* قطع الرئيس التركي أوردغان زيارته المهمة للمملكة العربية السعودية ..كان ذلك خبراً تناقلته أجهزة الإعلام بسرعة البرق.. الزيارة كانت مهمة للبلدين بعد زوال جفوة دامت طويلاً .. لكن التنقيب عن سبب العودة المفاجئة يبرز وجهاً انسانياً للزعيم أوردغان .. خلال الزيارة توفي حسن قراقايا أحد الصحافيين المرافقين للرئيس التركي .. لم يكتف الرئيس بقطع زيارته بل اتصل هاتفياً على زوجة الصحفي مواسيا قبل أن يصلها بالباب
* يوم الأحد الماضي واري السودانيون الثرى أحد أبرز المفكرين، حسن الترابي لم يكن مجرد زعيم سياسي اكتسب البريق والوهج من المناصب السياسية التي تولاها..كان الترابي زعيماً ومفكراً استثنائياً ..تأكيداً لهذه المكانة، شارك في العزاء والمواساة شخصيات عالمية منهم من تكبد مشاق السفر ومنهم من أرسل التعازي.. رثى الشيخ الراحل تلميذه راشد الغنوشي ..تحدث عنه خالد مشعل وقال أمام الحضور في سرادق العزاء “لكم أن تفخروا بالشيخ الترابي”..حتى السفير الفرنسي بالخرطوم عبر عن مشاعر الحزن والأسى.
* في مراسم تشييع الشيخ الترابي كان النائب الثاني للرئيس هو أرفع مسؤول تنفيذي يشارك في المناسبة ..من فريق المساعدين الكبير في الرئاسة لم يحضر سوى العميد عبد الرحمن الصادق والأستاذ ابراهيم محمود..رهط الوزراء الذين علمهم الترابي السياسة وارتداء البدلة والكرفتة كانوا في شغل شاغل..أيام العزاء، لم (يعصر الفراش) كما يقول أهلنا إلا القليل من أهل الحكم.. في مقابر بري افتقد الناس الأستاذ علي عثمان الذي حمله الترابي فوق الأعناق وهناً على وهن، وجعله نائباً للأمين العام، وهو لم يبلغ الأربعين
* عدم الاهتمام ليس من شيم الاسلاميين في السودان ..قبل سنوات ماتت في الأمصار والدة أحد زعماء الحركة الاسلامية الحاكمة فتوافد الوزراء والأمراء ..مروحية تهبط وأخرى تحلق في السماء..في وفيات لرموز أقل من الترابي كانت المقابر تحتشد بالأسماء الكبيرة ..في مواسم الفرح يتدافع الإسلاميون بالمناكب..ويضطر بعضهم لنصب غرف لكبار الزوار داخل قاعات الأفراح
* في تقديري ..إن كان هذا الغياب الكبير جاء خبط عشواء أو كان خطة منظمة، ففيه قلة من الكياسة وكثير من عدم الوفاء..الترابي هو مالك العلامة التجارية لمشروع الحركة الاسلامية في السودان..هذا الرجل أسس مشروعاً فكرياً من تحت الصفر..تعهد تلاميذه بالرعاية والاهتمام ..زوجهم من البيوت الكبيرة وبعثهم للدراسة في الجامعات الغربية..لو لا تخطيطه السياسي المحكم لكان معظم حكامنا في عداد العوام من الناس
* بصراحة.. ربما كان التشيع المهيب والرسمي للشيخ الترابي فرصة لتلاميذه السابقين لإبداء الندم والحسرة على ظلمهم لشيخهم الوقور في حياته ..الأمم المحترمة تنتهز سانحة الموت لتجاوز المرارات..في وداع السادات إلى مثواه الأخير شارك أكثر من ثمانمائة شخصية عالمية منهم ثلاث من الرؤساء السابقين لأمريكاغياب غير مبرر..!