* حملت الأنباء أن ديوان المظالم والحسبة كون لجنة لمراجعة قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم الأم المطلقة من حق السفر بأولادها بدون موافقة طليقها -حسب الزميلة سارة تاج السر(الجريدة، ۱۷ مارس، ۲۰۱٦) – ووصف رئيس الديوان أحمد أبو زيد القانون بأنه يشكل انتهاكاً لحق المرأة، وأعتبره (ظلماً قانونياً)، يتطلب التصحيح، وأن الديوان خاطب رئاسة الجمهورية لإعادة النظر في القانون!!
* في حقيقة الأمر، فإن قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعام (۱۹۹۱) يحتشد بالعديد من المواد التي تظلم المرأة وتنتهك حقوقها وتضعها تحت رحمة الرجل(الأب، الزوج، الولي) حتى في أحق حقوقها وعلى رأسها الزواج الذي لا يصح (حسب القانون) إلا بموافقة الولي بدون ان يستثنى حتى (الثيّب أو التي سبق لها الزواج) من شرط الولاية الذي تسقطه عنها بعض المذاهب الفقهية، بل إن بعض المذاهب والاجتهادات الفقهية تسقط حق الولاية من البكر (التي لم يسبق لها الزواج) مثل المذهب الحنفي (المتبع في بعض الدول العربية ومنها مصر) الذي يشترط فقط الايجاب والقبول بين العروسين والاشهار وشاهدين، ولا يشترط وجود (ولي) وهو ما ينص عليه القانون السوداني في المادة ۲٥!!
* شروط صحة العقد، حسب القانون السوداني ثلاثة، إشهاد شاهدين وعدم اسقاط المهر، والولي، وبدون موافقة هذا (الولي) -مهما ابتعدت صلة قرابته بالزوجة- لا يصح الزواج ويحق للولي المطالبة بفسخه في أي وقت قبل مرور سنة عليه، وهو أمر مضحك ومجحف يحتاج الى مراجعة، على الأقل ألا تترك الولاية مفتوحة بلا حد، وأن تختصر المدة الزمنية التي يمكن أن تحدث خلالها تغييرات جوهرية بالنسبة لوضع الزوجين تجعل الفسخ أكثر ضرراً من استمرار الزواج إذا اقترضنا أن عدم موافقة الولي على الزواج ضررا، حتى لو لم يقع ضرر بسبب عدم موافقته!!
* يحتاج الطلاق أيضا الى مراجعة سريعة وجوهرية، فالقانون يجيز لصاحب العصمة (الزوج في غالب الأحوال) ان يوقع الطلاق بدون شروط أو حتى أسباب، بل حتى بدون ان يشترط لصحة الطلاق إخطار الزوجة، وكل ما نص عليه (في المادة۱۲۹) هو أن الطلاق يقع باللغة الصريحة أو الكتابة أو الاشارة المفهومة بدون اشتراط اعلام الزوجة، بينما اشترط عند المراجعة (في حالة الطلاق الرجعي) اعلام المطلقة كشرط لصحة الرجعة، ولا أدري لماذا لم يضع هذا الشرط في حالة الطلاق، الأمر الذي أدى ويؤدي لوقوع الكثير من المفاجئات والتعقيدات والمشاكل، تعج بها المحاكم، باستغلال الكثيرين لهذا النقص وإيقاع الطلاق بدون إخطار، وكثيرا ما تُفاجأ الزوجة بظهور قسيمة طلاق في مكان ما في وقت ما، لم تكن تعلم بوجودها، خاصة إذا لم يكن الزوجان مقيمين تحت سقف واحد!!
* طريقة الطلاق نفسها تحتاج الى إعادة نظر، ولا يجب أن تترك هكذا بدون شروط بالنسبة للزوج، بينما تكابد الزوجة الأمرين إذا أرادت الطلاق وعليها أن تقطع مشوارا طويلا بين المحاكم أو تضطر الى الإفصاح عن أخص خصوصياتها أو خصوصيات زوجها حتى تحصل عليه بحكم محكمة قد يصدر بعد سنوات طويلة تكون المرأة قد فقدت خلالها فرصة الزواج مرة أخرى، او تعرضت للكثير من الأضرار!!
* الكثير من الدول، مثل تونس والمغرب، وضعت شروطا صعبة للطلاق، ومنها ان يقع داخل المحكمة بعد اقتناع المحكمة بأسباب الزوج واستنزاف فرص الصلح المتاحة، لا أن يترك لمزاج الزوج بأن يطلق زوجته في الوقت الذي يريده وبالطريقة التي تعجبه بدون تقييده بشروط، كما يفعل القانون السوداني وينتهك حقوق المرأة، ويكتبها فى خانة الزوجة بقلم الرصاص ويضع إستيكة بيد الزوج!!
زهير السراج – (مناظير – صحيفة الجريدة)