كتبت الشهر الماضي عن فوضى المواصلات التي لم ولن تنتهي، في ظل غياب الجهات المعنية بإدارة شؤونها على الشوارع والطرقات، واستمرار الحال دون رقيب أو عتيد رادع، وستظل المواصلات هاجس يؤرقنا جميعاً، سيما مع الضغوطات الاقتصادية التي نمر بها، لكن لا يعبه أحد بالآخر، ويظل هم سائقي المركبات العامة وكمسنجيتهم جمع المال، كيف ومن أين لا يهم، دون رأفة أو رحمة بالناس وظروفهم.
أصاب الكل الذعر وبات جمع (المال) هاجساً يؤرق الجميع، ونسوا أن هناك أرزاقاً توزع ولن يحصدوا غيرها بقليل أو كثير، كما يقول المثل “اجري جري الوحوش يا بني آدم غير رزقك لن تحوش”، فعلى ماذا الطمع والجشع؟
مجرد حديث
بالرغم من حديث الجهات المسؤولة على أنها ماسكة بتلابيب الأمور، ولا تمر شاردة أو واردة إلا بعلمها، إلا أننا نجد أن أمر المواصلات فلت من يدها تماماً وانفرط العقد وتشتت حلقاته وبات من الصعب لمها من جديد، لأن سائقي المواصلات يعيثون في الطرقات فساداً، ويفعلون ما يشاءون بالمواصلات التي من المفترض هي في خدمتهم وليس العكس، وأصبح الأمر مقززاً ومثيراً للاشمئزاز، سيما في ظل الرقابة المفقودة بأنواعها كافة، لماذا وماذا تريد الحكومة أن تفعل عندما ترفع يديها من كل شيء؟
تبديلات وتغيرات
بادئ الأمر أجرت الحكومة تبدلات وتغيرات في خط سير المواصلات، والمواقف، عدة مرات وأخيراً استقر الحال – عندها-، وطبعاً لا يوجد متضرر من هذه القرارات، ومضى الأمر واعتاد الناس على ذلك، ثم انتهز سائقو المركبات العامة الموقف، وقسموا الخط كما يحلو لهم، ولأنني من سكان حي (بُري)، على سبيل المثال قسم شارع الجمهورية، وهو الطريق المخصص لخط سير مركبات (بري) إلى اثنين قبل النفق (وزارة صينية بري)، “ولو كسرت رقبتك لن تعرف اتجاه العربة إلا عند النفق” –وانت وحظك-، وبعد النفق وهنا يحدد (إلى أي بري) سيتجه، وطبعاً بعد قياس عدد الناس وكثرتهم، وهنا يشعر المواطن بغياب المنظم الذي يدافع عن حقهم دون حديث.
خطوط مفبركة
هناك مركبات تقف بمحاذاة كلية الطب جامعة النيلين متوجه نحو (الصينية وزارة) –وما أكثرها- لأنها تخلص مرتين ويبقى الخط بدل جنيه اثنين، أما في الاستاد الوضع مختلف لأنها تقودك إلى أي مكان حتى شروني – وهو خط مفبرك- لا وجود له في خارطة المواصلات، برر سائقو المواصلات العامة وجوده تسهيلاً للمواطنين سيما وأن هناك أعداداً ليست بسيطة تتوجه إلى هناك، لكن المفاجأة أن هذه المركبات تشحن ركابها من الاستاد قلب الموقف، ومن هناك إلى شروني حددت التسعيرة بجنيهين، فلا نقاش ولا فصال في ذلك، وعند اعتراض أحد الركاب وهو رجل طبعاً استثني. وقال له السائق: “خلاص ادفع جنيه بس ما تحرض الباقين”، وعند اعتراض آخر قال له: “شنو ياخ عشان مشينا واحد عايزين تعملوا لينا مشاكل، دي الهايس بعد شوية حتشحن بأربعة جنيه وحتدفعوا بس جات عليّ؟”، حوار مضحك ومبكي في أن واحد، ويوضح مدى الفوضى والاستغلال البشع للمواطن الذي سيدفع لأنه يريد أن يلحق أبناءه بلقمة عيش.
فوضى عارمة
لم يتوان بعض سائقي مركبات بري في تقسيم الخط من بري آخر محطة إلى النفق ومن هناك إلى العربي، وهو خط جديد إلى متى سيظل الحال هكذا، فوضى وعدم رقابة ومسؤولية، رغم تذمر المواطنين وعدم رضاهم، إلا أنهم لا يجدون من يساندهم ويقف بجانبهم، ولن يستطيعوا الوقوف وحدهم أمام هذا الطمع والجشع الذي أعمى القلوب والأبصار، دون الرقابة الرسمية الحقيقية وتشديد العقوبات الرادعة وإنزلها أرض الواقع.
زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي