> النسخة الثالثة من القمة الإعلامية العالمية لقادة الإعلام والصحافة، تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة، بعد أن نالت بكين قصب السبق في تنظيم النسخة الأولى في أكتوبر2009م، وموسكو النسخة النسخة الثانية في يونيو 2012، نظمت شبكة الجزيرة الإعلامية، هذه القمة بمشاركة ثلاثمائة وخمسين إعلامياً وخبيراً من مائة دولة من كل أرجاء المعمورة، يمثلون رؤساء ومديري المؤسسات الإعلامية الدولية، مثل وكالات الأخبار كـ( شينخوا الصينية، ورويترز، وانترتاس الروسية)، (واسيتوبرس) الأمريكية، و(البي بي سي)، وشبكات التلفزة العالمية والمنظمات الإخبارية ومؤسساتها، وخصصت القمة العالمية للإعلام نسختها الثالثة لموضوع على درجة كبيرة من الأهمية، وهو مستقبل الأخبار والمنظمات الإخبارية.
> تناقش الاجتماعت المكثفة التي انطلقت مساء أمس من مقر انعقادها بالدوحة، قضايا مستقبل الإعلام في العالم ومؤسساته وإصلاح ما يسمى بالنظام البيئي الإعلامي، والنظر في التحديات الكبيرة التي باتت تواجه الإعلام والصحافة بعد الانفجار الهائل في تكنولوجيا الاتصالات ونشوء إعلام جديد يستطيع بسرعة هائلة السيطرة على الرأي العام وصناعة اتجاهاته وتوجهاته وصياغتها.
> وسبقت القمة.. المؤتمر العام للمعهد الدولي للصحافة، وهو حدث إعلامي كبير يحدث لأول مرة في المنطقة، شعاره كان (الصحافة في خطر)، تبارى فيه كبار الخبراء وقادة الصحافة العالمية ومراصدها ومنظمات حماية الصحافيين من أيقونات الربيع العربي مثل الصحافية والناشطة السياسية اليمينة توكل كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، وعدد من صحافيي الجزيرة الذين اعتقلوا في مصر والصحافي السوري مازن رويش الذي كان معتقلاً في سجون النظام السوري، تبارى كل هؤلاء في طرح الكثير من الآراء والأفكار والتقارير حول الأوضاع الصحافية في العالم وما يواجه الصحافيين من مخاطر تصل إلى حد القتل والاغتيال والاختفاء القسري والسجن والاعتقال والخطف والإيقاف عن العمل والتهديد، ثم النظر في كيفية ابتداع الأساليب التي تمكن الصحافة من للنجاة من المخاطر التي تهددها..
> هذا بغير الصعوبات الأخرى التي تواجه الصحافة.
> في نقاشات القمة الإعلامية ومن سبقها ويرافقها من مؤتمرات مهدت لها، يتراءى للمتابع أن القضايا التي تثار في شأن تطوير وتحديث مستقبل الإعلام، هي قضايا كونية مشتركة. فالإعلام التقليدي والصحافة الورقية والمرئية عبر التلفاز والمسموعة عبر المذياع، تواجه كلها معضلات واقعية وعملية صنعها الفضاء الافتراضي والمرائي المتخيلة بالخيال الإعلامي الجديد، لا فرق في الإحساس بهذا الهم بين دول العالم الأول وعالمنا النامي في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. فالإنترنت وما صنعه من واقع افتراضي أشبه بالواقع السحري، وسع من مجالات الإعلام وقلب نظرياته وهتك الأستار وأزال السدول وأماط كل لثام عن وجه الحياة ووقائعها اليومية، ولم تعد الأوعية الإعلامية التقليدية الاحترافية او المحترفة هي وحدها السابحة في فضاء الإعلام، فقد زاحمتها أنماط جديدة، جعلت من عملية تبادل ونقل المعلومات والبيانات عملية مشاعة ملقاة على قارعة الطريق، وبإمكان كل فرد في العالم من أن يقوم بها في ثوانٍ معدودة دون الحاجة إلى فحص المعلومات والأخبار والتحقُّق منها والتثبُّت من صحتها. ونشأت من ذلك إشكاليات مهنية عميقة أصابت الجهاز المناعي للإعلام المحترف الذي اجتاحته جائحة التطوير المتسارع في استخدام الإنترنت والهواتف الذكية التي ارتفع عدد مستخدميها إلى نصف سكان العالم، فهناك أكثر من (3، 4) مليار شخص في العالم يتعامل مع المعلومات والصور والصور المتحركة والأخبار عن طريق الهواتف الذكية وسيرتفع العدد بعد خمس سنوات إلى (6، 3) مليار شخص أي كل سكان المعمورة تقريباً. وهذا يلقي على عاتق المؤسسات الإعلامية والصحافة مسؤوليات جسام للبحث عن حلول تجعل من الإعلام والصحافة تستوعب التطورات الجديدة والهائلة، كما تجعل الاهتمام ينصب بشكل كبير على متابعة ودراسة سلوك الجمهور المتلقي.
> حين يستمع المرء لقادة الإعلام والصحافة من دول كبرى مثل اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين وألمانيا وجنوب إفريقيا تركيا، والتحديات التي تواجههم، لا يجد فروقات كبيرة بين ما تعاني منه بلدان العالم الثالث في تلمس الطريق نحو الفضاء العريض لحرية الصحافة وتحدياتها..
الصادق الرزيقي – (أما قبل – صحيفة الإنتباهة)