برزت في الآونة الأخيرة كثير من التحديات التي تواجه المجتمع خاصة شريحة الشباب التي باتت مستهدفة بعدد من المخاطر لعل أبرزها التطرف الديني والفكري وانتشار المخدرات والخمور، وقد تنبهت الدولة لهذه المخاطر التي تكاثرت في الجوار العربي والأفريقي حتى صارت تشكل بعبعاً لأعتى الدول مثل الولايات المتحدة التي تسخر كافة آلياتها لمحاربتها وإيقافها، وقد عملت الدولة منذ فترة على إشراك المجتمع في محاربة تلك الظواهر من خلال تسخير إمكانيات الطرق الصوفية التي تمثل بثقلها التاريخي أحد الركائز المهمة في نشر الدعوة الوسطية والتسامح الديني. وفي هذا السياق تحرك نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” في زيارات شملت عدداً من رموز الطرق الصوفية للتواصل معهم من جهة ولحملهم على المساهمة في لعب دور ايجابي لمحاربة ظواهر التطرف والغلو من جهة أخرى، حيث كانت زيارته يوم (الجمعة) برفقة عدد من الوزراء والعلماء لمنطقة الشكينيبة بولاية الجزيرة للمشاركة في الذكرى السنوية للشيخ الجيلي بن الشيخ عبد الباقي المكاشفي، كانت جزءاً من الاهتمام الكبير الذي تولية الدولة للطرق الصوفية التي ما عادت تلعب دور التصوف والتدين فقط وإنما لها أدوار أخرى .
شبت عن الطوق
واستهل نائب رئيس الجمهورية زيارته للشكينيبة بأداء صلاة (الجمعة) بمسجد الشيخ المكاشفي ثم خاطب المصلين بعد الانتهاء من الصلاة. وقال “حسبو” إن قوى البغي والعدوان تحاول خلخلة النسيج الاجتماعي للسودان من خلال عدد من المهددات بينها المخدرات والتطرف. وأضاف أن الإنقاذ شبت عن الطوق وتخطت الـ(26) عاماً بفضل إعلائها لكلمة التوحيد وتمكين دين الله في الأرض الذي لا خيار غير التمسك به. وأكد أن السودان دولة مستقرة لا يواجهها أي تحدي سوى نشر الدعوة من خلال الاهتمام بإعمار المساجد لرفع الابتلاءات. وشدد على أهمية التمسك بالوسطية وعدم ترك الشباب فريسة للتطرف والغلو والمخدرات والخمور.
رسائل للصوفية
وقطع “حسبو” بأن كل ما تقدمه الحكومة من خدمات في الصحة والكهرباء وغيرها من أجل عبادة الله وتمكين الناس في دينهم، وامتدح “حسبو” مواقف الطريقة المكاشفية التي قال إنها في كل مدينة لديها راية خضراء وخلاوي لتحفيظ القرآن ونشر الدعوة، داعياً إلى أهمية التمسك بالقيم التي تركها مشايخ الطرق الصوفية الأوائل. ووجه “حسبو” بإعادة تأهيل مسيد الشيخ المكاشفي ومدارس الشكينيبة وتكملة الطريق الذي يربط المنطقة بمدينة المناقل. واستغل “حسبو” وجوده بالجزيرة ليبشر فيه الشعب السوداني بنتائج كبيرة في الإنتاج الزراعي بمشروع الجزيرة الذي سيقف عليه بنفسه قريباً، من خلال زيارته للولاية لحضور ختام الموسم الزراعي بمشروع الجزيرة.
“أيلا” ومشروع الجزيرة
والي ولاية الجزيرة الدكتور “محمد طاهر أيلا” في كلمته أكد على أهمية الطرق الصوفية في لعب أدوار كبيرة في ترقية النسيج الاجتماعي والمحافظة على القيم. وقال إن نائب رئيس الجمهورية يولي اهتماماً خاصاً بولاية الجزيرة سيما في مجال الزراعة من خلال متابعته لمشروع الجزيرة، وحيا “أيلا” مواقف الطريقة المكاشفية وقيادتهم لأمر الدعوة ونشر قيم الفضيلة التي دعا إليها الإسلام، معتبراً زيارة نائب رئيس الجمهورية لهم بمثابة اعتراف من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية بأدوار الطرق الصوفية في المجتمع.
الحكومة تحتاج للصوفية
وزير الإرشاد والأوقاف “عمار ميرغني” اعتبر أن الطريقة المكاشفية كانت وستظل من معاقل التغيير الاجتماعي بالبلاد، ومضى “عمار ميرغني” ليقول إنهم قدموا للشكينيبة لأنهم في حاجة ماسة للمكاشفية الذين اعتبرهم ليسوا في حاجة للحكومة بقدر احتياج الحكومة لهم. وأكد أن للصوفية دوراً كبيراً في تزكية المجتمع وتعليم الناس. وأضاف قائلاً (نريد للتصوف أن يعود إلى سابق مجده، ودعا لعدم الانشغال بالخلافات التي تنشأ بين الصوفية وأنصار السنة، مشيراً إلى أن الدولة مهمومة تماماً بأمر الدين من خلال وضع موجهات واضحة لوزارة الإرشاد بنبذ الخلاف المذهبي.
مساندة وتأييد
وزير الدولة بالإرشاد الشيخ “نزار بن الشيخ الجيلي المكاشفي” تلا خطاب الأسرة نيابة عن الخليفة الشيخ “الفاتح بن الشيخ الجيلي”، اعتبر زيارة نائب رئيس الجمهورية للشكينيبة تأكيداً على اهتمام الدولة بأمر الدين وبالطرق الصوفية على وجهة الخصوص. ومضى ليقول إن التاريخ سيسجل للحكومة أنها حفظت للبلاد عزتها وكرامتها. وقال إن الطريقة المكاشفية تقف مؤيدة ومساندة للشأن الإسلامي والدعوة الإسلامية.
مشاهد من “الشكينيبة”
تحوي منطقة الشكينيبة ثقلاً سكانياً واجتماعياً كبيراً، إذ تحتشد المدينة بالمواطنين وبالزائرين من كافة بقاع السودان، وعلى الرغم من ذلك تعاني المنطقة من إهمال باين في البنية التحتية بداية بالطريق الذي يربطها بمركز المحلية بالمناقل، مروراً بالمدارس المتهالكة والمساجد ومن بينها مسجد الشيخ “المكاشفي” الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل. وقد التفت إليه نائب رئيس الجمهورية أثناء مخاطبته للمصلين وأمر وزارة الإرشاد والأوقاف بإعادة ترميمه، وتظهر على ملامح الناس في المنطقة مظاهر الفقر والعوز مما يتطلب التفاتة من قبل المؤسسات الاجتماعية لمعالجة هذا الخلل الباين، على الرغم من أن أبناء الشيخ “الفاتح” ومن خلفه الشيخ “نزار” يعملون على معالجة الكثير من الجوانب الاجتماعية وهذا ما جعل الكثيرين يتجهون صوب “الشكينيبة” لتكون ملاذاً وسكناً بديلاً لهم.
المجهر