قبل رحيله ظل الشيخ الدكتور “حسن عبد الله الترابي” يولي توحيد أهل القبلة (برؤية جديدة تعمل تتلافي سلبيات الماضى)، بالغ اهتمامه، عبر أطروحته (المنظومة الخالفة المتجددة)، والتي كان يشرف على تنفيذها شخصياً باعتبارها أكثر ما يشغله في الفترة الأخيرة.. ورأي البعض أن (المنظومة الخالفة المتجددة) من قبيل العبارات التي درج الراحل “الترابي” على أن يدفع بها إلى الوسط السياسي والإعلامي.
وقال الشيخ الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار “عبد المحمود أبو” لـ(المجهر) إن مصطلح (المنظومة الخالفة المتجددة) مصلح جديد لم يمر عليه من قبل، وينم عن تبحر الشيخ “الترابي” في اللغة العربية.
ولم يمهل الموت الدكتور “حسن الترابي” حتى يرى مشروعه (المنظومة الخالفة المتجددة)… الذي طرحه في أروقة الحوار الوطني يتحقق.
وتوقع المراقبون أن يحدث مصطلح (المنظومة الخالفة المتجددة) الكثير من الجدل مثل ذلك الذي أحدثه مصطلح (التوالي السياسي) الذي طرحه “الترابي” عام 1998م لتعديل الدستور، ولكن أقدار المفاصلة قتلت المشروع.
أصل الفكرة..
و(المنظومة الخالفة المتجددة)… ورقة طرحها المؤتمر الشعبي في مداولات الحوار الوطني، تقوم على تذويب التيارات الإسلامية والأخرى ذات الخلفيات الإسلامية (بما في ذلك حزب المؤتمر) في حزب واحد.
وحملت الورقة، التي اقترحها “الترابي”، مراجعات وتقييماً كاملاً لتجربة الإسلاميين في حكم السودان، فضلاً عن تجربة المؤتمرين الشعبي الذي يقوده، والوطني الحاكم بقيادة الرئيس “البشير”، ولا سيما أن الورقة حددت أهدافها بخلق تحالف عريض في شكل حزب واسع وفي إطار شراكة سياسية جديدة تضم الإسلاميين بطوائفهم المختلفة، بمن فيهم ذوو الخلفيات الإسلامية كالسلفيين والتيارات الصوفية والأحزاب الطائفية.
وشددت الورقة على أهمية الاستفادة من تجربة الإسلاميين، في ما يتصل بقضايا الحريات والتنوع، عبر التركيز على الإيجابيات وتطويرها وتلافي السلبيات بما يتناسب والتطور الطبيعي للحياة.
يقوم النظام الخالف – بحسب الورقة – على تذويب التيارات الإسلامية في حزب واحد، وهو بالتالي شراكة سياسية جديدة تضم الإسلاميين بطوائفهم المختلفة، بمن فيهم ذوو الخلفيات الإسلامية كالسلفيين والتيارات الصوفية والأحزاب الطائفية.
وأقرّت الورقة أن يخلف الحزب الجديد الأحزاب الإسلامية القائمة، بما فيها المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني الذي رهنت الورقة حلّه بقيام الحزب الجديد وفي ظل نظام ديمقراطي..
تطور تدريجي
وقال القيادي بالمؤتمر الشعبي الدكتور “بشير آدم رحمة” لـ(المجهر) إن المؤتمر الشعبي استند في رؤيته (المنظومة الخالفة المتجددة).. إلى التطور التدريجي للحركة الإسلامية التي بدأت بتأسيس الجبهة الإسلامية للدستور في 1954م ثم جبهة الميثاق في 1965م والجبهة الإسلامية القومية في عام 1985م، وحملت نقداً ذاتياً للتجربة الإسلامية ومراجعات شاملة، فضلاً عن تطوير لمفاهيم الحركة الإسلامية نفسها والمنعطفات التي مرّت بها.
وأبان “رحمة” أن المقصود من (المنظومة الخالفة المتجددة).. أن يقوم أهل السودان أو مجموعة منهم بتأسيس كيان يجمع المتوافقين على فكرة تقود أهل السودان في كافة مجالات الحياة من سياسة واقتصاد واجتماع وفن ورياضة، بهدف تغيير حياة الناس إلى الأحسن، ويكون لها موقعاً في الحضارة المعاصرة، لاعتمادها على المواطنة لا قبلية ولا جهوية ولا عنصرية.
