الدخول إلى عش الزوجية حلم يصبو إليه كل الشباب، وفي المقابل يشكل هدف للفتيات لأجل الارتباط بفارس الأحلام، ورغم تمتع البعض بالمنصب والمال والوسامة والوضع الاجتماعي المتميز، إلا أن طيفاً ليس بالقليل منهم لا يزال عازفاً عن الزواج، الأمر الذي أفضى إلى تقدمهم في السن.
وأرجع الكثير من علماء الاجتماع الظاهرة إلى أسباب اجتماعية ونفسية ومادية. وأصبح الشباب يتوجسون من التجربة، ولعل من يقدم على دخول القفص الذهبي يتلقى سيلاً من الأسئلة من قبل الأصدقاء عن شعوره بعد الزواج، وعن ما إذا كانت حياة العزوبية أجمل أم حياة ما بعد الارتباط أفضل؟ وهل هو سعيد في حياته الزوجية؟ (اليوم التالي) أبحرت في رحلة داخل أعماق من تأخرت بهم سن الزواج والذين تزوجوا في وقت متأخر.
ضغوط أسرية
يحكي البعض عن روايات في المجتمع السوداني بأن بعض الأسر تتسبب في حرمان أبنائها من الزواج وتوصلهم إلى سن متأخرة يصعب بعدها اتخاذ القرار، ومن بين تلك النماذج أسرة في الريف لا يزال أبناؤها الستة عازبين نتيجة لضغوطات والدتهم، مما دفع اثنين منهم الهجرة إلى السعودية والآخرون موجودون في تلك القرية، تساؤلات الناس لا تتوقف لماذا لا يتزوج فلان؟ ما الذي ينقصه؟ هل لديه مشكلة صحية تعوقه عن إكمال نصف دينه؟ وفي الواقع إنه لا الشخص المذكور يقدم الإجابة ولا هم يتوقفون عن فضولهم، ولكن بين ليلة وضحاها تراه يفاجئ الجميع، وهو جالس في الكوشة بجوار عروسته وحتى ليلة زفافه لا يصدق كثيرون ما يرونه بأعينهم بعد رفض وطول انتظار ويقفز السؤال ملحاحاً عن سر التحول وقبوله الزواج ومفارقة حياة العزوبية إلى الحياة الزوجية، ويتساءلون عن كيفية حياته الجديدة، وفي بالهم المثل القائل (خدعوك فقالوا نار العزوبية ولا جنة الزواج).
مرحلة مختلفة
ودَّع الأستاذ عامر البيلي حياة العزوبية ودخل عش الزوجية، وأصبح أباً لولدين، وبدأت مرحلة جديدة من حياته، حيث يصفها بأنها لا تقارن بمرحلة العزوبية، ويقول عامر: تلاشت كل المخاوف التي كانت تنتابني طوال حياة العزوبية أصبحت أكثر استقراراً أعود إلى بيتي مبكراً لا أخرج سوى مرة واحدة أسبوعياً، وقطعت علاقات الصداقة التي كانت تربطني بالجنس اللطيف، وأصبحت أعد الساعات والدقائق التي أعود فيها إلى البيت لكي أرى ابتسامة أبنائي بمجرد أن أضع المفتاح على الباب، علماً بأنهما لا يتركاني أخلع ملابسي إلا بصعوبة. ويضيف: عندما أهم بمغادرة المنزل تنتابني لحظات حزينة، ولكني أشعر معها بمتعة لا توصف. إنها الحياة التي لم أكن أحلم بها، ولو كنت أدرك ذلك لما ترددت يوماً واحداً في الزواج. ويختم بالقول: نصيحتي لكل من يتصور أن حياة العزوبية أجمل، عليه أن يتخذ قرار الزواج اليوم قبل الغد حتى لا يندم بعد فوات الأوان.
ندم على حياة العزوبية
وفي السياق، يقول عبد الله عثمان إن مرحلة الثلاثينيات مناسبة جداً للزواج. وأضاف: دخلت التجربة وكان عمري لا يتجاوز الثلاثين عاماً. وأردف: كونت نفسي وأصبحت قادراً على تكوين أسرة، لافتاً إلى أنه في السابق كانت الصورة عنده مختلفة تماماً، حيث كان الشباب يتزوجون في العشرينيات. أما اليوم فقد باتت متطلبات الحياة الزوجية كثيرة، مبيناً أنه يشعر بسعادة كبيرة بعد الزواج، ولم يعد يتذكر حياة العزوبية، ولا يتمنى عودتها مرة ثانية. ويتابع عبدالله حديثه قائلاً: الاستقرار الأسري والنفسي الذي أشعر به كبير جداً. بينما يوافقه نعمان خالد الرأي حيث يقول إن الحياة أفضل بكثير بعد الزواج، فقد أصبحت لديَّ عائلة وأسرة، ولم أشعر لحظة واحدة بالندم على حياة العزوبية. ويشير إلى أنه تأخر في الزواج بسبب عدم توفر الإمكانيات التي تؤهله لذلك.
ضرورة الزواج المبكر
أما محمد سعيد فقال: تزوجت وعمري (25) عاماً وأنجبت أطفالاً حلوين وأنصح الشباب بضرورة الزواج في سن مبكرة لأن تلك الوضعية تجعل الأب قريب من أبنائه، ويستطيع تربيتهم بالصورة المطلوبة، وحتى على المستوى الفكري لا يجد صعوبة في فهمهم، خاصة في عصر التكنولوجيا، حيث بات الصغار يتفوقون على الكبار في استخدام أحدث الأجهزة الإلكترونية، وهذا كله يحتاج إلى المزيد من الجهد من قبل الآباء على عكس ما يحدث في الماضي ويمكنهم الاستفادة منهم.
استقرار تام
من جهته، يرى علي محمد إبراهيم الذي مر بتجربة لم يكتب لها النجاح أن الزواج في وقت مبكر من العمر فيه فوائد لا تحصى، مبيناً أن تجربته الزوجية أفادته كثيراً، لافتاً إلى أنه يرغب في تكراراها مرة أخرى قبل أن يسرقه الزمن، معرباً عن أمله في أن يجد الزوجة التي تعينه على الحياة، مؤكداً أن فشله في التجربة الأولى لم يؤثر عليه كثيراً، ولم يفقده الثقة في بنات حواء، بل منحته التجربة درساً مفيداً في كيفية التعامل الأمثل مع زوجة المستقبل، مشيراً إلى أهمية الزواج المبكر معدداً فوائده من استقرار كامل وأمان وتحصين.
سارة المنا
صحيفة اليوم التالي