تسلية لمحبيه ونصيحة لشانئيه
ما سلم من الطعان أحد !!
أزمة التعصب والجهل والافتراء تلك أزمة عظيمة ابتليت بها الأمة منذ زمن بعيد من قرأ كتب الخلاف ومقالات الإسلاميين وقرأ تاريخنا الاسلامي وأخذ منه العظات عظم عنده الانصاف للناس واجتمعت عنده الحكمة التي تؤلف القلوب وتجمع الأمة مع الاختلاف هل تصدقون لم يسلم أئمة الاسلام من التكفير والسب والشتم حتى الذين يزعم الناس أنهم كانوا محل اجماع الامة واتفاقها لم يكن الأمر كما زعموا ذلك لأنهم لم يقروأ كتب الخلاف والتاريخ ولونثرنا بعض ما قرأنا في ثلاثة أقسام من المصنفات ( مقالات الاسلاميين وكتب الفرق / مسائل الخلاف في الفقه والفتوى / وقائع التاريخ وما ابتليت به الأمة من التعصب ) لأصيب البعض بالدوار وخرست ألسنتهم بالبوار :
1/ الإمام أبو حنيفة : روى البخاري في تاريخه الصغير أن سفيان لما نعي أبو حنيفة قال : الحمد لله ، كان ينقض الإسلام عروة ، ما ولد في الإسلام أشأم منه (التاريخ الصغير 2 / 93 . تاريخ بغداد 13 / 418 . الكامل في ضعفاء الرجال 7 / 8 ) وقال ابن عبد البر في كتاب الانتقاء : ممن طعن عليه وجرحه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، فقال في كتابه في الضعفاء والمتروكين : أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، قال نعيم بن حماد : نا يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ ، سمعا سفيان الثوري يقول : قيل : استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين ذكره أيضا الخطيب في تاريخ بغداد 13 / 390 – 393 وقال نعيم عن الفزاري : كنت عند سفيان بن عيينة ، فجاء نعي أبي حنيفة ، فقال : لعنه الله ، كان يهدم الإسلام عروة عروة ، ما ولد في الإسلام مولود أشر منه . هذا ما ذكره البخاري . الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ، ص 149 – 150
2/ الامام مالك : قال الذهبي رحمه الله في كتابه سير أعلام النبلاء 7 / 142-143) : قال أحمد بن حنبل : بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث ( البيعان بالخيار ) فقال : يستتاب , فإن تاب , و إلا ضربت عنقه .ثم قال أحمد : هو أورع و أقول -بفتح الألف وسكون القاف و ضم الام – بالحق من مالك . ) فهذا الامام ابن حنبل يثني على ابن أبي ذئب في قوله هذا وقد استنكر الذهبي عليه ذلك فهذا المنهج الذي يكفر العالم إذا تأول نصا بدعوى أنه قد أنكره منهج منحرف ابتليت به الأمة من عصور خاليات !! ونقل ابن عبد البر عن الليث بن سعد أنه قال : أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قال فيها برأيه ، قال : ولقد كتبت إليه أعظه في ذلك ) جامع بيان العلم وفضله 2 / 1080.
3/ الإمام الشافعي : قيل ليحيى بن معين : هل الشافعي كان يكذب ؟ قال : ما أحب حديثه ولا ذكره (جامع بيان العلم وفضله 2 / 1083 واشتهر عن يحيى أنه كان يقول عن الشافعي : إنه ليس بثقة (جامع بيان العلم وفضله 2 / 1114). وأخرج الامام ابن حجر رحمه الله تعالى في توالي التأسيس عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال : كان الشافعي قد مرض من هذا الباسور مرضا شديدا ، حتى ساء خلقه ، فسمعته يقول : إني لآتي الخطأ وأنا أعرفه ) توالي التأسيس ، ص 177
4/ الامام أحمد بن حنبل : قال ابن أبي خيثمة : قيل لابن معين : إن أحمد يقول : إن علي بن عاصم ليس بكذاب . فقال : لا والله ، ما كان علي عنده قط ثقة ، ولا حدث عنه بشئ ، فكيف صار اليوم عنده ثقة ؟ ) تهذيب التهذيب7 / 304 بل كان شيوخ القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى يقولون في حنبلي يدفن بالقرب من شافعي لايدفن زنديق بالقرب من صديق !! هذه في بعض عصور انتصاراتنا فلا تعجبوا من فتاوى عصور انتكاساتنا ؟!
و في كتاب “العلل و معرفة الرجال” ج 2/35 لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل .. قال ( سألته – يعني أباه الإمام أحمد – عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه و سلم و يتبرك بمسه و يقبله و يفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل و عز … فقال – أي أبوه- : لا بأس بذلك) . و في كتاب “زيارة القبور و الاستنجاد بالمقبور” لابن تيمية الحراني يُسأل السؤال نفسه و يُقال له هناك عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه و سلم و يتبرك بمسه و يقبله و يفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل و عز، فيجيب ابن تيمية: هذا لم يفعله أحد من الصحابة ولا العلماء ولا السلف، بل هذا منهي عنه بالاتفاق بل هذا من الشرك – و العياذ بالله تعالى)
الإمام أحمد يقول “لا بأس” و ابن تيمية يقول “هذا من الشرك” فهل كان الامام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكفر الامام احمد وقد اختلف معه في أمر يعده شركا مخرجا من ملة الاسلام ؟!
والله العظيم لو فتحنا هذا الباب ونثرنا بعض بعض بعض ما قرأنا في كتب مقالات الاسلاميين ومذاهب الفرق ومسائل الخلاف في الأصول والفروع ما سلم من الناس أحد !!
هذا الهياج الهستيري و الصدمة التي ستصيب بعض المتعصبة من إخواننا السلفيين إذ ربما لأول مرة يسمعون مثل هذا الكلام عن الأئمة الأربعة !! هذا يزيدنا يقينا أنه لا مخرج من التكفير والتكفير المضاد إلا منهجنا الذي طرحناه وبيناه في مشروع الأمة الواحدة بوجوب الاستدلال ونشر ثقافة الإعذار بالتأويل فما قال به الدكتور حسن الترابي إذا قرأوا وبحثوا وجلسوا في الأرض ودرسوا لوجدوا له فيه من السابقين سلفا ( صالحا) فالزعم بأن الأمة في الماضي أجمعت على كذا وكذا وأن من اجتهد في هذه المسألة أو تلك قد خالف اجماع الأمة تلك دعوى لا تساوي روث حمار وأكذوبة ما لها من قرار
!!
هدف قابل للتحقيق
أمة واحدة رآية واحدة
د. محمد علي الجزولي