لا مجال بعد اليوم لاتهامي بمعاداة المرأة، فقد عثرت على الدليل العلمي لبراءة المرأة من تهمة جائرة التصقت بها عدة قرون، فمنذ فجر التاريخ والنساء متهمات بالثرثرة والنقنقة والطنطنة، ولكن الباحث البريطاني الأسترالي الأصل ألن بيس اكتشف أن النساء مبرمجات «خلقة ربنا» بحيث يتكلمن كثيرًا، يعني العتب مرفوع عن عموم النساء، فإذا أمضين ساعات طويلة في الونسة والحش، فذلك ناتج عن أنهن خلقن هكذا على ذمة الأسترالي (هو باحث في مجال الطب البشري وليس الخرفان).
فعلى ذمة الدكتور بيس، تستخدم المرأة نحو ثمانين في المائة من دماغها عند الكلام، بينما يستخدم الرجل نحو عشرة في المائة فقط من دماغه عند الكلام، مما يعني أن قدرة الرجل على الكلام تساوي حوالي عُشر (بضم العين، أي واحد على عشرة) قدرة المرأة في هذا المجال، مما يفسر سبب بلوغ الحصيلة اللغوية لبنت الثالثة من العمر ضعف حصيلة ولد يماثلها في العمر، وهكذا يتضح لماذا يتكلم مذيع تلفزيوني مثقف وفصيح فهمان، وكأنه مصاب بالربو، فتخرج من فمه الكلمات بالقطارة، بينما الكلام ينزل مثل الدش من فم هالة سرحان ورزان، رغم الفارق في المحتوى بين كلام طرفي هذه المقارنة. (معليش وعلي بالطلاق لا أقصد أن أقول إن معظم النساء سرحانيات أو رزانيات المزاج واللسان).
ويمضي بيس قائلاً إن المرأة تستخدم خمس طبقات صوتية، بينما معظم الرجال لا يستطيعون تلوين كلامهم، ولهذا يأتي كلام المرأة أكثر إقناعًا، (حاول مراقبة واحدة من أفراد أسرتك وهي تقول كلمة من ثلاثة أحرف هي «طيب»، ستخرج منها تارة وكأنها تقبل بأمر ما وهي مقهورة «طااايب»، وتارة عن قبولها الأمر بطيب خاطر «طيب»، وثالثة بمعنى الوعيد و«يا ويلك، وراح تشوف»: طيّييب، ورابعة بمعنى «إخرس، ما عندي وقت اسمع كلامك»: طب.. وتروح فيها الياء، بينما طيب عن الرجل إما تعني الموافقة على أمر ما، أو استنكاره.
ولهذا السبب فإنّ النساء أكثر نجاحًا في ميادين العمل التي تتطلب قوة الإقناع والانتباه إلى التفاصيل، بل يستخدمن القدرة على تلوين الصوت للاستهبال والكذب: تأخرت لأن أبوي كان في طوارئ المستشفى من 9 مساء لصلاة الفجر (بينما كانت المستهبلة في فرح بنت خالتها تنطط وترقص وكأنها مصابة بلوثة عقلية)، والاستثناء الوحيد من هذه القاعدة هي الممثلة المصرية مريم فخر الدين التي تحزن وتفرح وتغني وتبكي بنبرة صوتية واحدة ترفع ضغط الدم لدى من يستمع إليها.
وإذا تعطلت لغة الكلام فإنّ للمرأة سلاحها التاريخي للتعبير المقنع، فإذا سألها رئيسها في العمل لماذا غبت عن العمل ثلاثة أيام متتالية ولم يكن عندها عذر وجيه فإنها: فل فل فل في الحقيقة…..إهي أهي.. ماما.. إهي إهي.. وبابا.. آآآآ، ومهما كانت قسوة قلب رئيسها المباشر فإنه سيصيح فيها: معليش.. ولا يهمك.. خذي بقية هذا اليوم أيضًا إجازة، لأنه سيتبادر إلى ذهنه أن أمها وأباها يعانيان من حمى الوادي المتصدع، أو أن الأم خلعت الأب، أو أنهما اعتقلا اثر اشتراكهما في محاولة انقلابية فاشلة.
ويحذرنا بيس مشكورًا من أن النساء سيستولين على معظم الأعمال المكتبية قريبًا، لأنّ الرجل لا يميل إلى شرح ما أنجزه متوهمًا أن أعماله تتحدث عن نفسها، بينما المرأة تعطي رؤساءها أدق التفاصيل عن عملها وخططها، فتنال الترقية تلو الأخرى، وكمان تعطيها «كوز» كما نقول في السودان على الذي يطعم كلامه بالبهار ليعطيه نكهة جاذبة.