خالد حسن كسلا : (يبقى إلى حين السداد) وتوزيع المسؤولية

> المُعسر يتحمل مسؤولية عجزه عن السداد للجهة الدائنة.. شخص أو مؤسسة.. لكن هل كان الدين قرضاً حسناً أم كان قرضاً ربوياً؟!. وهل يمكن أن يقسط للمدين المعسر السداد بأسهل صورة ممكنة؟!.
> هل في هذه الحالة نقول إن المشكلة مشكلة الدائن؟!. وهل يتحمل المدين المسؤولية حينما يرى أنه مُعسر؟!. وكيف يمكن إثبات ذلك في بعض الحالات؟! فهناك من له أعمال تجارية خفية.. يختار لاستمرارها البقاء في السجن.. فإذا جاءت الفرصة للإفراج تبقى محمدة وإذا لم تأتِ فلا بأس.. وصاحب الأموال في الخارج عليه أن ينتظر حصاد المشروع المخفي.
> أحد الدائنين حسب رواية وزير العدل عوض الحسن في ورشة العمل حول عبارة (يبقى إلى حين السداد)، (شيكات طائرة).. يرفض الإفراج عن مدين حتى بعد دفع نصف المبلغ.. وقد قال (أنا عايزو يقعد كدا).
> وهذا يمكن تفسيره بأن الدائن يعلم قدرة المدين على السداد الكامل الوافي. وهنا تجدر الإشارة إلى تساؤل مهم جداً أثاره في الورشة التي عقدت في المجلس الوطني رئيس المجلس الوطني نفسه بروفيسور إبراهيم احمد عمر.
> فقد تساءل حول جانب الدائن باعتباره لا يجد الاهتمام بحقه كما يجد المدين الاهتمام بظروفه المتولدة من عدم إيفائه بما عليه بغض النظر عن السبب.
> والمدين نفسه يمكن أن يكون في حالة ازدواج يكون مديناً ودائناً .. والدائن قبل المدين لأن مدينه عرضة بعدم الإيفاء له أن يكون مثله مديناً لدائن آخر.
> إذن.. مثل هذه الورشة ينبغي أن تكون حول الأعباء المالية لوزارة المالية والأعباء الإدارية لشرطة الإصلاح والسجون.
> وتستطيع أن تلخص كل أوراق وأحاديث هذه الورشة التي احتضن انعقادها المجلس الوطني وعقدت برعاية رئيس المجلس الوطني في أنها لم تركز على أن الدائن يختلف من آخر ويمكن أن يتحمل مسؤولية ما تسبب في الزج بالمدين إلى الحبس لأجل غير مسمى.
> والمدين نفسه ليس بالضرورة أن يكون مسؤولاً عن وضعه القانوني.. فقد يكون ضحية تأخر وفاء سداد مستحقات من مدين له.. أو يكون ضحية تزوير.
> وحتى إثبات الإعسار لو كان يكفل للمدين الإفراج عنه فهو يبقى مصدر إضاعة أموال للدائن أو المقرض.. ومثل علاج مشكلة إضاعة الأموال هذي يخص المؤسسة الدائنة.
> إذن.. المسؤولية بالدرجة الأولى تبقى هي مسؤولية الدولة.. فلابد أن تهتم بمعالجة زيادة الأعباء المالية والإدارية التي تتحملها من خلال وزارتي المالية والداخلية.
>
> أما معالجة هذا الأمر بتعديل القانون بحيث لا ينص على حبس صاحب الشيك المرتد.. فإن هذا ليس الصواب .. ومن الجهل أن تفكر جهة في ذلك.. فهذا من شأنه أن يزيد من الشيكات المرتدة ويزيد من الاعتداءات الجنائية.
> ولذلك ينبغي أن تخرج توصيات الورشة حاملة لتنبيهات مهمة.. مثل أن تقول:
– إن عدم الحبس يشجع على ازدياد الشيكات المرتدة ويفتح الباب واسعاً جداً لمزيد من الشيكات المرتدة برقم خرافي.
– وجود قانون ينص على الحبس الفوري في حد ذاته يقلل من الشيكات المرتدة.
> طبعاً إلغاء الحبس يصب في اتجاه تقليل الأعباء المالية والإدارية التي أشرنا إليها هنا آنفاً.. فهذه الأعباء تضاف إليها عملية تقليل الموارد المالية للدولة التي مفترض أن تتحصلها الدولة من المحبوسين وهم يزاولون أعمالهم.
> لذلك نقول بأن بعض المؤسسات التي تسعى لمعالجة قضايا بعض المواطنين عليها أن تتناول القضية من الجذور.. فلا تنتظر حصاد ثمارها المرة.
> لمعالجة المشكلة هي أن نهتم بأسباب تحرير الشيكات المرتدة..وأن نهتم بأسباب منح القروض بالشيكات.. فالقضية قضية دولة.. ومتضررة منها الدولة. ولا يمكن وهي قضية وضع قانوني تتبناها جهات خاصة أو ذات خاصية معينة.
> والشريعة الإسلامية إذا لم تنص على حبس صاحب الشيك المرتد، فإن باب الاجتهاد مفتوح لجهابذة القانونيين المسلمين لتدبير حماية الدولة مما يضر بمؤسساتها العامة الموجهة لخدمة العباد.
> وليس بالضرورة أن يكون الأمر محاكاة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والعربية والإفريقية في تجريم ارتداد الشيك.
غداً نلتقي بإذن الله.

Exit mobile version