مأساة “منال”

لو كانت “منال” الطفلة التي تدرس في (الصف الخامس) بمرحلة الأساس تنتمي لدولة يحترم فيها حق الإنسان، ويشعر المسؤولون بفداحة الأخطاء التي ترتكب بحق المواطنين لقامت الدنيا.. وتقدم وزير الكهرباء باستقالته، ولكن في البلاد التي ننعتها (بالامبريالية) والدولة الفاسقة الفاجرة الظالمة.. إذا مات نفس واحدة بسبب إهمال حكومي تقدمت الحكومة باستقالتها ونهض القضاء بمسؤوليته في رد حقوق المظلومين، ولخرجت منظمات المجتمع المدني تندد بمقتل مواطن بسبب قصور في أداء أجهزة الدولة.. ما هي قصة مأساة الطفلة “منال”؟؟ وكيف دفنت في المقابر وأسرتها ترفع أكفها لله، تسأله أن يأخذ الذين قتلوا “منال” أخذة عزيز مقتدر.
“منال فضل جماع” طفلة صغيرة سمراء البشرة عيونها عسلية وشعرها (سبيبي)، كما كان يكتب في الوثائق الرسمية تدرس في (الفصل الخامس) بمدرسة (الحاج يوسف الأساسية).. طفلة (مبروكة) لا تمل من الاستجابة لطلبات أسرتها.. تعود من دكان الفول لترجع لزريبة الفحم.. وحينما تصمت أجراس المدارس من الرنين تصبح “منال فضل جماع” هي سيدة البيت في خدمة والدتها في نشاط وحيوية، في ذلك الصباح بعثت بها والدتها إلى دكان الحلة لشراء بعض مستلزمات الأسرة.. ولكن كانت الأقدار تنتظرها في الشارع.. سائق عربة مخمور أو مشغول بـ(الواتساب) أو مكالمة مع صديقه أو عشيقته صدم عمود كهرباء فأسقطه أرضاً.. ذلك في الصباح الباكر.. سائق العربة مضى لسبيله كأن شيئاً لم يكن العربة (مؤمنة) و(عمود) الكهرباء غلطان. أبلغ سكان (الحاج يوسف – الفيحاء) شركة توزيع الكهرباء بفصل التيار الكهربائي عن (العمود) الساقط على الأرض أو إصلاحه.. ولكن لم يأت مسؤول الكهرباء.. وقد أصبحت البلاغات مصدر دخل لشركة الاتصالات الحكومية، حيث يأتيك الرد الآلي “جميع موظفي الشركة مشغولين حالياً أرجو الانتظار” حتى ينفد رصيدك.. والطفلة “منال فضل” تجري مسرعة نحو منزلها تضع قدميها الحافيتين على الأسلاك العارية فتسقط وهي تصرخ من شدة آلام الحريق الذي أصابها.. تم نقل الطفلة “منال” إلى المستشفى القطري.. ولكن تقديرات علاجها كانت فوق طاقة أسرتها وربما طاقة كل سكان الحي الفقير (125) ألف جنيه.. والطفلة “منال” تبكي صباحاً ومساء وينفطر قلب الطبيب المداويا.. وقد أنكرت شركة الكهرباء مسؤوليتها عن حريق الطفلة.. وما بين متابعة علاج الطفلة في المستشفى واللهث وراء (كائن) كبير جداً اسمه (شركة الكهرباء) تملك وكالة نيابة خاصة بها.. إذا دعت نفسك لمقاضاة الكهرباء فأنت (مجبر) على طلب فتح الدعوى في بناية الكهرباء.. يتم اقتياده لنيابة أمن الدولة.. ماتت “منال فضل جماع” في المستشفى بعد أن تمزقت أحشاء أسرتها حسرة على الظلم الذي تعرضوا له، والطفلة بين يديهم تحتاج لمال حتى يتم إنقاذ حياتها.. ربما لم يسمع وزير الكهرباء بما حدث للطفلة “منال” وروحها التي أزهقت، ولكن هل نسي وزير الكهرباء مقولة (إننا نتقرب لله بهذه المناصب)، هل ما حدث للطفلة “منال فضل” يقرب الوزير لله أم لنار جهنم يوم الحساب؟؟ وأين هو وزير العدل ورئيس القضاء ونواب الشعب الذين (يصفقون) لوزير المالية وربما لا يملك بعضهم شجاعة الجهر بما في ضميره وهو يقرأ “منال فضل جماع” وهي تموت بالإهمال و(تدوس) شركات الكهرباء بأحذيتها (الغليظة) على جسدها النحيل، ونحن لا نملك إلا القول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
يوسف عبد المنان – (خارج النص – صحيفة المجهر السياسي)

Exit mobile version