فضل الله رابح : الحج والعمرة ومعركة الوكالات «#»

الحج والعمرة ومعركة الوكالات «1»

قبل أيام أصدر السيد وزير الإرشاد والأوقاف قراراً قضى بوقف الحج السياحي ومعاملات الوكالات في الجح والعمرة، وهو قرار جاء بناءً على توجيهات من نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن الصادر بتاريخ 31 يناير 2016م، بالرقم «4» لسنة 2016م.. ولا اعتقد أن قراراً بهذا الوضوح في اطار تطوير وتجويد الأداء في تقديم الخدمات بعد عمليات التقويم والتقييم التي تمت لحج العام الماضي، أن يكون صدر بدون توجيه كما ادعى أصحاب وملاك وكالات السفر الذين يريدون استفزاز السلطات الحكومية بالتذكير بضرورة خصخصة الحج والعمرة وجعله مثل اية سلعة تجارية في السوق يتلاعب بها تجار السوق ويرهن الحاج ارادته لسماسرة السوق.
إن الحج والعمرة والأوقاف ومثلها الشعائر الدينية والتعبدية اذا فرطت السلطات الحكومية في رعايتها والاشراف عليها وتركتها للتجار الذين لا تحرك ضميرهم معاناة المواطنين الذين ادركوا قيمة هذا القرار وتأثيره ونزل عليهم مثل الصاعقة، وبات مبعثاً جديداً لمخاوفهم التي تتهيج وتكون اكثر قلقاً كلما سارت الحكومة في الاتجاه الصحيح، فإنه لا يمكن السيطرة عليها بعد ذلك، ولذلك لا يمكن للحكومة أن تترك أمر المسجد والوقف والحج للتجار الذين لا يرون إلا وفق مؤشر مكاسبهم المادية التي يرون في قرار وزير الارشاد والاوقاف مهدداً لها، ولذلك قرروا الدخول في مواجهة مفتوحة مع ادارة الحج والعمرة، بدأت بتقديم مذكرة احتجاجية للنائب الأول لرئيس الجمهورية، لكنهم لم ينتظروا رده وكأنهم لا يثقون في مؤسسة رئاسة الجمهورية التي تقدموا اليها بشكوى، ولا ادري الى أي حق استندوا في الشكوى المقدمة، للنائب الأول لرئيس الجمهورية، ومن طريقة استعجالهم والهروب نحو الإعلام يكتشف ضعف الحجة وقلة المنطق القانوني والدستوري.. وفي هذا الصدد أرجو ان اطرح اسئلة للسادة التجار والمستثمرين في وكالات السفر والسياحة ويريدون أن يستأثروا بالحج والعمرة ويجعلونهما مثل أية سلعة تجارية يطالبون الاجهزة الحكومية بالخروج منها.. واسئلتى هي: ما هو القانون الذي يفرض على الدولة ممثلة في الحج والعمرة ووزارة الارشاد والأوقاف أن تعطي أصحاب الوكالات حصصاً في الحج؟ هل هناك مادة قانونية ملزمة في ذلك؟ هل هناك عقد قانوني وموثق تم بين إدارة الحج والعمرة واصحاب وكالات السفر؟ اذا لم تكن هناك وثائق دستورية وقانونية اعتقد ان على الحج والعمرة وقبلها الوزارة المعنية فنياً أن تصدرا ما يمليه عليهما الضمير والحق من قرارات تحفظ حق المواطنين والحجاج، ولا يلتفتان الى زوابع هؤلاء المستثمرين الذين يريدون أن يحصروا القضية في زاوية ضيقة واثارة كأنها قضية شخصية بينهم وبين وزير الارشاد والاوقاف ومدير عام وزارة الحج والعمرة اللذين ينفذان سياسات دولة، وفي تقديري الخاص انه من الايجابيات ان تشرف الحكومة على عملية الجح والعمرة طالما هناك نظام موحد في المملكة العربية السعودية خاص بعملية الحج وتنظيمه وكيفية تقديم الخدمات للحجيج، والسعودية تتعامل مع الحكومات وليس الأفراد أو الشركات، فهناك مؤسسات حكومية مؤهلة هي المسموح لها بتقديم الخدمات، والحكومة السعودية تقوم بعملية الاشراف على التعاقدات وتنفيذها، وليس من حق شخص او مؤسسة ان ترفض تنفيذ أمر الخدمات بالطرق والاسلوب المتفق عليه في العقد.
