احمد طه الصديق : خيانة القروبات

> المعروف إن من العادة أن يكون في أي مجتمع (فتان) ينقل من أصدقائه أو معارفه أسرار يخصونه بها ثم يسارع ببثها على عجل إلى خصومهم، غير أن تقنية الواتساب أتاحت الآن لهؤلاء الفتانين وسيلة جديدة لهذه الخدمة الخبيثة، بطريقة أسرع وأكثر فعالية وتأثيراً. وقبل أيام انتشرت فقرات متداولة بين أطباء عن الحالة الطبية للدكتور الراحل د. الترابي أبان أزمته الصحية التي لم تمتد كثيراً إذ انتقل بعدها إلى الرفيق الأعلى رحمه الله، وصحيح أن ما نقل عن أحد الأطباء يمثل نوع من الشماتة في المرض وإن ذلك لا يتفق مع أخلاقيات المهنة ولا الدين، غير أن نقل الحديث من إطار القروب المحدود المتعلق بفئة محددة هم الأطباء إلى الفضاء الأسفيري عبر عضو في داخل القروب، أو ربما بواسطة متطفل تسلل خلسة إلى هاتف أحد الأعضاء، لا شك أن ذلك يعتبر نوعاً من الفتنة وعدم أمانة مجالس الحديث وإن كان ما قيل فيها سالباً، وقد يسبب هذا النقل مشكلة لصاحب المداخلة ونقلت الأنباء بحسب الصحف أول أمس أن المجلس الطبي بصدد محاسبة الطبيب بسبب ما قاله في ذلك القروب الذي تم تسريبه غيلة.
> ونحسب إذا كان هناك ميثاق شرف للقروبات لعقدت محاكمة أخلاقية لصاحب التسريب الذي لم يلتزم بأخلاقيات المداخلات الجانبية بين مجموعة محددة وسارع بها لتوريط العضو بسبب حديثه الذي قاله بداخله، نقول ذلك بصرف النظر عن القول السالب لصحاب المداخلة، إذ أن هذا الفعل النقلي الذي يقصد به التوريط يشكل نوعاً من الفتنة مما يعد مخالفة دينية وأخلاقية.
> ولا شك أن هذا المسلك في تطبيق الواتساب، بات معروفاً فقد درج الكثير من هواة الفتنة على نقل احاديث جانبية خاصة حتى في المداخلات الثنائية بين اثنين وبثها بغرض الفتنة والوقيعة، بل أن بعض الخبثاء إذا ما عثروا صدفة على هاتف يخص أحد زملائهم ووجدوا مداخلة تخص أشياء تدور في المؤسسة التي يعملون فيها من رأي في مجريات العمل أو رأي شخصي في الإدراة أو أحد أعضائها يسارعون بنقله على جناح السرعة إلى المعنيين به بغرض التقرب لهم أوالإيقاع بزميلهم الذي يناصبونه العداء، أو بسبب التنافس المهني داخل المنشأة، ولهذا فإن الكثيرين من الذين يمتلكون هواتف ذكية درجوا على وضع شفرة تحصنهم من المتطفلين والفتانين أيضاً.
> ونحسب إذا ما استمرت ظاهرة فتانّي الواتساب، فربما تمتلئ المحاكم بمستندات الشكاوى المنقولة من الهواتف الجوالة كمستندات اتهام، غير إنها ربما لا تصبح قرينة تامة باعتبار أن التقنيات باتت تتيح لبعض الهكرز إرسال رسائل بأسماء آخرين وإن لم يقوموا بإرسالها.
> ومن يدري ربما تقوم بعض إدارات المنشآت الصناعية أو التجارية الخاصة أو العامة بزرع (قروباتية فتنانين) داخل القروبات الخاصة في تلك المنشآت لنقل بعض ما يدور فيها (كوبي بست) مما يعرض صاحب المداخلة أما للعداء والمعاكاسات أو النقل إذا كانت المؤسسة عامة أو الفصل إذا كانت خاصة.
> أخيراً يا فتانّي القروبات اتقوا الله.. فالفتنة أشد من القتل والموت أقرب من حبل الوريد.

Exit mobile version