{ هي معركة في غير معترك، ولا قيمة لها، تلك التي أثارها أفراد قلائل، من بينهم الأخ “الناجي عبد الله”، بحسن نية أو بسوء قصد منتقدين غياب الرئيس “البشير” عن تشييع جثمان الشيخ الراحل “حسن الترابي” لارتباطه برحلة خارجية مهمة يوم الدفن، ولن أقول لأسباب أمنية، على ما في ذلك من وجاهة ومنطق عند كل من رأى أو شارك في ذلك الموكب المهيب.
{ فالرئيس وصل إلى مستشفى “رويال كير” فور سماعه بنقل الدكتور “الترابي” إلى هناك، وكان من أوائل الذين هبّوا للاطمئنان على صحته. وبعد إعلان نبأ الوفاة الصادم، كان “البشير” من الذين سبقوا آلاف الناس للعزاء داخل بيت الشيخ الراحل بحي “المنشية” حيث سبق كثيرين، بمن فيهم منسوبون لحزب (المؤتمر الشعبي)، ودخل الرئيس على أسرة المغفور له.. أبناءه وبناته وأرملته العزيزة، وحرص أن يبقى بالبلاد رغم التزامات دولية بسفره إلى “إندونيسيا” قبل ساعات من الوفاة، لكنه أجل المواعيد ليطمئن على حالة الشيخ، ووجه بنقله على جناح السرعة بطائرة رئاسية إلى “ألمانيا” غير أن الأطباء حددوا طائرة إسعاف، ثم.. ثم سبق أمر القدر.
{ يجب أن نعترف بشيء واحد إن غالطنا في أشياء أخر، وإن خالفنا الرئاسة في عديد المواقف والقرارات، وهو أن سيادة الرئيس “البشير” على كثرة ارتباطاته ومسؤولياته وبرامج عمله اليومية، هو الأكثر مشاركة في تشييع جنازات كبار البلد ورموزها ونجومها، إلى مقابر “أحمد شرفي” أو “البكري” أو “الصحافة” أو غيرها، “البشير” يشارك في الجنازات أكثر منا نحن رؤساء التحرير وقادة الأجهزة الإعلامية!! وأكثر من معظم الوزراء والدستوريين، وبالتأكيد ودون شك تفوق مشاركاته ووجوده في المقابر أو بيوت العزاء مشاركات جميع رؤساء الأحزاب وزعماء المعارضة من (يسارها) إلى (يمينها).
{ في كثير من المناسبات الاجتماعية أفراحاً كانت أم أتراحاً، نصل إلى مكان المناسبة فنجد أن الرئيس قد سبقنا إلى هناك!! هل نحن أكثر مشغولية من رئيس الجمهورية؟!
{ لا.. بالتأكيد.. ورغم أن البعض يعذرنا- كصحفيين- لكثرة المهام والطاقة (الذهنية) والبدنية الهائلة التي نحتاجها يومياً لإعداد وتجهيز مادة صحفية واحدة، دعك من (12) أو (16) صفحة، فإن هذا لا يعفينا من الغياب أو التأخر عن المقابر في تشييع رقم إعلامي كبير مثلاً، بينما يسبقنا إلى هناك رئيس الجمهورية!!
{ ولأن علاقة الرئيس بالشيخ الراحل كانت في أحسن حالاتها قبيل انتقال كبير (الإسلاميين) إلى رحاب الله، وهذه من إشارات الصلاح وعلامات النفوس الطاهرة، فإن أي حديث جانبي عن عدم مشاركة الرئيس في التشييع في وقت تقرر له، ولم يقرر هو، أن يترأس الجلسة الافتتاحية لمؤتمر قمة دول التعاون الإسلامي بصفته نائب رئيس المؤتمر، يصبح حديثاً عبثياً وغوغائياً، بل مثيراً لفتنة ومؤامرة جديدة بعد أن هدأت النفوس وتعافت القلوب من إحن ومحن وآثار المفاصلة.
{ الصوت الأعلى- الآن- في أوساط القواعد على ساحتي المؤتمرين (الوطني) و(الشعبي) هو صوت (الوحدة) لا الفتنة وإثارة الغبائن، هو صوت المناداة بالتلاقي والتعاضد والاندماج.
{ ومن يرفض أو يسفه أو يقلل من صدى هذا النداء سواء من قيادات (الوطني) أو (الشعبي) فهو آثم قلبه، متآمر على بلادنا قبل أن يكون متآمراً على مستقبل ومصير (الحركة الإسلامية) في السودان.
{ اتركوا هذه السفاسف.. ارتقوا إلى مستوى المسؤولية الوطنية والدينية.