صراع بين العريفي وقنوات «أم بي سي» ومصدر في «العربية» يكشف الأسباب

اندلعت مواجهة إعلامية ساخنة خلال الأسبوعين الماضيين بين الداعية الإسلامي الأكثر شهرة في الخليج والعالم العربي الشيخ محمد العريفي، ومجموعة «أم بي سي» السعودية التي تضم قناة «العربية» فيما تراشق كل من الطرفين الاتهامات بالكذب والتضليل والتلفيق والافتراء على الآخر، بينما كشف مصدر في قناة «العربية» تحدث لــ«القدس العربي» أسباب وخلفيات الصراع.
ويُعتبر العريفي واحداً من بين الأشخاص الأكثر تأثيراً في العالم العربي والإسلامي، لكن منصته الوحيدة للتواصل مع جمهوره هي شبكات التواصل الاجتماعي التي استطاع أن يجمع حوله فيها ما لم يتمكن من جمعه أي شخص آخر في العالم العربي، إذ لدى العريفي نحو 15 مليون متابع على «تويتر». أما على شبكة «فيسبوك» فان صفحته الرسمية تضم أكثر من 22 مليون شخص، وهذه الأرقام هي الأعلى في العالم العربي على الإطلاق، كما أن اسم العريفي أدرج أكثر من مرة على قوائم مختلفة للشخصيات الأكثر تأثيراً في العالم العربي.
وهو يتفوق بهذه الأرقام على متابعي قناة «العربية» ذاتها التي يخوض معها صراعاً إعلامياً ويُطلق عليها اسم «العبرية» بدلاً من «العربية» كما يتفوق العريفي في أعداد متابعيه على الملك سلمان بن عبد العزيز الذي يتابعه حالياً أقل من خمسة ملايين شخص.
واستعرت معركة جديدة بين قناة «العربية» التابعة لمجموعة «أم بي سي» السعودية والتي تبث من دبي، والمواقع الالكترونية التابعة لها، وبين العريفي، بعد أن نشرت المواقع التابعة للقناة خبراً مفاده أن الشيخ العريفي تم منعه من دخول الجزائر على اعتبار أنه داعية يساهم في نشر الفكر المتطرف ويؤيد جبهة النصرة في سوريا التي تمثل امتداداً لتنظيم القاعدة الذي يعتبر منظمة إرهابية في الجزائر ومختلف أنحاء العالم.
وسرعان ما رد العريفي على الأنباء المنشورة على موقع «العربية نت» وعلى مواقع تابعة لمجموعة «أم بي سي» متهماً إياهم بالكذب والتلفيق، ومؤكداً أنه لم يزر الجزائر ولم يصل مطارها ولم يطلب زيارتها ولا تم إبلاغه بالمنع من زيارتها، وهو ما ردت عليه «العربية نت» سريعاً بتصريحات على لسان وزير جزائري يؤكد ما نشرته «العربية نت».

خبر «العربية»

وبحسب الخبر الذي نشرته «العربية نت» فإن السلطات الجزائرية رفضت منح الداعية السعودي محمد العريفي تأشيرة الدخول إلى أراضيها بعد الدعوة التي تلقاها من جمعية جزائرية قصد المشاركة في ملتقى ديني بأحد مدن شرق البلاد.
وأكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى أن «الجزائر رفضت دخول العريفي إلى أراضيها وذلك لدواع أمنية وسياسية، وبسبب مباركته لثورات الربيع العربي» معتبراً أن «محمد العريفي من الشخصيات التي تروج للمجموعات المتطرفة، وهو من العناصر الفاعلة في التحريض لما يسمى بالربيع العربي الذي دمّر الدول العربية».
وقال الوزير الجزائري إن بلاده لن تكون أبداً حلبة صراع للمذاهب الخارجية وإنها مدرسة للوسطية والاعتدال، مضيفاً أن وزارته لها الأهلية لتحدد ما إذا كان شخص يستحق أن تتم دعوته لزيارة الجزائر أم لا.

العريفي غاضباً

وأبدى العريفي غضبه مما نشرته «العربية نت» ومواقع تابعة لمجموعة «أم بي سي» السعودية، حيث سجل مقطع فيديو يرد فيه على الخبر الذي نشرته القناة، كما نشر عدداً من التغريدات عبر حسابه على «تويتر» يدحض فيها ما جاء في الأخبار، مشيراً إلى أنه لم يزر الجزائر منذ عشر سنوات.
وكتب تغريدة يقول فيها: «نشرت العبرية و»أم بي سي» أن العريفي وصل الجزائر لإلقاء محاضرات فمُنع من دخولها!.. هذا كذبٌ يُضاف لسجلهم الأسود.. لم أسافر للجزائر إلا قبل10 سنين!».
وكتب على فيسبوك قائلاً: «زرتُ أهلي وأحبابي في الجزائر قبل سنوات، زرتُ مساجدها وجامعاتها، والتقيتُ بعلمائها ومثقفيها، تعرفتُ عليهم عن قرب، فأحببتهم بزاف (كثيراً)، فصرتُ أثني عليهم، وأحدثُ الناس بما رأيتُ من نبل أخلاقهم وكرمهم وزكاء نفوسهم. وقد نشرت إحدى الصحف أني وصلتُ الجزائر فمنعتُ من دخولها، وهذا خبر كاذب مصنوع كله أريد به إفسادُ العلاقات وتكدير النفوس، فالجزائر وأهلها أكرم من أن يردوا ضيفاً حل بديارهم، وأنا أيضاً لا أزورُ بلداً لنشاط ديني أو ثقافي إلا بدعوة من جهات رسمية وتنسيق مع السفارة السعودية وغير ذلك من إجراءات.. سائلاً الله أن يُعز أمتنا وأن يجمع كلمتنا ويشملنا برحمته ويديم ستره الجميل علينا».
ولاحقاً نشر العريفي مقطع فيديو يرد فيه على «العربية» بالصوت والصورة، كما نشر لاحقاً لذلك مقطع فيديو لمداخلة مع إحدى القنوات الجزائرية يظهر فيها وزير الأوقاف الجزائري ذاته، وينفي المعلومات التي وردت في تقرير «العربية نت».