ويشير “رحمة” إلى أنه في المواطنة لا تفرق (المنظومة الخالفة المتجددة).. بين من انتمى إلى الإسلام أو إلى غيره من الأديان، يجتمع كل هؤلاء ويؤسسون تنظيماً يسمونه بأي اسم يختارون، ليقوم هذا التنظيم بإنزال الأفكار التي اتفقوا عليها، في الحياة العامة،مستهدين بهدى الله الذي أنزله في القرآن ولا يختلف في أصوله على ما أوحي على كل رسل الأديان.
كيان يسع الجميع
ويذهب في ذات الاتجاه القيادي بالمؤتمر الشعبي “ناجي دهب” بالقول إن (المنظومة الخالفة المتجددة) هي منظومة تطور طبيعي للحركة الإسلامية.
وأبان أن الأساس في الفكرة أنه في كل فترة تفتح حركة الإسلام الباب والمنافذ لدخول آخرين.
والهدف الأساسي فيها أنه بعد انتهاء جولات الحوار الوطني لا بد من منظومة جديدة ينضوي تحتها الجميع، فالكثيرون لن يرضوا بالانضواء تحت الوطني أو تحت الشعبي، فلابد من جسم جديد يسع الجميع ويلبي أشواقهم.
وأشار “دهب” إلى أن (المنظومة الخالفة المتجددة) سيتم التبشير بها بعد إقرارها في اجتماع الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي.
إلا أن القيادية بالمؤتمر الشعبي “لبابة الفضل” قالت لـ(المجهر) إن (المنظومة الخالفة المتجددة) مجرد فكرة طرحتها كل القوى السياسية لمعالجة المشكل السوداني، ووضع الحلول المستدامة لما استعصى منها، بغية تغيير سلبيات النظام السابق وإرجاع السلطة عبر انتخابات ديمقراطية، وأضافت أن (المنظومة الخالفة المتجددة) تسعى للمشاركة الواسعة والعدالة في تقسيم الثروة والسلطة، ويعجل بإنصاف الولايات ويحقق التوافق عبر الكثير من المعالجات والتي منها الفيدرالية الحقيقية والدستور التوافقي والتمثيل النسبي، والديمقراطية التوافقية، والمشاركة في أجهزة الدولة (التنفيذية والتشريعية) والخدمة المدنية والقوات النظامية.
ويخالفهم الرأي القيادي بالمؤتمر الشعبي “المحبوب عبد السلام” ويؤكد أن (المنظومة الخالفة المتجددة).. هي ليست نفس فكرة الجبهة الإسلامية القومية، وهي محاولة لتجميع كل الناس المتعاطفين مع شعار الإسلام وبرامجه في حزب واحد، ولا يعتقد أنها تحل أزمة الإسلاميين.
رأي… ورأي
ويبين “المحبوب” في مقال منشور له عن (المنظومة الخالفة المتجددة) أن هناك تحولاً بالغاً في ما يتعلق بالإسلاميين أنفسهم، وهناك أجيال جديدة وطريقة تفكير جديدة مختلفة تماماً عن طريقة التفكير التي كانت سائدة أيام الجبهة الإسلامية القومية، أو جبهة الميثاق.
وأبان أن “الترابي” نفسه قبل رحيله أشار في حديثه للصحف القطرية، إلى وجود أجيال جديدة تفكر بطريقة جديدة وتستعمل وسائل جديدة.
ويذهب القيادي الاتحادي “علي السيد “- المحامي في توثيقه للحركة الإسلامية بالقول إن (المنظومة الخالفة المتجددة)… وهي قيام حزب واحد في السودان تحت ستار وحدة الصف الوطني، وقد مهد الشيخ الراحل “حسن الترابي” لهذا عند الحديث عن وحدة الإسلاميين، وشاطره أيضاً المؤتمر الوطني بضرورة وحدة الإسلاميين دون تفصيل، وقد سبق حديث الترابي “حسين خوجلي” بدعوته لحزب السودانيين جميعاً، ولا غرابة في ذلك فالمنهج واحد والفكر واحد.
ويبين أمين العلاقات السياسية بالمؤتمر الوطني “حامد ممتاز”، أن آخر لقاء جمع ما بين الرئيس “البشير” و”الترابي” بحث (توحيد أهل القبلة، ولم يتعرض لفكرة توحيد الحركة الإسلامية).
وأوضح “حامد” لـ(المجهر) أن أهل القبلة هم كل الجماعات الإسلامية السودانية المتصوفة والسلفيين والحركات الحديثة، تيارات من القوميين العرب واليسار، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني.
المجهر