة حدث فيها تقصير مسؤولين أو تهاونهم أو عدم اتخاذهم القرار الصحيح. وإذا كان الأمر غير ذلك؛ فإن الرأي العام الأردني يطالب المسؤولين بتوضيح الخطوات التي اتخذت من قبلهم باستثناء البيان المشار إليه الذي جاء عاماً فضفاضاً!
القصة مهمة، لأنّها تذكرنا بكوارث البورصات، والبيع الآجل في وادي موسى، إذ بقي المسؤولون صامتين حتى وقعت الكارثة، ودفع المواطنون المغرر بهم ثمنها. فمن المفترض أن تتم محاسبة المسؤول الصامت غير المبالي أو السلبي، وأن تكون هذه ثقافة وفلسفة في الدولة، أو في الحدّ الأدنى معرفة أين وقع الخطأ في الإجراءات الحكومية، لا أن تمرّ هذه القصة من دون محاسبة أو مراجعة، وكأنّ المسؤولين غير معنيين والدولة خارج التغطية!
*ملحوظة: في مقالي أمس، كتبت عبارة بأن اعتصام طلبة الجامعة الأردنية ضد رفع الرسوم خدم -قد يكون من غير قصد- عدم تجديد عقد رئيس الجامعة.
وهنا ضروري أن أوضح أنّ وجهة نظري بأن الاعتصام لم يكن ضمن أجندة معينة ضد رئيس الجامعة، لكنه قد يكون استُخدم من قبل بعض المسؤولين. وهناك فرق كبير بين الحالتين كما تعلمون.
بقلم: محمد أبو رمان