بعد ساعات من وفاة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د.حسن الترابي، سمى الحزب رسميا نائبه ابراهيم السنوسي امينا عاما مكلفا وهو ما اكده بنحو اكثر تفصيلا القيادي البارز بالمؤتمر الشعبي د.أبوبكر عبد الرازق الذي قال لـ(السوداني) ان د.علي الحاج محمد لا يشغل أي منصب في الحزب والذي كان يشغل في وقت منصب سابق منصب الامين العام، ولكن بعد تعديل النظام الأساسي الغي هذا المنصب.
ومع كثير الشائعات التي لم يطفئها حديث الشعبي بعد الوفاة هناك من يرون ان مجموعة قيادية سعت على نحو سريع لملأ الفرغ بتقديم السنوسي، على الرغم من ان الامين العام الراحل له ثلاث نواب، علي الحاج بدا مطلعا على المشهد السياسي والحزبي بشكل ادق فسارع لارسائل رسائل متعددة كشف فيها عن اخر موضوعات النقاش التي تمت بينه وبين الترابي هاتفيا ومن بينها “الحوار الوطني”، الامين السياسي للحزب كمال عمر بدا غير آبه لما يُقال من همس او سيناريوهات حول اختيار خليفة الترابي وقال: “ليس هنالك خليفة ولا اختلاف حول من ستولى تكليف الامانة العامة نحن في حزب المؤتمر الشعبي لدينا نظام اساسي ولوائح تحدد بشكل دقيق كيف تتم مثل هذه العملية وأؤكد انه لن يكون هناك خليفة الا عبر المؤتمر العام للحزب الذي سينعقد في أبريل المقبل. والي ذلك الحين للراحل شيخ الترابي نائب أمين هو الذي سيتولى المسؤولية”.
ابراهيم السنوسي رجل قريب من د.الترابي، وبرغم طبيعة المهام التي اضطلع بها في دهاليز التنظيم والسلطة السياسية بعدها الا ان ما تكشف منها كان كفيلا بوضع الرجل في واجهة الاعلام فالرجل ولد عام 1937 ودرس القانون في جامعة القاهرة يصنف لدي بعض الدوائر الغربية والعربية بانه من الشخصيات الاسلامية المتشددة، نظرا للمهام والنشاط السياسي والاسلامي التي اوكلت اليه داخل الحركة الاسلامية وفترة الجامعة وتردده على المعتقلات خاصة خلال الحقبة المايوية وبعد مشاركته في ثورة شعبان 1973 ولكنه افلت في تلك اللحظة من القبضة الامنية، وفيما ظن البعض ان السنوسي هرب خارج البلاد من بطش امن نميري بعد ثورة شعبان الا انه بعد مضي سنوات قليلة مارس في اختبائه مهاما تنظيمية معقدة واشرف على عملية سرية طويلة من ليبيا التي كانت بمثابة عملية عسكرية مكتملة الاركان قامت بها الاحزاب ضد نظام نميري، وعاد السنوسي على راس قوة عسكرية واشرف بها على قطاع ام درمان ومع انهيار العملية اختفى السنوسي مجددا ولقرابة العام ونصف عاد بعدها مع اجواء المصالحة الوطنية بين الحكومة وفي العام 1985 تم اعتقالهم وطالق سراحهم مع الانتفاضة، واستمر الرجل يؤدي الكثير من المهام الخاصة فبعد مجيء الانقاذ بايام قليلة اولكت له مهمة الاشراف على جهاز المعلومات فهو بحكم قربه من الراحل الترابي و اشرافه علي كثير من المهام الخاصة اصبح مؤهلا لتحقيق نجاحات جديدة في ميدان العمل السري الذي جعله مستودعا ذاخرا بكثير من المعلومات النادرة، وطبقا لمصادر موثوقة تحدثت لـ(السوداني) بعد اشارتها لعدم الكشف عن هويتها،قالت ان السنوسي اثناء اشرافه على جهاز المعلومات عُين كأول مشرف على الامن وظل خلال تلك الحقبة القصيرة منشغلا بتأسيس الاجهزة وبدأ في تصنيف الكثير من الاسماء التي حوتها قوائم الترشيحات الحزبية للعناصر التي لديها المقدرة والكفاءة المطلوبة للعمل بالاجهزة الرسمية، لكنه فضل اختيار العناصر التي ارتبطت بالعمل السري في دوائر التأمين والمعلومات وبرزت في تلك الفترة اسماء عديدة مثل د.نافع علي نافع والفريق اول صلاح قوش واللواء متعاقد الفاتح عابدون والخبير الاستراتيجي ومدير المخابرات الاسبق اللواء حسب الله عمر الامين وجمال زمقان وغيرهم.
المؤتمر الشعبي اصبح اليوم بلا مفكر وبلا زعيم اجمعت عليه القواعد والتقت عنده القلوب ولم يعد يمتلك تلك العبقرية الكارزمية التي ألهمت الكثيرين قوة كبيرة من الدفع والالهام ولكن الحزب سمى سريعا نائبه ابراهيم السنوسي للاضطلاع بمهام الحزب الي حين انعقاد المؤتمر العام ولا شك ان السنوسي لن يجد نفسه خليفة لرجل بمقدرات وتأثير د.الترابي ولكن سيجد نفسه ايضا محاطا بكثير من الملفات الشائكة داخل حزبه وعلى رأسها اتجاهات الشعبي ومستقبل العملية السياسية بداخله، قضايا كبرى ستواجه السنوسي الذي يمتلك الكثير من نقاط القوة التي تقف على رأسها تجربته السياسية والتنظيمية الطويلة التي تقارب الستين عاماً، وامتلاكه لكثير من المعلومات التي قد تعينه في هندسة الوضع من جديد داخل الشعبي وربما امتلك مزايا ومقومات اخرى رأتها قيادات المؤتمر الشعبي لم تتوفر في نائبي الامين د.عبد الله حسن أحمد و د.علي الحاج، اهلته لقيادة المؤتمر الشعبي في هذه المرحلة التاريخية لافاصلة، وهنا يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبد الماجد عبد الحميد في تعليقه ان السنوسي له كثير من الصفات التي تميز طبيعة شخصيته المجافية للاجواء الخلافية ويرى انه يُمثل موضع الحكمة وظل مصدا للرياح ويشير الي انه ليس كالراحل الشيخ الترابي الذي كان حاسما جدا في حل الخلافات وان ادى ذلك لاغضاب البعض، ويلفت الي ان الاقرب للموقع من الناحية الاستراتيجية هو د.علي الحاج محمد، ويختم عبد الحميد افادته في هذا الجانب بالقول: “المهم ايضا انه في هذه المرحلة سيعصم الشعبي الذي ستظل فيه روح الشيخ الترابي وظله باقيين الي حين انعقاد المؤتمر العام.
أكثر الملاحظات التي تعتبر من ابرز نقاط الضعف في شخصية ابراهيم السنوسي انه رجل حاد جدا في طبعه وسريع الغضب وليست له علاقة بقضايا التفكير الاستراتيجي ويشير اصحاب هذه المزاعم ان العمل التنظيمي كله يحتاج لتفكير وتدبر وهي صفات يرون ان السنوسي يفتقدها مع التسليم بمقدرته وتاريخه الطويل الا انهم يعتقدون ايضا ان السنوسي ظل من الكوادر التي تقوم بمهام التنفيذ وليس صناعة الاحداث، بجانب انه رجل قليل المشاركات واللقاءات الجماهيرية المفتوحة كما انه خلال الحقبة الماضية لم يظهر الي العلن ضمن أي فريق حزبي في عملية اتصال سياسي او تفاوض مع اطراف العملية السياسية، عامل اخر ربما يضاف لهذه المزاعم وهو عامل السن، الذي قد يقلل من فعاليته وحركته في منصب الامانة العامة الذي يحتاج من يشغله للفعالية وسرعة الحركة والاستعداد الدائم للتجوال واللقاءات الجماهيرية.
عبد الباسط إدريس
صحيفة السوداني