متغيرات كثيرة طرأت على الساحة
السياسية بعد رحيل الشيخ الترابي أبرزها عودة نائبه علي الحاج من منفاه الاختياري في المانيا كلاجئ سياسي منذ (17) عاماً بعد المفاصلة أو ماعرف فيما بعد بصراع معسكري القصر والمنشية، وأعلن علي الحاج منذ الوهلة الأولى انحيازه المطلق لشيخه الترابي وأصبح نائباً له في المؤتمر الشعبي بعد تأسيسه في أعقاب المفاصلة، وبعد خروجه من البلاد أسهمت علاقته بالحركة الشعبية في فتح نوافذ حوار معها انتهت في العام 2001م بالتوقيع على مذكرة تفاهم زادت من توتر العلاقة أكثر ما بين الوطني والشعبي وآثر الحاج البقاء في الخارج معارضاً قوياً لنظام الإنقاذ.
تباعد وتقارب:
زاد اختيار علي عثمان محمد طه نائباً للرئيس الشقة بينه وبين علي الحاج فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ رفض البشير علي الحاج نائباً له خلفاً للشهيد الزبير في فبراير 1998 و ترجيح كفة «طه»، وبعدها بفترة قليلة فجرت مذكرة العشرة الشهيرة «قناة» المفاصلة التي جرى عبرها نهر «الخلاف والمخاصمة» بين مفجري الإنقاذ حيث لم يكن للحاج بعد انقلاب الإنقاذ نشاط في الأيام الأولى غير أن بعض المعارضين يتهمونه بالتسبب في إيداعهم المعتقل عبر «استدراج ذكي» في العام 1992م، وسرعان ما بدأ ظهور قيادات الجبهة في الميدان السياسي وأمسك علي الحاج بملف السلام في الجنوب وكان له فيه صولات و جولات سواء في أديس أبابا 1989، و فرانكفورت عام 1991، أبوجا 92 – 1993، وكان أول من التقى جون قرنق زعيم الحركة الشعبية في عنتبي اليوغندية في العام 1993وتدحرجت علاقته مع النظام مابين القرب والبعد فتارة يصبح من المقربين له ويتولي مهام فيه واخري تذداد وتيرة البعد، فقد طاردته قضية طريق الإنقاذ الغربي في العام 2002م حيث قامت الحكومة بتوزيع نشره علي شرطة الانتربول بعدد من الدول للقبض عليه بتهمة تبديد أموال المخصصه للطريق وارتبط اسمه بها عندما سُئل عن تفاصيل طريق الإنقاذ الغربي فقال قولته المشهورة «خلّوها مستورة».
رؤي جديدة:
ومنذ عدة أعوام بدأت وصلة التقارب تمتد بين علي الحاج وقيادات الإنقاذ حيث زاره إبراهيم غندور، مندوباً للرئيس، في برلين، ثم أعقبتها زيارة علي عثمان لعلي الحاج في العام 2013 بمقر إقامته بالمانيا والتي كانت بمثابة مفتاح الفرج لتقريب المسافات بين الطرفين وتناول لقائهم الوضع السياسي بالبلاد، وقد أعلن طه الذي كان يشغل حينها منصب النائب الأول للرئيس في مؤتمر صحفي شهير عدم ممانعته لقاء الترابي وهذا مايشير في ذلك الوقت إلى حدوث إفراج في العلاقة بين الموتمرين.
وفي وقت سابق أبلغت مصادر «آخر لحظة» أن الرئيس البشير هاتف على الحاج بمقر إقامته وطالبه بالإسراع في العوده للبلاد، وقد وجد هذا القرب تطلعاً كبيراً عند الإسلاميين الذين يتشوقون لوحدة الصف مجدداً بعد المفاصلة، إلا أن الحاج قد ذكر في حديث له، أن وحدة الإسلاميين الآن ليست أولوية.
تأييده للحوار:
وقد أثمرت نتائج هذا التقارب في تأييد علي الحاج للحوار الوطني ودعوته للأحزاب للمشاركه فيه، ويرى الحاج بأنه الحل لإخراج البلاد من أزماتها السياسية، ورغم مساهماته في الساحة السياسية ومتابعته لما يجري من أحداث داخلية إلا إنه لم يطرح فكرة عودته للبلاد، مشيراً إلى أنه لا يوجد ما يستدعي عودته في وجود الأمين العام للحزب، مضيفاً بأنه خرج طوعاً وسيعود كما خرج، وبعد وفاة الأمين العام للحزب وجد الحاج ما يستدعيه للعوده التي لم تحدد بعد أنها نهائيه أم سيعود إلى مقر إقامته بعد أداء واجب العزاء في رحيل الترابي.
إحداث تغيير:
وربما تحدث عودته بعض التغيرات في مسيرة الحوار الوطني وحزبه، وفي هذا السياق يقول القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبدالرازق إن عودة الحاج تمثل إضافة حقيقيه للحوار إذا قرر البقاء بالبلاد والذي لم يكن خصماً عليه، واصفاً إياه بأنه سياسي متمكن، ويعرف كيف يدير أموره وأكد عبدالرازق في حديثه لـ»آخر لحظة» على مضيهم في الحوار إلى نهايته حتى تثمر نتائجه، موضحاً بأن الحزب سيقرر بعد ذلك ما يفعله.
الوقوف ضد مذكرة العشرة:
وعلى الرغم من التقارب الكبير بين الترابي وعلي الحاج، إلا أن الأخير لم يجاري الشيخ في كل مواقفه، حيث وقف ضد مذكرة العشرة في 1998م واعتبر إية محاولة لإقصاء الترابي ليس مقصوداً منها شخصه بل هدم الحركة الإسلامية ورموز المشروع الحضاري، ويؤكد في إحدى حواراته أن اتباعه للترابي هو اتباع لفكر وليس لشخص.
تقرير:ناهد عباس
صحيفة آخر لحظة