محمد الرطيان، من فتح إلى فتح.
هذا الرجل أعطى اللغة حيويتها.. هو يكتب مثلما يلعب البغ بونغ. الجملة تخرج منه مثل كرة هذه اللعبة الشهيرة، المفعمة بالمفاجآت المدويّة.
تقرأ له، وأنت بين الغبطة والدهشة، ينزّ من عقلك عرق، ويجمح خيالك- بين كل سطر وسطر- كمهرة وحشية، في البرية.
الكاتب- أي كاتب- لا يحرك فيك العقل والخيال، معا، هو كاتب فاقد اللياقة، وعليه إن أراد بك خيرا، وأراد خيرا بلعبة الكتابة، أن يجلس في كنبة الاحتياطي!
هذا هو وقت، حرق الدهون من الأجساد.. والعقول والاخيلة- مثل الأجساد- تؤذيها الدهون.. تسد شرايينها، وتعرضها لمخاطر الذبحة القلبية.
الكاتب، الذي لا يحرق فيك دهون العقل والخيال، هو كاتب يتربّص بسلامتك.. يتربص بصحتك.. حتى صحتك النفسية!
الرطيان، حفي بك.. وبصحتك، وهو يركض بعقلك وخيالك، معا.. يحرق فيهما كل الدهون.. وما أكثرها في الإثنين، بسبب الكتاب المتسكعين في الجملة.. المتسكعين في عرض الفكرة.. الكتاب من ذوي الكتابة المكرشة!
هذا الوقت من وقت العالم، هو وقت السرعة..
هذا هو الوقت، الذي سقطت فيه المقولة القديمة «في السرعة الندامة» ضمن كل المقولات التي سقطت، والمقولات التي ستسقط، بضربة الوقت القاضية!
الرطيان، يسرعُ بك، من جملة إلى جملة. هو يدركُ تماما أن الوقت- كما هو قيمة اقتصادية واجتماعية- هو أيضا قيمة ثقافية. هو يدرك أن الوقت مورد مهم.. بل هو أهم الموارد، خاصة في ظل تراجع أسعار النفط.. وفي ظل الترشيد، وسياسات التقشف، و(التفنيش)!
الجملة الطويلة، السلحفائية، ضد الوقت.. وضد التقشف، وضد الترشيد!
الرطيان انتبه مبكرا، إلى ذلك، فامتهن كتابة الركض بالفكرة، والكلمات، والجمل.. امتهن حرفة الركض بك!
هل تراني قلتُ إن هذا الكاتب لا نتوء في بطنه ولا عقله ولا خياله؟
الرطيان.. اركض بنا يارجل..
اركض!