ومن أوجب واجبات وزارة الإرشاد والأوقاف تنسيق الجهود في عملية تجويد أداء الحج والعمرة وتيسيره والبحث عن طرق تقديم خدمات مريحة لكل الحجاج، ومن الأشياء الإيجابية التي برزت بعد قرار وقف عملية الحج عبر الوكالات، إنشاء صندوق الحاج والمعتمر، وهو طريقة تكافلية توفيرية تسهم كثيراً في تخفيف أعباء الحج المالية وتيسيره، ويساعد في تبسيط الحج لكل الراغبين.
إن قرار وقف الحج السياحي قرار سليم، لأنه يحد من سيطرة شبيحة الوكالات، وتخليص عملية الحج من التجار والنفعيين المتكسبين الذين إلا يرون إلا ما يملأ جيوبهم.
ونواصل إن شاء الله.

الحج والعمرة ومعركة الوكالات «2»

نواصل ما انقطع من حديث حول معركة وزارة الإرشاد والأوقاف ممثلة في الإدارة العامة للحج والعمرة ووكالات السفر، والخاصة بمنع الحج السياحي وحصة الوكالات ونسبتها من عداد الحجاج. وهي معركة من وجهة نظري غير متكافئة، لجهة انها مبنية على عدم وجود منطق وعقلانية في مطالبة الوكالات وضجيجها في الإعلام، والمذكرات والبيانات الصحفية التي أصدرتها، ومطالبتها المتكررة بإجراء تعديلات إدارية في الوزارة وتغيير مدير عام الحج والعمرة.
إن الذي يهمني ليس المطالبة بالإقالات ولا تغيير الوجوه، وان جاءت المطالبة من جهة لا تملك الحق في المطالبة، وإنما سأناقش المنطق والشرعية التي تؤهل تجار سفر وسياحة إلى أن يخاطبوا رئاسة الدولة ويعيبوا عليها إجراءاتها الإدارية، وان جاءت المطالبة من جمهور المواطنين المستفيدين ستكون مقبولة عند الجميع، ولكن طريقة الاجتماعات وصناعة اللوبيات التي تعمل بها وكالات السفر والسياحة هي التي ستضر بقضيتهم إن كانت لديهم قضية، وسأورد هنا حادثتين وقعتا في الحج العام المنصرم، كفيلتين بأن تسحب تراخيص الوكالات، ناهيك عن منعها من إجراءات الحجيج وتفويجهم.. فالحادثة الأولى وقعت أمامنا وأثناء خروجنا من الحرم المكي، ونحن في انتظار سيارتنا جاءتنا امرأة سودانية قوية البنية الجثمانية لكنها تائهة، ولو لا أنها تمتلك صحة قوية وبنية أساسية متينة لكانت سقطت تحت أرجل المارة وداسوها تحتهم وهي في رحلة توهان وضياع من المجموعة التي تتبع لها، فعرفت أننا سودانيون وأطلعتنا على مشكلتها الخاصة، وقالت إنها تتبع لوكالة محددة، واطلعتنا على ديباجة وأسورة الوكالة، فعرف الأخ أحمد الأمين اسم الوكالة، ومن العنوان المكتوب على الديباجة تم الاتصال بهم، وبالفعل ردوا بأم الحاجة تتبع لهم وكانت مفقودة، وقالوا سيأتي شخص كي يتسلمها، والحديث هذا كان حوالى الساعة «12» ظهراً، ومضت الساعات ولم يأتي إليها أصحاب الوكالات إلا في آخر الليل حوالى الواحدة صباحاً، وبعد هواتف ملحة لفك تماطلهم وإحساسهم بالأمانة والمسؤولية، ظللنا وبعض الزملاء نجلس الى جوار الحاجة لبث الطمأنينة في نفسها.. أما القضية الثانية فقد حدثت للأخ «عبادي» وآخرين، حيث قدم للحج بواسطة وكالة خاصة وهو ووالدته، وسددوا مبلغ «80» الف جنيه «أي ثمانون مليون»، ولكن في نهاية المطاف قيل لهم «إن جوازاتكم دخلناها السفارة السعودية لكن بعضها خرج فارغاً بدون تأشيرة» ثم بدأت رحلة معاناتهم بغرض العلاج، حيث قيل لعبادي: «جواز والدتك قد استلمناه مؤشراً ولكن جوازك لم