هل ينفع حوار مع نصر الله والساطور في يده؟

لم يكن تحفظ الوزير اللبناني، نهاد المشنوق، على قرار وزراء الداخلية العرب في تونس في 2 آذار / مارس 2016 باعتبار «حزب الله» إرهابيا، إلا عن تقدير خطأ اعتمده «تيار المستقبل» منذ عدة سنوات.
نذكّر أن المشنوق في وقت سابق اعتبر من يقتل من حزب الله بيد سوريين في جرود عرسال شهيدا. ورد عليه الوزير أشرف ريفي بالقول: «لا يعتبر شهيدا إلا من قتل في حرب مع إسرائيل». استطرادا فإن صبحي الطفيلي، أول أمين عام لحزب الله، لا يعتبر قتلى حزب الله في سوريا شهداء، وقال: «ليفتشوا لهم عن مصير يليق بمن يقاتل إخوانه السوريين».
كلنا رأى حسن نصر الله يمشي في جنازة الرئيس رفيق الحريري، ليتبين لاحقا أن الحزب خطط لاغتياله. ولم يكن رفيق الحريري في حينه عدوا لحزب الله. وسواء كان اغتيال الحريري تم لحساب بشار الأسد أو تم لحساب حسن نصر الله شخصيا، أو كان لحساب إيران، فإن نصر الله لا يعرف الحوار إلا بالساطور. وحتى سعد الحريري بقي غائبا عن لبنان لأكثر من عام تحسبا من اغتيال يدبر له كما اغتيل والده من قبل.
استطاع حزب الله أن يستولي على الحكم في لبنان من خلال تمكين النظام السوري له ليضع يده على مفاصل الحكم بشكل شبه كامل. فالحكومة في لبنان إما أن تسير وفق ما يريده الحزب وإلا سيكون مصيرها الإقالة. فلا تعايش مشترك في لبنان، في ظل سيطرة حزب الله، على الحياة السياسية، ولا تستمر أي حكومة في الحكم إذا لم تكن طوع إرادة الحزب.
إذا أراد اللبنانيون – خصوصا أهل السنة – الخلاص من سيطرة حزب الله فإن عليهم أن ينسحبوا من حكومة تمام سلام أو إعلان العصيان المدني، بدلا من توسل الحوار معه، لأن نصر الله لا يأبه للحوار ولا لمن يحاوره، بينما الانسحاب من الحكومة يحرجه ويسقط في يده.
لا يريد اللبنانيون السنة حربا مع حزب الله. لكن عليهم أن يقولوا للحزب «كفى»! فقد طغى في لبنان وتجبر. فلا تزال مشاهد 7 و 8 و 9 أيار / مايو عام 2008 ماثلة للعيان، عندما أطلق حسن نصر الله «زعران» حزبه في شوارع بيروت والجبل، كأنهم ثيران إسبانية أفلتت من حظيرتها. فحاصروا سعد الحريري ووليد جنبلاط في داريهما. واليوم، بعدما أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي وضع الحزب على قائمة الإرهاب، نزل «بلطجية» الحزب للشوارع يسبون ويشتمون ويحرقون الدواليب المطاطية ويعيثون في شوارع بيروت فسادا.
يوم أن يعلن تلفزيون «المنار» أن السيد سيلقى كلمة من مخبئه، فإن اللبنانيين يضعون أيديهم على قلوبهم ويقولون يا رب استر. فهو يسب السعودية، ويتحدى اللبنانيين بأن يدعوهم للحرب، لكن في سوريا… لماذا؟ لأنه يعرف أن تيار المستقبل قد نأى بنفسه عن سوريا، وترك لنصر الله الحبل على الغارب، ليصول وبجول، ويكسر طواحين الهواء. ولن يردع نصر الله عن غيه إلا حين يرى «العين الحمرة».
ما لم يدركه سعد الحريري ونهاد المشنوق وأركان تيار المستقبل أن الحوار مع حزب الله نوع من العبث في ظل قوة سلاح نصر الله، وفي ظل اختلال توازن القوة. فإن حسن نصر الله سوف يعتبر ذلك خنوعا وذلة لا حوارا متكافئا.
لقد أحرج سعد الحريري حلفاءه النصارى عندما قام بترشيح سليمان فرنجية صديق بشار أسد الأوثق في لبنان لرئاسة الجمهورية اللبنانية.
وتبقى الخطوة التي قام بها أشرف ريفي وزير العدل المستقيل عندما أعلن استقالته من حكومة تمام سلام هي التي جعلت معظم زعماء السنة يعيدون حساباتهم، ويقول أكثرهم فهما لطبيعة نصر الله: «الرطل بده رطلين»!
الطاهر إبراهيم

القدس العربي

Exit mobile version