أسرة الترابي الصغيرة .. تفاصيل حزن في يومه الثالث

ظلت حرم الراحل السيدة وصال المهدي قابعة داخل غرفتها متسربلة بالثوب الأبيض حزنا على رفيق الدرب والعمر الذي منحها الأمن والأمان والحنان معا هكذا كانت تقول وهي تفتقده بالفراق الابدي ليعتل جسدها ويوهن بعد سماع النبأ لتتبع ارشادات الطبيب الذي ظل متابعا لحالتها منذ الخطب الجلل، جف الدمع في عينيها وهي تجول ببصرها نحو الغادرين والغاشين من المعزين الذي توافدوا ناحية غرفتها فتنزل الدمعات على خديها ساخنة والحزن اخضر بداخلها وهي تردد قائلة: “الحمد لله الحمد لله”.
لم تكن بناتها اقل حزنا من والدتهن فكانت (اسماء) التي تحمل الكثير من ملامح والدها رغم الحزن الذي بدل الكثير منها تبكي مر البكاء على فراق والدها لتكفكف دمعها مرة اخرى لتتلقى العزاء من آخرين يشاركونهم الفقد الجلل فيما كانت شقيقتها (أمامة) التي قدمت من امريكا بعد سماعها الخبر مباشرة اكثر فقداً، فهي لم تكن قريبة وقت الوداع الاخير، ليجتمعن ويقالدن بعضهن واصواتهن تعلو بالنحيب بانهن فقدن ابا عطوفا حانيا لم تعرف القسوة لقلبه طريقا ليعدن مرة اخرى راضين بالاقدار وهن يكثرن له الدعاء.
تقطع قلب الجميع عندما دخل احفاد الترابي في حالة من البكاء والبراءة تعلو عليها مسحة حزن للعلاقة الوطيدة التي جمعتهم به ليؤكد مقولة (اعز الولد ولد الود)، علاقة قوية ومميزة ربطت العاملين والقائمين بالمهام المنزلية اليومية للشيخ الترابي واسرته الكريمة لذلك كانوا اكثرهم حزنا وهم يؤكدون طيب معشره وحسن خصاله واحساسهم القوي بانهم جزء لا ينفصل من الاسرة للاحترام والتقدير الذي يجدونه من تلك الاسرة بانهم ليسوا اغراب لذا كان الحزن متعمقا بداخلهم وهم يشرفون على الضيوف متحركين على مدار اليوم جيئة وذهابا، الا ان دموعهم ظلت منحدرة وهم يرددون ما بين الفينة والاخرى (يا حليلك يا شيخنا وابونا).
عدد من النسوة اتين من مناطق طرفية تواجدن داخل خيمة العزاء وهن يؤكدن انهن اتين لتقديم واجب العزاء لاسرة الترابي باعتبار انه كان سند لهن في معيشتهن بدعمه المادي السخي ليبدل حال الشقاء لديهن بحالة من الفرح عندما يظفرن بشيء كن في اشد الحاجة اليه وهن يردّدن (فقدنا مغيثنا وقاضي حاجتنا.. ربنا يرحمو كان راجل ما ساهل).
توافدت اعداد كبيرة من القيادات النسوية بالحركة الاسلامية والداعيات من مختلف بقاع السودان وهن يعددن مآثره وصفاته الحميدة وعن قصة مشوار دعوي ورسالي طويل جعلهن به داخل وخارج السودان فيما لم تتمالك الغالبية منهن انفسهن اثناء الحديث عنه ليذرفن الدمع السخين.

محاسن أحمد عبد الله
صحيفة السوداني

Exit mobile version