:: ومن روائع الشعر، ما جادت به عبقرية الشاعر السعودي ظافر سيف، مخاطباً أحد الكُتاب :
أيا كاتباً طاب فيك الرجاء .. وطابت مسـاعيك و( الطاء خاء)
كتبت الرواية و (الراء غين) .. وكان الثنـا منك و(الثاء خاء)
بليغ كما قيل و(الغيـن دال ).. خبير نعم أنت و (الراء ثاء)
جميـل بلا شك و(الجيم عيـن).. كريم بفعلك و ( الميم هاء)
عظيم المبادئ و(الظاء قاف)..سـليم العبارة و( الميم طاء)
أميـر الصحافة و( الحاء لام).. سـفير الثقافة و(الراء هاء)
إلى آخر القصيدة التي تنساب أبيات الذم بما يشبه المدح بسلاسة تدهشك رصانتها وبلاغة شاعرها ..!!
:: وهكذا مدح الدكتور عبد الرحيم علي – القيادي التاريخي بالحركة الإسلامية- الحركة الإسلامية وزعيمها الراحل بمسجد الجامعة عقب خطب الجمعة الفائتة، كما نقلتها أخبار هذه الصحيفة.. ونص الخبر، ( كشف القيادي الأبرز بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني عبد الرحيم علي عن ترتيب الحركة الإسلامية للإستيلاء على السلطة منذ ستينات القرن الماضي، وذلك بتوجيه من زعيمها الراحل د. الترابي).. وبما أن المقام بمسجد الجامعة في تلك الجمعة كان مقام رثاء وثناء ثم دفاع عن الحركة الإسلامية، وبما أن الحديث هذا ليس بمدح ولا ثناء ولا دفاع عن الحركة ، فليس في قاموس العرب ما يُمكن أن يًصنف به الحديث غير أنه ذم بما يشبه المدح..فالإستيلاء على السلطة بغير علم الناس ليس (محمدة).. والشاهد أن الذين إختلفوا مع الراحل سياسيا وفكرياً تحدثوا عن مآثره الفكرية والإنسانية في مراثيهم ثم تجاوزا محطة الإستيلاء على السلطة بحكمة وفطنة، فما بال عبد الرحيم علي ( لسة فرحان بيها) ..؟؟
:: والمدهش، بعد هذا المدح أو الذم – بقينا ما فاهمين – حذر عبد الرحيم علي جموع المصلين بأن التنافس على الدنيا يفرق الأمة ..وبما أن السلطات والحكومات هي قمم الدنيا، وبما أن خطة الإستيلاء على إحدى سلطات الدنيا الكبرى بالسودان منذ ستينات القرن الماضي صارت مفخرة وثناء ومدح، فأن عبد الرحيم على يشهد على نفسه وحركته بالتسبب في تفريق الأمة السودانية.. ولم يحدث – ما أسماه عبد الرحيم من مسببات تفريق الأمة – بالتنافس المفتوح على السلطة مع الآحزاب والحركات والجماعات الأخرى فحسب، بل بالقفز عليها بلا تنافس .. وعليه، إن كان التنافس بالأفكار والبرامج والمشاريع على إدارة شؤون الدنيا يمزق الأمة (حسب الوصف)، فماذا يفعل الإستيلاء على هذه الشؤون بلا تنافس ؟..فالقول ما يُطابق الفعل والواقع، يصبح (كلام ساكت)، وليس خطبة ولا خطاب ..!!
:: وعلى كل حال، بعيدا عن خطاب د.عبد الرحيم علي، منذ رحيل الشيخ الترابي له الرحمة والمغفرة باذن الله لم تعد أماني بعض قيادات المؤتمر الوطني (خافية)..فالغاية لبعض سادة المؤتمر الوطني تكاد تكون هي توريد قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي في السلطة وحزبها الحاكم تحت مسمى وحدة الإسلاميين، و (خلاص)..هذه الغاية هي المسماة حالياً بالأشواق..فلتكن أشواقاً، فالأشواق أيضاً من حقوق الإنسان في الحياة.. ولكن غاية أهل السودان ( غير)، ولا ناقة لهم ولا جمل في وحدة الإسلاميين وإنشطارهم..فالمطلوب – أي غاية أهل السودان – أن يتواصل الحوار الراهن بجدية تؤدي إلى سلام شامل وإستقرار سياسي يفتح أبواب التنافس على إدارة شؤون السودان، و مثل هذا التنافس قد يجمع أمة فرقتها ( الأشواق)..!!