أمثال الترابي يرتحلون ، ولا يموتون ….
قبل يومين ولأول مرة الغيت صداقة احد اصدقائي في الفيسبوك وحظرته من التواصل معي، وذلك بعد كمية من السباب والشتائم كالها لي في الخاص بسبب بوست نعيت فيه الدكتور حسن الترابي ، وقال لي انني خيبت ظنه وظهرت علي حقيقتي بأنني كوز مصقر ومأفون … وكان يعتقد من خلال بوستاني التي انتقد فيها الحكومة بأنني من المستنيرين حسب زعمه ، الا انني للأسف اثبت له انني من الظلاميين المتخلفين .. وبعض الشتائم لا استطيع كتابتها هنا ….
للاسف ان البعض يريد ان تتسق افكارك وآراءك ومعتقداتك بما يراه باستمرار ، وان تكتب ما يستهويه حتي يحرر لك شهادة وصك الغفران ، والا شتمك وكال لك السباب والاتهامات مثل صديقي هذا ….
نعيي للشيخ الترابي كان تعبيرا عن حزن عميق عشته شخصيا في الايام الماضية بفقده ووفاته … واحمد الله انني استطعت من حضور تشيع جثمانه بالرغم من الملاريا التي كنت اعاني منها…. فأنا من اشد المعجبين والمحبين للشيخ الترابي المبدع المفكر أكثر من اعجابي به سياسيا ….
اعجابي ومحبتي للترابي نشأت في سنين عمري الباكرة من خلال المحاضرات والندوات التي يصطحبني اليها أخي (بشير الامين) ، والذي كان عضوا ملتزما في الحركة الاسلامية وكان وقتها طالبا في جامعة امدرمان الاسلامية وأمينا ثقافيا للاتحاد وذلك في فترة الديمقراطية الأخيرة في نهاية الثمانينات ، فكل عطلة صيفية اقضيها في الخرطوم وقتها استمتع بندوات الشيخ الترابي بالرغم من انني لا افهم الكثير مما يقوله وقتها ، الا انني تعجبني لغته وكلماته التي يستخدمها وتحس وكانه يرسلها الي عقلك مباشرة وليس الي اذنيك …
انا شخصيا لم انتمي للحركة الاسلامية أو ان أكون عصوا ملتزما في صفوفها في يوم من الايام بالرغم من محاولة اساتذتي لتجنيدي في مرحلتي المتوسطة والثانوية ومحاولة بعض زملائي في الجامعة !!!
الا ان اعجابي وحبي للشيخ الترابي يزداد معي يوما بعد آخر … فمهما اتفقنا او اختلفنا حوله فهو قامة فكرية سامقة قل ان يجود بها ارض السودان حديثا.. فالشيخ الترابي في نظري هو الاكثر تأثيرا في الساحة السودانية في القرنين السابقين بعد الامام المهدي مباشرة ، وهذه حقيقة وليس ادعاءا .
فاذا نظرنا بحياد بعيدا عن التنميط المخل ، فلن نجد زعيما سودانيا ذي فكر ورؤية التف حوله الاتباع والمعجبين من بعد المهدي كما التفوا حول الشبخ الترابي … ومن الصعوبة ان يناله شخص آخر في القريب العاجل ….
رغم الضجة التي يثيرها البعض ، الا ان اسمه قد اخلد و ارتبط بتاريخ السودان مثله مثل بعانخي والمهدي وغيرهم ممن نقشوا اسماءهم في تاريخ السودان ، وستظل الاجيال القادمة تذكره وتتدارس ما خطه من كتب وافكار ومؤلفات لمئات السنين ، وسيتأسف كثيرين انهم لم يعيشوا في زمان هذا المفكر المجدد …
يؤسفني جدا بعض الاصدقاء الذين يشتمونه ويدعونه بالهالك والكافر ، بل بعضهم في جهل مشين يجزم بدخوله للنار ، وكأنه اتخذ عند الرحمن عهدا … ان كنت لا تدري ما تكسب غدا ، فكيف تجزم بدخوله للنار وهو المسلم الذي يشهد الا اله الا الله وان محمد رسول الله ، ويصلي ويصوم ؟؟
انا اجزم تماما ان كل من يسبه ويشتمه لا يعرفه – أي لم يستمع اليه او يقرأ ما كتبه – لذا من الجهل ان تحكم علي شخص مفكر دون الاطلاع علي كتبه واقواله وافعاله ….
نسأل الله ان يسكنه فسيح جناته مع النبيين والشهداء والصالحين … وانا لله وانا اليه راجعون ..
بقلم: سالم الأمين