المانشيت الأحمر للزَّميلة (آخر لحظة)، حمل أمس، قرار وزارة العمل، بحظر عمل السودانيَّات كحارسات في الخارج.
من متابعة الأخبار، كان من الواضح أن الوزارة، لم تكن تضع وظيفة الحارسات ضمن قائمة الأعمال الممنوعة للنساء في الخارج.
عرفتُ بمحض الصدفة، أن وزارة العمل، تمنح شهادة عدم مُمانعة للراغبين في العمل خارج السودان من النساء والرجال، كجزء من ترتيباتها الإدارية.
الوزارة لها قائمة حظر خاصة بعمل النساء في الخارج، تشمل خمس مهن وهي: خادمة المنازل، والطباخة، والسفرجية، ومديرة منزل، ومُصفِّفة شَعر.
من المؤكد أن إدخال عمل الحارسات في قائمة الحظر، جاء مُلحقاً بالمهن الخمس الأخرى، نسبةً لموقف بعض البرلمانيين، والتناول الذي تمَّ للموضوع في الصحف باستهجان.
وزارة العمل، لا تزال تُعاني من أوجاع إعلان عاملات المنازل صاحبات البشرة البيضاء، وما ترتَّب عليه من انتقادات ومُساءلات، ألحقت بها كثيراً من الأذى، حتى أصبحت غارقة في عقدة الذنب وهوس التكفير.
ربما خوفاً من (جر الحبل) بعد لسعة الثعبان، قرَّرت الوزارة إغلاق باب الرِّيح، فقامت برفض الطلبات المُقدَّمة من بعض الدول الخليجية الرَّاغبة في توظيف نساء سودانيَّات في مهن حارسات!
الخوف من التناول الإعلامي، ومن المساءلات البرلمانية، حرم نساءً سودانيَّات، من فُرص عمل كان من الممكن أن تُوفِّر لهنَّ ولأسرهنَّ حياةً كريمةً، في وقت ضاقت فيه مجالات الرِّزق، وازدادت وطأة الفقر على كثير من الأُسر السودانية، خاصةً التي تعولها نساء.
من الخطأ وعدم الحساسية، ازدراء بعض الأعمال والمهن الشَّريفة، وتصنيفها من قبل جهات رسمية، بأنها أعمال غير لائقة بكرامة النساء.
لا فرق بين كرامة النساء والرجال. الكرامة هي الكرامة. توجد أعمال تُناسب جنساً أكثر من الآخر، ولكن لا توجد أعمال وضيعة وأخرى رفيعة!
كل من يعمل عملاً مُفيداً للناس والمجتمع في أي مكان، يجب أن يجد الاحترام والتقدير من الدولة قبل الأفراد.
ألا تشعر وزارة العمل بأدنى حرجٍ وهي تُصنِّف مهناً شريفةً يمتهنُها مئات الآلاف من الرِّجال والنِّساء في السودان، بأنها مهن غير لائقة؟!
على الحكومة أن لا تُغلق الباب للرَّاغبين في عمل حلال، من النِّساء والرِّجال، بل عليها أن تُعينهم على ذلك، بأن تُنشِّط دور السفارات في الخارج.
الدكتور عادل عبد العزيز، من الكُتَّاب الذين لا يكتفون بتناول الأزمات والمشكلات، بل يبادر بطرح الحلول والمعالجات. أمس دعا تنظيمات المغتربين للضغط في اتجاه تعيين مُلحقين عُماليِّين بالسَّفارات، لمُتابعة التَّعاقدات وظروفها، والعمل على تحسينها بالتعاون مع سلطات البلد المعني.
من السهولة أن تمنع وتُوقف، ولكن من الواجب أن تُرتِّب وتُنظِّم وتُراقب.
على وزارة العمل، أن تُلغي هذا التصنيف المسيء، وأن لا تَخضع للحملات البربريَّة السَّاذجة، التي تستمدُّ أحكامها من التعليقات والانطباعات، و(ونسات) المجالس، وفبركات الواتساب.
وعليها كذلك، أن تعتذر لأهل هذه المهن، من السودانيِّين داخل الوطن وخارجه، فهم أصحاب مهنٍ شريفةٍ وكريمةٍ، يُطعمون أبناءهم طعاماً حلالاً طيِّباً، لا مثل أولئك المرابين والانتهازيين وتُجَّار العملة من آكلي أموال الناس بالباطل، فهذه هي الأعمال غير اللائقة!