وكأنه كاتب سيناريو محترف بدأ يقص عليّ الأخ “يحيى أحمد” وهو مصري الجنسية حكايته أو ربما الوجع والألم والظلم هو الذي جعله بهذه الاحترافية في السرد والتدوين، حيث قال لي إنه تعاقد في العام 2013 كفني أشعة في أحد المستشفيات الخاصة المعروفة والمشهورة جداً مقابل مبلغ مالي محدد، أفهمته إدارة المستشفى أنه لابد من خصم (50 دولاراً) شهرياً كتأمين يتحصل عليه في نهاية الخدمة مضافاً معه (102 دولار) تدفعها المستشفى شهرياً لتضاف لمجمل المبلغ. وظل “يحيى” يعمل منذ ذلك التاريخ حتى حان موعد انتهاء عقده هذا العام ليفاجأ بأنه قد حصد الريح وأنه غير مؤمن عليه ولا يحزنون.. وطبعاً الرجل أسقط في يده واندهش حد الدهشة لأن المستشفى أفهمه أن التأمين هو من قوانين الدولة فما كان منه إلا أن توجه لمكتب التأمينات الاجتماعية بالعمارات (شارع 15) وهناك أخبروه أن المستشفى الخاص غير مؤمن، بل إن اسمه أصلاً غير مدرج في قائمة الأسماء التي يتنصل المستشفى ويراوغ في دفع التأمين الذي تخصمه من مرتباتهم، (لتسود) الدنيا في وش الراجل ويتجه للإدارة العامة للتأمين الاجتماعي وهو يطرق كل الأبواب التي يظن أنها ستعيد له حقه المنهوب، وهناك على حد ما حدثني قابل المستشارة “سمية الطيب” التي وصفها بأنها مثال يحتذى به في الصدق والترحاب عكس الطريقة والمعاملة التي وجدها من مدير مكتب العمارات، وقابل أيضاً الأخ “الطاهر” الذي وعده بالبحث في الموضوع وإجراء اللازم.
وكدي خلوني قبل البحث في الموضوع وإجراء اللازم أوجه الأسئلة التالية للسيدة “مشاعر الدولب” وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي لنضع بعدها الإجابات على منضدة البرلمان لتغيير الحال المائل الذي بسببه يتعرض الآلاف من المواطنين (للنهب المصلح) وبنص القانون.. والقانون يا سادة يا كرام يشترط على صاحب العمل الخصم كاشتراكات تأمينية من رواتب المنتسبين إليه لكنه لا يحدد أو يؤمن الآلية التي تضمن وصول هذه الاشتراكات إلى الصندوق، وممكن جداً (تلهفها) المؤسسة ليكتشف من كانت تخصم منهم أنهم قد (اشتروا الترماي).. طيب يا صندوق الهناء هل معقول حتى الآن وبكل الوسائل المتاحة والقنوات التي تمكن من الحصول على المعلومة الصندوق لا يعلم أن الموظفين أنفسهم نوعان، نوع أصلاً غير مؤمن عليه رغم الاستقطاع الشهري، ونوع أسماؤه مدرجة ويستقطع منه لكن لا يتم السداد لتصبح الأموال مديونية على المؤسسة الفلانية، فلمصلحة من يسكت الصندوق عن المطالبة بهذه الأموال المحجوزة؟ ح تقولوا لي كيف يتابع الصندوق هذه التفاصيل الدقيقة؟؟ أقول ليكم إن الصندوق مفتش ميداني يفترض أنه يمتلك سلطة التسجيل والرصد الدقيق لعدد العاملين في المؤسسة المعنية ومقارنتها بكشوفات المؤمن عليهم، يعني كيف يستقيم أن يكون المؤمن عليهم فعلياً (70 شخصاً) والمؤسسة يعمل بها (خمسمائة)!! طيب كيف يستقيم هذا القانون العاجز الذي يلزم صاحب العمل بالخصومات ولا يلزمه بالدفع للموظف عند نهاية الخدمة، ليبدأ مسلسل الجرجرة والذهاب إلى محكمة العمل للبحث عن حق هو أوضح من عين الشمس!!
الدايرة أقوله إن هذا القانون وأقصد قانون التأمين الاجتماعي قانون فضفاض يقف تماماً في خانة الضد من الموظف الذي يلزم بدفع استقطاع من راتبه غصباً عنه، لتبدأ رحلة الزوغان واللولوة من إدارات هذه الجهات التي تدرك أنه لا نص في القانون يجبرها على السداد الفوري ولسان حالهم يقول أعلى ما في خيلكم أركبوه!! فيا ستنا الوزيرة الآن أمامك حالة الأخ “يحيى”: الذي تعرض للنصب في وضح النهار باسم القانون، وهي حالة تفتح الباب لمراجعة هذا القانون القاصر وتفتح الباب لملف صندوق التأمينات الاجتماعية الذي يستثمر المليارات من أموال مودعيه في العمارات والشقق الفندقية وفي نهاية خدمة الشخص لا يجد خدمة يمينه وعرق جبينه.. وحتى يعاد النظر في هذا القانون رجاءً افتحي ملف هذا الرجل حتى لا يعود إلى بلاده ويصفنا بأننا لصوص وما عندناش ذمة!! وأعيدي حق زملائه الذين يتجرعون من ذات الكأس وطبعاً اسم المستشفى كاملاً بطرفي!!
{ كلمة عزيزة
أجمل عبارة سمعتها في الفترة الأخيرة هي العبارة التي قالها الدكتور “علي الحاج” عقب عودته للبلاد بأنه علينا أن نرمي الماضي وراء ظهرنا.. نعم نحن بحاجة أن نرمي مرارات الماضي خلف ظهورنا على كل الأصعدة وبلاش دفن وبلاش حفر.. خلونا نتسامى على كل الجراحات من أجل إنسان هذا الوطن النبيل.
{ كلمة أعز
طبعاً دخلني في (ضفوري) الأخ المصري “يحيى” وهو يقول لي كيف يا “أم وضاح” السودانيين الذين شاركوا في حرب 73 لا زالوا يتقاضون معاشاتهم من وزارة التأمينات المصرية، بل ويجدون ما يجده معاشيو المؤسسة العسكرية المصرية في الجانب الصحي وحتى تذاكر الطيران، كيف يحدث ذلك ولا أجد تأميني الذي خصم مني وأنا موجود وحي أرزق؟؟ الله يفضحكم شرطوا عينا!!