نظرت إلى بشيء من الإستخفاف وانا اخبرها بأن لامناص لدينا للإرتباط إلا من خلال التوكل على الله والإتجاه للزواج (الجماعي)، قالت لي بعد فترة من الصمت المشوب بالتوتر: (إنت جادي يا عصام)..؟…فركت رأسي براحة يدي وانا احاول أن ألطف الجو-كنوع من الهروب من الاجابة- وأرد عليها بسرعة: (في شنو يا حنان ياخي..الناس دي كلها بقت تعرس جماعي…ياخي بعد شوية (العِيشة) ذااااتا حتكون جماعية بين الناس و…)…نهضت من مكانها وهي ترفع عينيها للسماء-طبعاً عشان ماتشوف وش العبد لله- وقامت بإقتلاع (الدبلة) من يدها بحركة مسرحية-ذكرتني المسلسلات المصرية- ثم القتها على الطاولة وقالت لي في لهجة جمعت مابين الحزن والاسف: (معليش ياعصام..من الليلة انت في سكة..وانا في سكة).
اصدقكم القول انني شعرت بنوع من (الصدمة) خصوصاً وهي في فترة ماقبل الخطوبة-ايام الجكس وكدا- كانت تقول لي دوماً: (ياحبيبي انا بعيش معاك في اي مكان..إن شاء الله في قطية).!..وكنت اضحك قبل أن ارد عليها ساخراً: (قطية..قطية..بس يخلونا ناس المحلية)، لنضحك سوياً قبل أن نقوم بمسك ايادي بعضنا البعض-في غفلة من ناس النظام العام- ونتعاهد على الحياة والموت سوياً.!
في صبيحة اليوم التالي ارتفعت رنة هاتفي الجوال، ضغطت على زر الرد دون أن اكلف نفسي عناء النظر للرقم المتصل ليأتيني من على الجانب الآخر اكثر الاصوات التي تصيب شبكة عقلي بالاعطاب المستمرة وهو صوت حماتي-أو اللي كانت حماتي أن شئتم الدقة-.
*مابتخجل..داير بتي تعرس ليك (جماعي)..إنت قايلا (بايرة) ولا (بايرة)..؟
*ياخالة الموضوع ما…..
*يخلخل ضروسك…موضوع شنو..؟ إنت خليت فيها موضوع..إنت خلاص فقدت المنطق..وبقيت (تتمطق) سااااكت…اااااي…ماليك حق…الغلط راكبنا نحنا يااخوي من ساسنا لي رأسنا…عشان وافقنا نديها ليك بـ(الفاتحة) وبشوالين سكر وحبة دقيق و(جرامين) دهب..اااااي…الحق علينا ماعليك…و….
(تيت..تيت..تيت)
هكذا اصدر الهاتف صوت الإغلاق، واصدقكم القول انني تنفست الصعداء بسبب إنقطاع تلك المكالمة التي كانت تسير في اتجاه أن تجردني من كل صفات الرجولة، لكن لم تمض دقائق حتى ارتفعت رنة هاتفي الجوال مرة اخرى، ليأتيني من على الجانب الآخر صوت والدها الوقور وهو يقول لي بهدوء:
*يا ابني معليش ياخي على الاسلوب الاتكلمت بيهو معاك الولية دي..بس نحنا اتصدمنا والله بحكاية (الجماعي) دي و….
*ياعمنا..يعني انا لقيت عرس (فرادي) وابيتو..ياخي انت عارف براك الظروف والاسعار الطايرة السماء و(الدولار) و….
*اي..عارف..عارف..ياخي انت داير توريني الحاصل..بس كمان (جماعي) دي حارة علينا..عشان كدا نحنا بنعتذر ليك ومافي قسمة ياولدي..السلام عليكم.
(تيت..تيت..تيت)
للمرة الثانية يصدر هاتفي ذلك الصوت العجيب الذي يعلن انتهاء المكالمة، لاقوم بإغلاقه نهائياً، واستلقي على الفراش وانا منهك الاحاسيس وفاتر المشاعر، قبل أن اقوم بأغماض عيناي وانا احاول النوم…على الاقل هو الشئ الوحيد الذى يمكنك أن تقوم به (فرادي)-هذا بالطبع ان لم يشاركك الباعوض الاحلام-.!!