يؤشر»، وبدأت رحلة المعاناة والاتصالات، والمجموعة التي كانت معه قد عجزت وسلموا أمرهم لله، إلا الأخ عبادي «عكليت» استخدم مهارته وعلاقاته الرأسية والأفقية، ثم أثيرت القضية على كل الأصعدة، ولحظتها تدخل مسؤول رفيع في اتحاد وكالات السفر والتزم بحل الموضوع دون اللجوء الى اية جهة، وكان حريصا على عدم إثارتها في الوسائط الإعلامية، فعلمنا أن تلاعباً قد حدث، لأن أي جواز دخل السفارة السعودية عادة يخرج مؤشراً وجاهزاً للتسفير، ولكن مصدراً خاصاً قال إن هذه حالات تلاعب ظلت تتكرر بصورة مستمرة، اما عن طريق بيع الفرص لشخصيات ذات استعداد لدفع أي مبلغ في سبيل إيجاد فرصة حج خاصة في الزمن المتأخر، أو أن يتم التشويش لصاحب الجواز حتى يدفع مبلغاً إضافياً على الأساس، والبالغ «40» مليون للشخص.. ويقوم بعض ضعاف النفوس بمثل هذه الممارسات من أجل كسب المال دون النظر لظروف الحاج نفسه .. وقضية عبادي تمت معالجتها بإيجاد تأشيرة جديدة من السفارة السعودية مكتوب عليها تأشيرة إكرامية، وألحق عبادي ووالدته بالحج في ظرف ضيق جداً، بعد أن ألحقت بهما حالات توتر نفسي وارهاق ذهني كادت تفسد عليهم عملية الحج والاستعداد النفسي لها.. نعم ألحق عبادي بالحج وعولجت مشكلته لأنه يملك عصا تخويف سياسي وإعلامي، ولكن من يحمي الآخرين الذين لا يكاد يبين حديثهم وتنتهك حقوقهم بسبب الجشع والطمع وحب النفس.
وأختم هذا المقال بقصة الحج السياحي وموقعه من القيمة الروحية والايمانية المتجسدة في أن أصل الحج المشقة والعنت والتعب، وليس السياحة والترطيب والتكاليف الباهظة مقابل خدمة ضعيفة، وتهرب من أصحاب الحاجة والتائهين في الحج.. فالوكالايات بمجرد ما تقبض المال لا تهتم بجودة العمل ولا خدمة الحاج التي تمثل شرفاً لكل مسلم حينما يجد نفسه خادماً للحاج والمعتمر.
«نواصل إن شاء الله».

الحج والعمرة ومعركة الوكالات «3»

رد الزميل بدرالدين عبدالمعروف في عموده «في الواقع » عدد الثلاثاء 8 مارس 2016م مفنداً ما ورد في المقال الأول حول هذه المعركة والقتال العنيف الذي يقوده الإخوة ملاك الوكالات «تجار السفر والسياحة» الذين تركوا السياحة جانباً ويريدون أن أن يثروا ويستثمروا في الشعائر والعبادات ويريدون الدولة أن تخصخص لهم الحج والعمرة وتحول لهم فرص الحج التي في العادة تمنحها المملكة العربية السعودية للدولة وليس الوكالات، واذا افترضنا جدلاً وسلمنا بأن الدولة قامت بخصخصة الحج والعمرة فهل تكفي لعدد «1700» الف وسبعمائة وكالة سفر وسياحة.. أخي بدر الدين لك عميق التقدير والمحبة، ولكن هناك مسلمات ومرتكزات بالضرورة تعرفها أنني أتناول هذا الموضوع من فرط حرصي على الشعيرة وحقوق الحاج والمعتمر وليس سواها، وفي ذلك أملك من المعلومات مأخوذة من مصادر موثوقة وقد حققت حولها وصدقيتها وهي ما يؤهلني لإدارة نقاش حول هذا الملف بحديث الأرقام والكشوفات، ولم اتهم شخصاً جزافاً، وليس حديثي حول أن بعض ملاك الوكالات لا يرون إلا ما يملأ جيوبهم هو اتهام ولكنه حقيقة، وبطرفي مستندات وبلاغات وأمر قبض صادر من وزارة العدل تحت المادة «187» بتاريخ 22/9/2015م والمتهم فيه «ج.أ.ح.أ» وهو صاحب وكالة سفر وسياحة معروفة اسمها «م.م.