في سنّ هو أحوج ما يكون فيها إليها، لتكون حارسته وحضنه وملجأه وواحدة من لعبه التي تسمع شكواه وحكاياه.. كسرها.. كسر لعبته الأحب إلى الأبد، بأداة وضعها بين يديه القدر وإهمال والده وانتشار السلاح. وعلى الرغم من ذلك، جلس بعد الصدمة الأولى وانتزاع “اللعبة” من بين يديه، ينتظر عودتها لتفي بوعدها له بالحصول على بعض المال ليشتري لعبة جديدة لتكون أنيسة له في لحظات انصرافها عنه.. إلا أنه انتظر كثيراً حيث تم نقلها إلى المستشفى على أمل إسعافها..!
هذه مأساة الطفل “صلاح”، حسب ما ذكر بعض المقربين منه، ذي السنوات السبع الذي أطلق النار من مسدس حربي يعود لوالده على رأس والدته “فاديا علي الزين” قبل يومين وأرداها قتيلة بعد إصابتها في رأسها مباشرة.
في الرواية الرسمية التي وزعتها قوى الأمن الداخلي، فإن الأم أصيبت بطلق ناري من مسدس كان يلهو به طفلها أثناء وجودها في المرحاض، وأصابها برأسها ما أدى إلى وفاتها على الفور، على الرغم من محاولة إسعافها ونقلها إلى مستشفى “بهمن” في الضاحية الجنوبية.
الحادث وقع في منزل القتيلة الواقع في شارع معوض شرق الضاحية الجنوبية. وهي من قرية “جويا” في الجنوب قضاء صور.
وفي التفاصيل، كما روتها العائلة المفجوعة، فإن العائلة كانت تستقبل في منزلها إحدى الجارات برفقة أحد أولادها، وأثناء الجلوس في صالة المنزل، أصر الطفل “صلاح” كما روى أحد المقربين، نقلاً عن الوالد والجارة الزائرة، على والدته الحصول على بعض المال ليشتري لعبة من محل مجاور اعتاد على الذهاب إليه بمفرده لقربه من المبنى الذي يسكن فيه، عندها طلب الوالد من الوالدة القتيلة أن تعطيه المال، فما كان منها إلا أن اتجهت إلى غرفة نومها، فلحق بها الطفل الذي وجد مسدس والده موضوعاً على طاولة في تلك الغرفة فحمله ليلعب به، إلا أن المسدس كان “مذخراً” واللعبة التي حملها بانتظار أن يحصل على المال الذي سيشتري به لعبة أخرى حولته إلى قاتل، عندما صوب المسدس باتجاه والدته وأطلق عليها النار ليرديها إلى قتيلة فارقت الحياة على الفور بعد إصابتها في رأسها.
والد الضحية، الذي فجع بمقتل ابنته، قال إنه فقد زوجته قبل نحو ثلاثة أشهر، وإن ابنته ناديا كانت تتصل به يومياً لتطمئن عليه وتتابع أوضاعه بالتفاصيل، وأضاف أنه سيفتقدها كثيراً.
أما الطفل الذي “لم يدرك” حجم الفاجعة التي حلت، استمر في البحث عن والدته التي قيل له إنها خرجت لزيارة الطبيب، ليحصل منها على المال الذي سيشتري به اللعبة التي وعد بالحصول عليها.
وعندما قررت العائلة الانتقال إلى قريتهم “جويا” في الجنوب لإتمام مراسم الدفن للقتيلة، قيل له إنها سبقته إلى “القرية” فبدأ بالاستعداد للذهاب إلى ملاقاتها هناك، فأعد حقيبة ثيابه، ولم ينس بعض ألعابه وقارورة الماء التي اعتاد أن يحملها في الزيارات السابقة التي كان يقوم بها مع العائلة إلى القرية، وصعد إلى السيارة التي ستنقله، لوح بيده لجميع الواقفين من أقاربه المتشحين بالسواد، وودعهم ليستكمل احتفاله بالسفر، غير مدرك للأسى الذي يلف العائلة.
ويبدو من الوهلة الأولى عند رؤية الطفل، وهو الطفل الوحيد بين ابنتين لوالدة تبلغ من العمر 45 سنة، سيواجه حالة معقدة بين استيعاب غياب والدته والقدرة على استيعاب مسؤوليته عن هذا الغياب، قد تكون للوالد حصة كبيرة فيها نتيجة الإهمال الذي مارسه في التعامل مع السلاح في المنزل.
العربية نت