في كل وطن عربي ندخله ، يعاودنا ذلك الإفتقارُ المرعبُ للأمانْ. فعلى مدى التاريخ ، الكاتب العربي ، لا عمر له . له عمر خوفه، وذاكرة حتفه.
ألم يقل محمد الماغوط نيابةً عنا “وُلدتُ مذعوراً وسأموت مذعوراً”.
كنا، بالكتابة، نهزُمُ ما نخافه. نكتب عن الموت كثيرا منذ عقود، لتغدو بيننا وبينه أُلفة. فما جدوى الكتابة وقد أصبح الموت عندنا أكثرَ وِفرة من الحياة؟
نكتب كمن يصفِر في العتمة ليبعد عنه الخوف. لكن ما عاد من شيء أسوأ مما نحن فيه يمكن أن يفاجئنا أو يخيفنا، فأطفئواالأضواء، ما عادت العتمة تُرعبنا.
ثمة من ، حين يكتب لا يكون إلا كاتبٍاً، وثمة من ،وهو يكتب يضع نفسَه مكان الأبطال. أما الكاتب العربي، فيضع نفسه دائما مكان القارئ، مذ غدا القارئُ يشغَل مكان الرقيب.
«لقد وُلد القرّاء أحراراً، ولا بد أن يبقوا كذلك»، يقول نابوكوف صاحب «لوليتا».
لا أدري لماذا إذن، وحدَهم الكتّاب لا يولدون أحراراً. ولماذا في جرائم الحبر يُحاكَم الكاتب . . وينجو القارئ من العدالة ، إنه دائمًا خارج المساءلة !
( من محاضرة ألقيتها قبل سنتين في معرض الكتاب بالشارقة )