ص.» أشبه باسم مطعم شهير بالخرطوم، والشاكي في هذا البلاغ «ك.م.» وأمها ومرفق إيصال يثبت أن الوكالة المشكو ضدها قد استلمت مبلغ «76000» ستة وسبعون ألف جنيه بتاريخ 16/7/2015م بغرض الحج للعام المنصرم، ولكن الوكالة لم تعمل لهما إجراءات السفر ولم تعيد لهما المبلغ فاضطرتا الى اللجوء الى القضاء، بالله عليكم اخي بدر الدين ماذا تسمي هذا.. هل هو احتيال أم غش أم ماذا تسمونه؟؟ قال اتهام قال ..!! سأكتفي بهذا ولم أورد لك تفاصيل وكالات السفر التي تمت محاسبتها أو كونت لها لجان للضبط والمراجعة وسحب تراخيصها على خلفية تجاوزات وارتكاب مخالفات متمثلة في تكبير إعمار معتمرين وتجاوزات أخرى في ضوابط الحج والعمرة السعودية ضبطتها القنصلية السودانية بجدة وإدارة الحج والعمرة السودانية وشرطة جوازات المملكة العربية السعودية، وهي جرائم ضد الحق العام في القانون السعودي والقانون الجنائي السوداني المادة «123» لسنة 1991م.. لم أوسع لك في هذا ومن باب الحرص على ضرورة حراسة الحق العام وأهمية الدور الحكومي والسلطات في تنظيم عملية الحج والعمرة نسأل السيد وزير الإرشاد والأوقاف ونقول له هل قراراتكم سوف تتواصل لتشمل العمرة أم سيتوقف الأمر عند الحج فقط..؟؟ لأننا همنا الحاج والمعتمر ولم نعمل وفق عاطفة أو مصلحة لحمايتها، ولكنني أدرك أن الحكومة هي القيمة والمسؤول عن تنظم الخدمة ولا تقدمها في عملية الحج، أما الذي يقدم الخدمات فهي القطاع الخاص عبر مؤسسات مؤهلة ومحترمة ومحترفة، أما الوكالات فدورها ينتهي بالداخل وتقديم الخدمة المحلية، أما بالسعودية فتقدم الخدمة شركات. فهؤلاء وكلاء للشركات، فلماذا تأخذ هذه الوكالات كل هذه المبالغ الضخمة ..؟؟ أما حديثك أخي العزيز بدرالدين بخصوص قرار مجلس الوزراء رقم «106»لسنة 2013م وقولك إنه تاريخ إقرار خروج الدولة وخصخصة الحج والعمرة بناء على توجيهات المملكة العربية السعودية، فأقول لك إنني قرأت ذلك الموجه فصلاً فصلاً وامتلكه مستنداً فهو ليس قراراً، وإنما طلب بأن تقدم وزارة الإرشاد والأوقاف خطة موضوعة لمجلس الوزراء تختص بإمكانية خروج الدولة من عملية الحج والعمرة بقيد زمني، ولذلك لم يكن قرارًا ملزماً والخطة قد تقول إن الدولة ليست بحاجة لخصخصة الحج والعمرة بمبررات موضوعية، أما القرار الوارد في القرار فهو ينص بمنح الأولوية من الحصة المقررة للحج لحجاج الفريضة لأول مرة، وهذا يعني بصورة واضحة منع الحج السياحي الذي تنظمه الوكالات التي تعمل بمبدأ الربحية عكس القطاع العام فهو غير ربحي ولديه حساب موحد صفري بمجرد انتهاء موسم الحج يتم إرجاع المبلغ المتبقى للحجاج. فهل تعمل الوكالات وفق هذا المنهج؟؟ في الحلقة المقبلة سأتحدث إن شاء الله عن قضايا في غاية الأهمية تتعلق بما يسمى مجموعات احتكار القلة الذين تجد الواحد منهم يمتلك 7 وكالات، فما فوق.. وسأورد مقارنات ما بين نظام الحج العام والحج الخاص وكيف يحدث الفرق في السعر والخدمة واحدة، الى جانب مقارنات قريبة عن نوع وحجم الإخفاقات ما بين القطاعين العام والخاص.. وحجم الأرباح والتكلفة الباهظة للحج الخاص.. ومجموعات الوكالات السفرية الصغيرة التي تقوم ببيع فرصها لأخرى أكبر منها.. ونواصل إن شاء الله تعالى.

