«أ» إن الضمير الإنسانى يستوجب التعامل بإنسانية مع مُعاناة الشُعوب وعلى الأنظمة أن تُراعى فى سياساتها وقرارتها وقوانينها مصالح الشعوب وأوضاعها ، وحين تكون العلاقة بين شعبٍ وشعب تربطهما أواصر الدم، ووشائج التاريخ والجغرافيا ينبغى أن تتضاعف المُراعاة مايستوجب إبعاد علاقات الشعوب ومصالحها من التقلبات السياسية وصُراعات الأنظمة حِفاظاً للسِلم الإجتماعى ومنعاً لها من التدهور وترسيخاً لمبدأ إستقرار الشعوب .
«ب»
السودان هو العُمق التاريخى لأرتريا ولعب الشعب السودانى دوراً أساسياً فى دعم الثورة فى بواكير إنطلاقتها حتى أشتد عُودها ونجحت فى شق طريقها النضالى والذى توجته بالإستقلال التام فى 24 مايو 1993م من أثيوبيا ، لكن الأنظمة السودانية للأسف كانت تُقايض بالثورة الإرترية وتتعامل معها وفق مصالح أنية قصيرةُ النظر دون إعتبار لقضية شعبٍ يُناضل من أجل تحقيق إستقلاله ونيل حُريته كبقية شعوب الأرض، وجبهة الإنقاذ ( النظام الحاكم ) لم تختلف كثيراً فى تعاملها مع قضايا الشعب الإرترى من الأنظمة السابقة وإن كان لها فضل كبير فى فتح أبواب الجامعات السودانية للطلاب الإرتريين وفى مختلف التخصصات العلمية مجاناً وهى لفتة تستحق الإشادة والشكر.
«ت»
أرتريا جحيم لايُطاق خدمة وطنية إجبارية بلامُقابل وبلا سقفٍ زمنى مُحدد تطال الجميع حتى من يبلغ ال(70) خريفاً ! لاحرية فى السفر للخارج وحتى التنقل بين المدن ، وبالطبع لا تسأل عن وضع الحريات والخدمات والقانون فحتى الحلم بها ممنوع ناهيك عن المطالبة بها !
وعِوضاً عن ذلك فقد توسع النظام فى بناء السجون ففى كل بقعة ٍ سجن! ووتفنن فى تعذيب المعتقلين وإذلال المواطنين بشتى الطرق والوسائل ! ووفقاً لمنظمات حقوقية وإنسانية أرترية فقد بلغ عدد المعتقلين منذ 2001م أكثر من (10.000) مُعتقل منهم 28 صحفياً مات مُعظمهم تحت التعذيب بإختصار فأرتريا لايوجد بها الحد الأدنى من المعايير الإنسانية والقانونية مايستدعى التقدير للوضع القائم هناك.
«ث»
الوضع المأساوى المذُكور أعلاه جعل الوطن طارداً وفرض على الشباب الإرترى الهُروب من الوطن (المقبرة ) لكل من السودان وأثيوبيا بأعداداٍ كبيرة بصورةٍ شبه يومية وفتحت لهم الدولتين معسكرات إيوا ، ولكن المؤسف أنه فى السودان يتم تقديم بعضهم للمحاكم وتُطبق عليهم المحاكم عقوبة الدخول غير الشرعى للبلاد وهى الإعادة قسراً لبلادهم! ويقوم الصليب الأحمر بدوراٍ كبير فى المحاكم السودانية للحيلولة دون إعادتهم قسراً وقد نجح بصورةٍ كبيرة فى منع إعادة الكثيرين بالترافع عنهم فى المحاكم ، ولكن من لم يجد فرصة تدخل الصليب الأحمر فتتم إعادته قسراً مما يُعتبر إنتهاكا صارخاً للحقوق الإنسانية وتعريض حياة هؤلاء للخطر ! عليه نُطالب الجهات الرسمية السودانية بعدم إعادة الهاربين لأرتريا وعدم تقديمهم للمحاكمات تقديراً للظروف السياسية التى يمر بها الشعب الإرترى فى ظل النظام وهو حق إنسانى رعته الشرائع السماوية والأعراف فضلاً عن مواثيق الأمم المتحدة.
«ج»
إن الشعوب الأفريقية تحكمها أنظمة مُوغلة فى القمع تغتصب جميع حُقوقهم وتحرمهم حتى العيش بكرامة فى الأوطان فتضطر الشعوب إضطراراً للهجرة بحثاً عن الأمان والحياة ، وإن النظام فى أرتريا يمُارس الظلم والقمع بصورةٍ لايمكن تصورها مُطلقاً ويختلف من جميع الأنظمة الديكتاتورية فى التاريخ البشرى قاطبة لإنتهاكاته الخطيرة لأبسط الحقوق ولهذا يتوجب على الشعوب تقدير ذلك وعلى الأنظمة أن تُراعى ظروفه إحتراماً للإنسانية التى تجمع جميع بنى البشر بمُختلف ألوانهم وأجناسهم ودياناتهم خاصة وأن الشعب الإرترى يعيش مأساة ومحنة من نُوعٍ مُختلف لم يشهد التاريخ المُعاصر لها مثيلا ومن يعتقد أننا نُبالغ فى الوصف نُطالبه بزيارةٍ واحدة لهذا البلد المحُكوم بنظامٍ غريب الأطوار والسلوك !
بقلم : محمد رمضان
كاتب أرترى
فرجت نت