تعيش قيادات وجماعات المؤتمر الشعبي هذه الأيام في حيرة شديدة من هول المصاب الذي أصابهم بموت شيخ حسن الترابي الذي توفي فجأة فأحدث فراغاً كبيراً ووقف القلب النابض لحزب المؤتمر الشعبي والعقل المدبر، وأعتقد أن قيادات الشعبي لم تفق حتى هذه اللحظة، بل محتارون في أمرهم، ووقفوا في مفترق الطرق إلى أين يتجهون، إلى المؤتمر الوطني؟ وهو الأقرب إليهم وهل كان شيخ حسن يريد ذلك، ويسعى إلى ذلك؟ وإن كان يريد ذلك أو يرغب لماذا تمت المفاصلة؟ ولماذا كان صبره على السجن؟ ولماذا كان صبره السنين الطويلة من العمر، التي كان في الإمكان أن يحقق فيها الكثير والكثير؟ يبدو أن الأمر صعباً ولم يأت الأوان الآن.
أما عن عودة الأخ علي الحاج، فهي بالنسبة للقيادات التي كانت أصلاً موجودة لم تكن إضافة لأن هؤلاء أخذوا مواقع قيادة في الحزب ويتعشمون في مواقع أكبر كان يسعون إليها ويرغبون في تحقيقها، فلذلك فإن الأخ علي الحاج وإن كان راسخاً في الحزب والحركة الإسلامية والمعارضة فإن مشاركته لم تكن خصماً على هؤلاء الذين تبنوا الحزب وتحملوا الصعاب وخاضوا به الحوار، وكانوا المهندسين للحوار الوطني.
وأمر ثان يمنع الشعبي من الانضمام إلى المؤتمر الوطني، حيث أن الحزب يعيش ظروفاً مأساوية وحزن شديد وعميق نتيجة لوفاة شيخ حسن الدينمو المحرك للحزب، لأنه كان مصدر القرارات، فلا بد من وقفة وترتيب وخروج من مرحلة الحزن وأنهم يحتاجون إلى اجتماع السقيفة ويحتاجون إلى ترتيب للأدوار، فإن الأمر لم يكن سهلاً عليهم، فنزل عليهم قدر الله كالصاعقة وأشد من ذلك اأن غسل دموع الحزن يحتاج إلى وقت ليس بالقصير، فعلينا أن ننتظر ماذا يحدث.
والأمر الثالث فإن حزب المؤتمر الشعبي واحد من مهندسي الحوار الوطني، وضلع أساسي فيه، وكان حزب المؤتمر الشعبي أكثر مشاركة، ولقد علمنا ذلك من خلال تصريحات الأمين السياسي الأخ المحامي كمال عمر عبد السلام الذي كان يتبنى الرد على كل التساؤلات والحوارات التي تدور في الوسائط الإعلامية، حتى أحس الناس بأن الحوار الوطني سوف يتيح فرصة أوسع لمشاركة المؤتمر الشعبي، فالحكومة ويبدو أن حزب المؤتمر الشعبي كان أعلى صوتاً داخل أروقة الحوار الوطني، فلذلك سوف ينتظر حزب المؤتمر الشعبي قليلاً من الوقت لمعرفة ما تسفر عنه مخرجات الحوار الوطني، وعلى ما أعتقد ذلك حسب دراسة مقتيات السياسة وتصريحات أخينا علي الحاج التي جاءت بالصحف بمطالبة رئيس الجمهورية باستكمال الحوار.
ونصيحتي للإخوة في الشعبي أن يصمدوا ويتفقوا وألا سوف يفشلوا وتذهب ريحهم ومعروفاً تاريخياً أن الحركات الإصلاحية والأحزاب السياسية التي تبني على الآيدلوجيات والعقائد تنتهي بموت قائدها ومفكرها، فنحن نأمل ألا تموت أفكار الترابي وينتهي حزبه الذي أصبح الآن أمانة في أعناق تلاميذه ومريديه، ألا رحم الله الشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي دفع الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.