الحج والعمرة ومعركة الوكالات (4)..

نواصل ما انقطع من حديث حول هذه القضية المهمة، وفي مستهل الحديث نستعير العبارة المحببة لصديقي الصحافي النابه بالزميلة «السوداني» عبدالباسط إدريس وهو يقولها دائماً ومعحب بها :(العين بتبكي النفع)، وهي بالضرورة واضحة المعنى، وأنني هنا أهدي العبارة للأخ الأستاذ بدرالدين عبدالمعروف وجاري في صفحات «الإنتباهة»، وأقول أخي العزيز.. إنني حينما أتناول هذا الموضوع، لم أطالب بمصادرة حقك في الرد أو إبداء الرأي لأنك أحد ملاك وكالات السفر وصاحب مصلحة ومنفعة، وبالتالي شهادتك مجروحة لأنني أدرك بأنك من حقك أن تقول رأيك بما يمليه عليك ضميرك كما لم أنكر على الحكومة بأن تتعامل مع الوكالات والضرورة منعها تشريد للعاملين فيها، وإيقاف المصالح التجارية وقطع عيش الناس، لأنني أعلم يقيناً أن بعض الوكالات تعيش أسراً وساترة لأسر، وبعضها يعمل بها رجال أكفاء ومكان تقديري الخاص، ولم أقصد تجريحهم أو الإساءة إليهم لأنني لست في مواجهة مع أحد منهم أو أقصد وكالة بعينها، وإنما هدفي هو إثبات أن إدارة الحج والعمرة ووزارة الإرشاد هما ذراع الدولة المباشر للإشراف على الحج والعمرة وخدمة الحجاج، وليس سواهما. وتحدثت عن قضية الخصخصة ومحاولات تولية أمر الحج لمن هو همه جمع المال وكسب الأرباح والجاه وليس خدمة الشعيرة الدينية وجوانبها القيمية المقصودة من رحلة الحج، وأنني لم أشمل كل الوكالات بالسوء، لأنني أدرك أن من بينها هناك الصالح والطالح، وأن من بينها أيضاً من به فضيلة وأمانة وصدق، ولكن أكثر هذه الوكالات متجاوزاً ويستحق العقوبة والردع من السلطات، غير أن ضعف إرادة مؤسسات الدولة المعنية بالمحاسبة هي من شجع بعض الوكالات على فعل المخالفات وإساءة الخدمات والانحراف وعدم الالتزام بما يرد في استمارة الخدمات التي يفترض تقديمها للحجاج ونوعها وتوقع عليها الوكالات، وعلى ضوئها يوضع خطاب الضمان البنكي..أما نفيك أخي بدرالدين لموضع السيد عبادي ووالدته وقولك بأنه بعد مراجعتك لمسؤول بالحج السياحي لا يوجد حاج اسمه عبادي وكذبتني، فإنني أقول لك إنني امتلك الوثائق والخطاب الذي استبعد به هو وشخص آخر اسمه صلاح وأجبروا بالمعالجة التي تمت بأن يحجوا فرادى، فلا أدري لماذا أنت تدافع عن قضية أنت لست طرفاً فيها وأنت تعلم أن من بين الـ «1.700» وكالة وأفرعها هناك وكالات صغيرة لا تمتلك مقومات تسفير خمسة أشخاص، ومع ذلك تأتي وتأخد نسبة من حصة الحج ثم تبيعها بالباطن لوكالات أخرى أكبر منها. فلماذا أنتم تدافعون عن النقائص وعن مجموعة تجار يحتكرون سوق الوكالات، حيث تجد الواحد يمتلك أكثر من سبع الى تسع وكالات سفر من باب الاحتكار حتى يغلق الباب أمام الآخرين كي لا يدخولوا في هذا السوق الرابح والمربح؟ ولذلك تجد بعضهم يحسب كل صيحة عليه وتجدهم دائماً على وجل وخوف من أن ينزل عليهم ما يهتك أستارهم ويبيح المعلومات المخفية عن تكسبهم وأرباحهم الطائلة من عملية الحج والعمرة، وما حربهم الضروس وقتالهم من أجل إجهاض قرار الدولة القاضي بمنع الحج السياحي إلا من أجل أن يتمكنوا مادياً ويصرفوا الناس عن مناقشة طريقة ومنهج نشاط الوكالات وضبطها حتي تلتزم بالمنفستو الذي تأسست للعمل في إطاره، وما تركهم العمل بهمة في قطاع السياحة والسفر العام وتمسكهم بالحج إلا لأنه الثدي الحلوب والطريق الأكثر ربحاً حيث أن سعر الحج الخاص (الوكالات) بقيمة40 الف جنيه بينما تكلفة الحج العام لا تتجاوز ال 22 ألف جنيه، بما فيها قيمة الهدي وليس هناك فرق في الخدمات حيث كل الحجاج يقطنون المنطقة المركزية في المدينة وفي مكة يقطنون منطقة واحدة وكذلك في منى وعرفات، فلا يوجد فرق يجعل الوكالات تأخذ كل هذا المبلغ، حيث أن ربح الوكالة في الحاج الواحد يتراوح ما بين 10 -15 ألف جنيه. وأما السماسرة الذين يجلبون الجوازات، فالواحد منهم يأخذ عمولة تتراوح ما بين 300 -500 جنيه..فالوكالات تأخذ مبالغ ضخمة مقابل خدمة عادية وبعد هذا تجد من يقول لك لدينا فرق. فهل الفرق هو الآيسكريم الذي تقدمه بعض الوكالات للحجاج وهو لم يكن ضمن أولويات الحجاج، أم نوع من وجباتهم الرئيسة؟ ومع كل هذه الاخفاقات المختلفة تماماً عن اخفاقات الحج العام والتي إما زيادة أو نقصان في الخدمة، ولكن اخفاقات الحج الخاص كبيرة أبرزها بيع الفرص وضياع الجوازات وبعض أنواع الاحتيالات واستلام مبالغ كبيرة مقابل خدمة قليلة أو ضعيفة. فهذا لا ينفي وجود وكالات مؤسسة ومحترمة تستحق الحديث عنها وهي تقدم خدمات أمينة ليس على مستوى حجاج الداخل، بل حتى للحجاج السودانيين بالخارج، بعدما منعت السلطات السعودية أي نوع من الحج للسودان بالخارج إلا من خلال حصة السودان من الحج كما أن هناك شخصيات مسؤولة تعمل في هذا الوسط لها التقدير والاحترام ولكن هذا لا ينفي أن نطالب بضبط الوكالات وتأسيس القدوة والأسوة الحسنة في العمل المتجرد وما يدفع به البعض منهم من حجج في سبيل الدفاع عن الوكالات وممارساتها لم يعد كونه مجرد حديث استهلاكي وربما نبع من طمع لا يدفع عنها النقد الموضوعي المسنود بالحجة والمنطق..نختم هذا المقال ونقول للأخ العزيز بدرالدين عبدالمعروف، أما حديثك عن الحاجة التي وجدناها تائهة فنحن لم نتركها، بل حملناها معنا الى حيث موقع سكننا بشهامة السودانيين أبناء البلد، ولكن التراخ جاء من طرف الذي قبض الثمن من أصحاب الوكالات وهو ظل يتهرب من اتصالاتنا ولم يحذر ويستجيب إلا بعد إلحاح وتحذير من البعض بأنه سوف تطاله عقوبات نظير الإهمال فجاء في وقت متأخر وأخذ معه الحاجة وهو يتنهر بأنه ما كان لها أن تفارق مجموعتها وتتعبهم.
ونواصل إن شاء الله…

Exit mobile version