لم أفهم ما رمى إليه نائب الرئيس حسبو محمد عبدالرحمن، حين أفاد بأن معظم السودانيين الذين انضموا إلى (داعش) من حملة الجوازات الأجنبية من أميركا وبريطانيا، هذه الإفادة جاءت في ثنايا حديثه الذي تفضل به أول من أمس (الاثنين) للأئمة والدعاة والحفظة بين يدي ملتقاهم الأول.. فهل قصد نائب الرئيس بهذه العبارة التبرؤ من هؤلاء السودانيين المنضمين إلى داعش، هكذا تساءلت، أم تراه يريد القول بأن كل سوداني عاش لزمان في أوروبا وحمل هوية أحد بلدانها قد تم استلابه ولم يعد سوداني الهوى والهوية والثقافة، ويعزز فرضيتي هذه قوله الآخر (نحن ويعني السودانيين لا نؤمن بالتطرف ولا بالإرهاب ولا بداعش)…
ولو كان الأمر كالذي ذهب إليه نائب الرئيس عند توصيفه لمن انضموا إلى داعش من السودانيين، لكان حرياً بسيادة النائب أن ينظر أولاً حوله ويتفرس في هويات القيادات في حزبه وحكومته، ولو فعل لا شك أنه واجد أن الحكومة والحزب متخمان بالعديد من القيادات والدستوريين يحتلون مناصب رفيعة هنا وهناك، ممن يحملون جنسيات وجوازات أجنبية أميركية وبريطانية وكندية وغيرها، ويحضرني بهذه المناسبة التصريح المثير الذي كان أدلى به السفير البريطاني الأسبق إيان كاميرون كليف، الذي أثار ضجة كبيرة حين قال في تصريحه المذكور أن ثلثي وزراء الحكومة السودانية بريطانيون، لاحظ أنه قال بريطانيين ولم يقل يحملون هويات بريطانية وقد صدق، ذلك لأن منح هوية دولة أجنبية لا يتم إلا بعد أداء قسم الولاء لتلك الدولة والمحافظة على أمنها وعدم خيانتها، ولم يقف الأمر عند حد امتلاك الهوية الأجنبية بل تعداه إلى أن بعضهم قد عبر صراحة عن وفائه لانتمائه الأجنبي، مثل الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الذي قال مفاخراً أمام توني بلير في زيارة له للبلاد، وكان وقتها الأول وزيراً للخارجية والثاني رئيساً لوزراء بريطانيا، أنه ظل يدلي بصوته باستمرار لصالح حزب العمال في الانتخابات البريطانية.. والحال هذا فإن مقولة نائب الرئيس في الدواعش السودانيين لا محالة منطبقة وقع الحافر على الحافر على هؤلاء القياديين حملة هويات اليانكي، وعليه إذا كانت هناك منقصة في حمل الهويات الأجنبية، فهي أكثر نقصاناً وعيباً فيمن يلون أمر العباد والبلاد، ويقررون في مصائر من يحكمونهم ولازالوا يحتفظون بتلك الهويات بل ويستخدمونها، وليس الدواعش أو عامة المواطنين، وإن كان في حمل الهوية الأجنبية مسبة وعليها قول، فالأحق أن يوجه مثل هذا القول لأولئك الذين يحتلون مواقع قيادية في مطابخ اتخاذ القرار الوطني وليس من عداهم…