جدل على الانترنت

وأثار التراشق الإعلامي بين العريفي وشبكة «أم بي سي» جدلاً واسعاً على الانترنت، حيث كتبت إحدى الناشطات: «الهجوم الذي تشنه قناة ام بي سي ضد الشيخ العريفي يشبه ويفوق الهجوم الذي يشنه الإعلام الإيراني ضد العريفي.. يجمعهما عدائهم لأهل السنة».
وكتب الشيخ سليمان الدويش تغريدة على تويتر يقول فيها: «قناة MBC والعربية تكذبان على #العريفي وتروجان لخبر منعه من دخول الجزائر.. وهناك جائزة بقيمة 3 ملايين ريال سعودي إن أثبتتا صحة هذا الخبر».
أما عادل الحوالي فكتب قائلاً: «الإعلام الموالي للمنظومة الغربية دأب على ترويج الإشاعات حول الدعاة والعلماء للتشكيك في مصداقيتهم وترهيب الجهات الشرعية في الخارج من دعوتهم». وأضاف: «قناة العربية ومجموعة MBC تحاول تغيير النمط الاجتماعي الذي يطبق في الجملة على حب العلماء والدعاة بمشاهير ورموز كرتونية تسقط في أول امتحان».
وكتب الناشط السعودي خالد الحصان مغرداً على «تويتر»: «قناة العربية و»أم بي سي» تقود هذه الحملة المسلطة على العريفي، وللأسف قنوات الفرس اللعينة تتباهى بما يعملون بعلمائنا»، مضيفاً: «زمن غريب قنوات الفتنة والمشاهد القذرة ما زالت تشن حربها ضد الرمز محمد العريفي وتتهمه بأنه منع من دخول الجزائر والصحيح الشيخ منذ 10 سنوات لم يذهب لها».

أسباب الصراع

وكشف مصدر في قناة «العربية» تحدث لــ«القدس العربي» وطلب عدم نشر اسمه أسباب الصراع الإعلامي بين العريفي ومجموعة «أم بي سي» مشيراً إلى أن الصراع يعود إلى سنوات مضت وليس جديداً حيث أن «ما شهدناه خلال الأسبوعين الماضيين ليس سوى حلقة جديدة في هذا الصراع».
وقال إن مجموعة «أم بي سي» ومالكها الشيخ وليد الإبراهيم، إضافة إلى إدارة قناة «العربية» الاخبارية التابعة للمجموعة، كلهم محسوبون على التيار الليبرالي في السعودية، وهو التيار الذي كان مقرباً من رئيس الديوان الملكي السعودي السابق خالد التويجري إضافة إلى أنه مقرب من نظام الحكم في الإمارات، وهو تيار يعادي التيار الديني الموجود في المملكة والمحسوب عليه الشيخ العريفي وعدد من الدعاة السعوديين.
وبحسب المصدر فان العريفي كان قد انتقد «العربية» وقنوات «أم بي سي» سابقاً في العديد من المحاضرات والخطب الجماهيرية التي ألقاها، ومن بينها محاضرة قال فيها إنها «قناة صهيونية»، في فيديو انتشر على الانترنت وشاهده مئات الآلاف وربما الملايين من العرب والسعوديين.
لكن المصدر يشير إلى أن أكثر من أغضب مجموعة «أم بي سي» من العريفي الفتوى التي صدرت عنه في أواخر العام 2012 والتي يُحرم فيها السماح للأطفال بمشاهدة قناة (MBC3) وهي قناة مخصصة للأطفال أصلاً، وتشكل مصدراً مهماً للإعلانات والدخل المالي في المجموعة بأكملها، لافتاً إلى أن «الحملة الحقيقية ضد العريفي بدأت بعد الفتوى المشار إليها».
كما أن قناة «العربية» عمدت أكثر من مرة إلى التلميح أو التصريح بانتقاد العريفي، حيث بحسب مسح أجرته «القدس العربي» تبين أن موقع «العربية نت» نشر في حزيران/يونيو 2014 تقريراً عنوانه: (اتهام العريفي بتحريض بريطانيين على القتال في سوريا)، وفي تموز/يوليو 2014 نشر الموقع ذاته تقريراً تحت عنوان: (رسمياً.. بريطانيا تعتبر العريفي «متطرفا» و»متشددا»)، وفي تموز/يوليو 2013 نشرت تقريراً تحت عنوان: (الشيخ العريفي يعيد نشر تغريدة اعتبرت مسيئة للرسول).
أما موقع «أم بي سي» الذي يتسم بالترفيه وليس الأخبار السياسية أو الدينية، فإنه لم يخل من التقارير التي تهاجم الشيخ العريفي، فبحسب رصد «القدس العربي» نشر الموقع أكثر من خمسة تقارير مختلفة عن الشيخ العريفي خلال العامين الماضيين

 

القدس العربي

Exit mobile version