إهتمت وسائل الإعلام في الفترة الماضية بالحدث الضخم المتعلق بإكتشاف موجات الجاذبية (وهي تموجات تنقل الطاقة من خلال الكون ) الذي عبر عنه العالم البريطاني بروفيسور ستيفن هوكينغ الخبير في الثقوب السوداء بتيقنه من ان الكشف الجديد يعد بمثابة لحظة فاصلة في تأريخ العلم، كما أن هذا الإكتشاف يعد تأكيدا للنظرية النسبية التي وضعها انشتاين وأن هذه الثقوب السوداء تتفق تماماً مع ما توقعه انشتاين قبل 100 عام بالضبط.
إكتشاف موجات الجاذبية وعلاقته بإكتشاف جهنم تحت هذا العنوان إستضاف منتدى الحكمة بمنبر وكالة السودان للأنباء (سونا) البروفيسور مبارك درار أستاذ علوم الفيزياء بجامعة السودان والأستاذ محمد سعيد الحفيان مؤلف كتاب القرأن في ضوء العلم الحديث هل جهنم ثقب اسود؟.
الحديث عن مثل هذا الموضوع لا يتأتى إلا بالدراسة العميقة لماهية الثقوب السوداء وفق المنظور العلمي وماهية جهنم وفق المنظور الديني.
الثابت اولا ان انشتاين تحدث عن الثقوب السوداء قبل قرن من الزمان و لكنها لم تكتشف الا قبل اسبوع واحد. اما جهنم فقد تحدث عنها القران قبل نحو اكثر من 1400 سنة وتناولها الاستاذ محمد سعيد الحفيان قبل نحو خمسة أعوام.
ولج محمد سعيد الحفيان الى تلك المعرفة التطبيقة التي أخذت جهدا كبيراً من علماء الفيزياء والفضاء لمعرفة كينونة الثقوب السوداء والتحقق من الفرضيات وكل ذلك على ضوء الكتاب والسنة متسلحا باللغة والتفسير حيث خرج من كل ذلك بإكتشافات أقل ما يقال عنها انها إعادة تساؤلاتنا حول حقائق كنا نحسبها يقينية ومعارف إعتقدنا أننا خلصنا فيها إلى نهايات، حيث جعلتنا نعيد قراءة الايات المرتبطة بجهنم ونتساءل.
هل جهنم ثقب من الثقوب السوداء؟
وهل قيام الساعة يعني تدمير المجموعة الشمسية؟
هل يمكننا رؤية جهنم في حياتنا الدنيا؟
بل إذا كانت جهنم فعلا ثقب أسود فنحن لدينا ثقوب سوداء كثيرة أيهما يمكن أن يكون جهنم؟ وما الفرق بينها وبين بقية الثقوب السوداء!!!.
ذكر الحفيان أنه وجد مجموعة من الصفات المشتركة بين الثقوب السوداء وجهنم وذلك بمقارنته لما توصل اليه من قراءته للقرآن وما أورده العلماء في هذا المجال.
1- قوله إن الثقب الاسود موجود في الفضاء ، فكذلك وجود جهنم في الفضاء كما في قوله تعالى في سورة الذاريات : (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ).
2- إن للثقب الاسود قوة جذب مهولة ولجهنم أيضا قوة جذب مهولة كما في قوله تعالى في سورة تبارك : ( إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ) . الشهيق لغة هو دخول الهواء الى الداخل أي الجاذبية. وقد اكد العلماء ان قوة الجذب هذه مهولة وقوية للدرجة التي تجذب النجوم وتبتلعها ، فجهنم أيضاً تجذب وتشفط شمسنا هذه كما في قوله تعالى في سورة الأنبياء (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ) فقد عبدت كما الشمس من دون الله كما في قوله تعالى في سورة النمل : (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ).
3- إن الثقب الاسود يترصد كل من يقترب من حماه فيجذبه فكذلك جهنم كما في قوله تعالى في سورة النبأ (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ) .
4- الثقب الاسود يبطئ الزمن حوله ومثله جهنم فيوم القيامة والذي تقرب فيه جهنم يساوي خمسين الف سنة بسنين الأرض كما في قوله تعالى في سورة المعارج: (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). واذا قالوا ان الزمن ينعدم في باطن الثقب الاسود ، فجهنم أيضاً ، ينعدم في باطنها الزمن كما في قوله تعالى في سورة طه : (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى) .
5- ان الانسان اذا وقع في ثقب اسود ، فان الثقب يمط جسمه الى طول مهول فكذلك جهنم تمط اجساد المجرمين الى طول مهول كما هو في قوله تعالى في سورة الأعراف : ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ).
6- ان الثقوب السوداء ستكتشف يوما ما ، فكذلك قال القرآن ان جهنم ستكتشف وترى في الدنيا عن طريق العلم كما في قوله تعالى في سورة التكاثر : ( كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ). اي رؤيتها عن طريق علم اليقين وهو هنا المقصود به العلم التجريبي التطبيقي الذي لا يتطرق اليه الشك كعلم الفلك والفيزياء والفضاء ومثل ذلك، وليس رؤيا مباشرة بالعين فتلك لن تتم الا يوم القيامة .
7- ان الثقب الأسود لا يمتلئ وكذلك جهنم لا تمتلئ لقوله تعالى قوله تعالى في سورة ق: (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أواب حَفِيظٍ *مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) .
8- كلاهما يمكن الإفلات منه قبل الوصول إلى حوافه لقوله تعالى في سورة مريم : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا )
9- كلاهما يكور الغازات كما في قوله تعالى في سورة التكوير (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) والتكوير من كار اي بمعنى دار .
يبقى التساؤل قائماً ما بقيت الإنسانية تبحث إجوبة لتساؤلاته عن الكون والحياة، قد تكون هذه الإكتشافات مجرد بداية لمعرفة جديدة تقودنا الى إثبات ما وصلنا من علوم أو تنفي حقائق ظللنا نردد بصحتها.
في سبيل ذلك قد يستند البعض على البحث التجريبي والتطبيقي ، بينما يعرج البعض إلى الهدى القراني بإعتباره شاملاً لتساؤلاتنا الكونية، ما بين هذا وذاك ننتظر لنرى ما تحمله لنا الأيام من مفاجآت.
تقرير :مصطفى حسين
الخرطوم 19-2-16م (سونا)