وجدت منى أ. نفسها مطلقة، وبدلاً من أن يكون الفراق بمعروف، قررت رفع دعوى قضائية على زوجها تطالب بنفقة متعة تقدر بآلاف مؤلفة، وقالت في دعواها إنها لا تعرف لماذا طلقها بعد زواج دام سنة واحدة، وأن التعويض المادي حق قانوني لها، هنا قدم زوجها السابق إلى محكمة الأسرة في الإسكندرية رزمة من الأوراق، ما أن ألقى القاضي نظرة عليها حتى قال للسيدة منى إن دعواها مرفوضة وأنها لا تستحق مليماً واحداً كنفقة.
تلك الأوراق كانت فواتير هاتفية تثبت أن الهانم كانت تتكلم يومياً بما يزيد على الألف جنيه، هذا غير قيمة شرائح الهاتف الجوال التي كانت تستهلك منها المئات شهرياً. بعبارة أخرى رأى القاضي أن تلك السيدة كانت تنفق على الثرثرة أكثر مما تنفق هي وزوجها على «المعيشة الضرورية» فقضى بصحة الطلاق وبعدم أحقيتها للنفقة.
النساء على عيني ورأسي في أشياء كثيرة بدرجة أنني قطعت علاقتي بأكثر من صديق بعد أن علمت أنه يسيء معاملة زوجته، ولكن ميل كثير من النساء إلى الثرثرة الهاتفية حالة مَرَضية (من المرض) استهجنها، وفي العالم العربي نميل جميعاً رجالاً ونساء إلى الثرثرة، والتحية العادية عندنا «موال» يستغرق بضع دقائق. ولتتأكّد من صحة ما أقول استمع إلى من يشاركون في البرامج التلفزيونية والإذاعية التفاعلية وأنظر كم من الوقت يهدرونه في ما لا علاقة له بمواضيع النقاش: ممكن أشارك؟ أولاً أهني أسرة البرنامج على مستواه الرفيع.. وصراحة أنا ما تفوتني أي حلقة من حلقاته.. استغفر الله فاتتني حلقة أمس بسبب وفاة خالتي قماشة الله يرحمها ويدخلها الجنة.. ويكاد المذيع يقول له: إن شاء تلحق بخالتك قماشة، ولكنه يستدرك: شكراً.. ياريت لو تسمعنا رأيك في الموضوع.
ولكن نساءنا «غير شكل» في استخدام الهاتف، والمصيبة هي أنهن فاقدات الثقة بالتكنولوجيا الحديثة، فيرفعن أصواتهن أثناء المكالمات الهاتفية حتى تحسب أنهن يخاطبن الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ويرتفع ضغط الدم عندي كلما سمعت مكالمة نسائية، موضوعها التنزيلات في المحلات التجارية أو تفاصيل حفل زواج فلانة أو الكلام عن الأمراض، فكثير من النساء يتحولن إلى أطباء يشخصون الأمراض ويصفون الدواء: ما عليك من كلام الدكتور المخبول هذا.. أخلطي شوية كزبرة مع عشر حبات هيل على شوية زعتر وأخلطيهم بالروب والملوخية وتصبحين مثل الثور في يومين (وتنسى أن دواء يجعل المرأة مثل الثور ضار بالصحة والحياة الزوجية، ليس فقط لأنّ الثور حيوان بل لأنه حيوان وذكر).
وقد كتبت أكثر من مرة عن وسيلتي الناجعة لِلَجْمِ الزوجة عن التمادي في اللقلقة الهاتفية، ولا بأس من إيرادها هنا -كفاعل خير- حتى يستفيد منها الأزواج: قبل سنوات حسمت موضوع الثرثرة التلفونية مع زوجتي بأن جعلت لها «بدل تلفون»، أي خصصت لها مبلغاً شهرياً نظير المكالمات الهاتفية.. إذا وفرت منه حلال عليها، وإذا تجاوزته خصمته من مصروفها الشهري، أو من بدل الهاتف للشهر التالي، وكانت النتيجة مذهلة.. تتصل بأمها: كيف حالك يمة.. أنا كويسة.. باي.. وصارت توفر من مخصصاتها للهاتف مبالغ كبيرة فأوقفت عنها «البدل» فعادت إلى سيرتها القديمة، فاضطررت إلى منحها مخصصات أكبر، ولكن المهم أن فاتورتي الهاتفية صارت معقولة.
بس هل من فاعل خير يريني الطريقة التي يمكنني بها تعطيل الوتساب الخاص بالمدام من دون أن تحس هي بأنني «الفاعل»، فالواتساب ساعدني في توفير المال ولكنه يهدر وقت «الست» ويجعل مواعيد وجباتي مضطربة.