> والناس كانوا ناجحين جداً في السبعينات في مصر والسودان.
> ناجحون في الأغنيات العظيمة والمسرح العظيم وكرة القدم العظيمة.
> ناجحون لأننا /بعد هزيمة 1967/ كنا نبحث عن حل للعجز.
> ونعجز.
> وكلما عجزنا عن الاجابة ذهبنا (نكتح) كأساً من الأغنيات والمسرح.
> لهذا كان ابداعنا عظيماً.
(2)
> وشهادة غريبة تقدمها غادة السمان.
> غادة قالت
: والحزن والعجز أيامها أشياء كانت تجعلني يوماً أجلس.. والأوراق أمامي.. وأشرب.. وأشرب.. تحت الكاميرا.. كنت أريد أن أعرف ما في أعماق بئري الأسود.
> قالت: فكان أن سقطت دموعي في كأسي.. وشربت دموعي من كأسي!!.
(3)
> ولما كانت غادة تشرب دموعها كان العجز يجعل الأمة تشرب شيئاً آخر.. وهي تبحث عن علاج للعجز.
> وما بين السبعينات واليوم.. السادات يقتل.. القذافي يقتل.. الملك فيصل يقتل.. وصدام/ بصورة ما/ يقتل وعرفات يقتل و…. و….
> ومذابح سوريا والعراق لا تنتهي والجثث يخفي بعضها بعضاً.
> وكلها تبحث عن حل.. ضد العجز.
> والعجز يزداد.
(4)
> والهزائم العسكرية.. بطبعها.. تجلب الهزائم الاجتماعية.
> ومن الهزائم الاجتماعية إن كل أحد يمسك بحلقوم كل أحد.
> وعبد الناصر.. لما كان يستعد لمؤتمر الخرطوم بعد الهزيمة.. كان شيء يجعله يتأخر يوماً.
> ناصر يكتشف أن عبد الحكيم عامر/ ربما مع سامي مشرف/ يعد خطة لإسقاط طائرته.
(5)
وفي المواجهة (قالوا) ان عبد الحكيم عامر انتحر.
> لكن عبد الناصر كان يطلق دراسة عن سبب الهزيمة.
> أهل الدراسة قالوا
: منذ الخمسينات.. مصر تشتم السعودية.. وناصر يشتم الملك الحسين.. والحسن. و…. يسمي بورقيبة.. الشيخ أبو رقيبة.. والأردن يشتم مصر.. والسودان يشتم مصر.. والسعودية.
> وما لم تكتبه اللجنة /لأنه يحدث بعدها/ هو.
> السادات يشتم قذافي ونميري وقذافي يشتم السادات ونميري والسعودية والأردن.. و…. و…..
> كل بلد في العالم العربي كان يشتم كل الآخرين.
> العجز كان هو ما يصنع هذا.
> قبلها وبعدها.. ومعها وفوقها وتحتها.. العجز كان يغرس جيش مصر في جبال اليمن.
> ويغرس السعودية هناك.
> ويغرس العراق في الكويت ثم حرب ايران.
> لصناعة عجز أعظم.
> والأمر ذاته.. غرس الجيوش وحرب الشتائم.. يطلق الآن.
(6)
> والأسبوع الماضي يحتفلون بالكاتب أمير.. قالوا انه يتجه الى المديح.
> والشهر الماضي مذكرات الشريف الهندي قالت انه منتصف السبعينات يهجر كل شيء ويتجه الى المدائح.. يخدم المداحين حفياناً.. ويشيل معهم الصلاة على النبي بصوته الرائع.. ومن لم يسمع صوت الشريف لم يسمع روعة الحنجرة البشرية.
> وهجرة المفكرين اليساريين الى الخلاوى تصبح ظاهرة من الظواهر.
> المجتمع يعصر دمامله ويتجه الى الشفاء.. والى طرد العجز.
> وأمس قالت آمال عباس انها لا تفهم ما يجري في العالم اليوم.
> وقديماً ننقل قصة عن مسابقة للرسم الحديث.
> المسابقة كانت تطلب (رسم صورة لنفس مريض المالاخوليا).
> وخادم لأحد استديوهات طلبة الفنون (رسم) يأخذ قطعة قماش كان الطلاب يمسحون فيها الفرشاة من مختلف الألوان.
> والرجل يجعل قطعة القماش الملطخة داخل اطار جميل.. ويجعل اسمها (مريض المالاخوليا).
> ويرسلها للمسابقة.
> ويفوز بالأولى.
> القصة ننقلها يومئذ.. نسخر من لجان التحكيم.. ليتبين عندنا الآن أن اللجنة كانت دقيقة تماماً.
> فالعالم اليوم شكله هو ما تقدمه اللوحة هذه بدقة.
> وما يشعر به المثقفون اليساريون الذين يتجهون الى خلاوى المجذوب والعركيين هو هذا.
> لم يبق إلا المصحف واللوح والعمار.. وربما المحاية.
> ومن لا يحسن هذا فإن حكاية حقيقية لشاب سوداني (تجعله حادثة معينة شهيراً في السبعينات) تكفي.
> الشاب يحكي أن أمه التي كانت لا تحسن من القرآن كلمة واحدة.. كانت اذا قامت للصلاة قالت
:اللهم اني شاتك.. إن شئت أن تذبحني فاذبحني.. الله أكبر.
> وتركع.
> حلاوة التسليم لله تجعل أبا حنيفة نفسه يقبل بالصلاة هذه.
> عزيزتي السودانوية.
> السودانوية هي هذه.
> وهي التوب واللوح والربابة والكرة و…. و…..
> ويكفي أنك لا تجد (سروال ومركوب) في أغنية في العالم كله.
> لكنها في السودان مقبولة تماماً.
> وطرد العجز يبدأ من اللقاء هذا.