والله مشكورين ويستحقون التحية والتقدير تلاميذ منتخب الجزيرة الذين فازوا في “قطر” على منتخب (جزر القمر) في منافسة لم نسمع عنها إلا بعد أن حملت الأخبار فوزهم هناك، وهؤلاء الشباب الذين لم يبارحوا مقاعد الطفولة بعد، ربما ذهبوا إلى هناك وحتى ركوبهم الطائرة لم ينتبه لهم أحد أو يسألهم (ماشين وين؟)، ولا أدري أين كان الاهتمام بهم ما قبل المباراة الفاصلة والنهائية التي توجوا فيها بكأس البطولة، لكن دعوني أقول إنني والله محتارة ومستغربة لهذا الفرح الهستيري على المستوى الرسمي والشعبي، صحيح هؤلاء الأطفال أمل بكرة، لكن هل وصل بنا الحال في ظل جفاف تحقيق أي بطولة يصنعها الكبار، أو أي نصر يتحقق على مستوى الأندية الكبرى أو على مستوى المنتخبات، أن نحتفي ببطولة المدارس الابتدائية، هذا الفرح الهستيري ليس له إلا معنى واحداً أن دواخل الناس نضبت، بل وأصبحت خاوية على عروشها من أي لحظة سعادة، لذلك تتحين مثل هذه المناسبات المتواضعة لتعمل منها (هليله)، طيب إن وجدت العذر للناس العاديين وهم يبدون هذه السعادة الغامرة، فمن وين ألقى عذر لوزير الشباب والرياضة الذي احتفى بالإنجاز وكأن له فيه يد، بل وتمادى في الفرح واصفاً الفوز بكل صفات الفخر والإعزاز، واصفاً الفائزين بما لم يقله مالك في الخمر ووعد كمان بتكريمهم، ولا أدري إن كان السيد الوزير يعلم من الأصل أن هناك أطفالاً يشاركون باسم السودان في بطولة صغيرة بأحلام كبيرة، فلنفترض أنه كان يعلم فيعدد لي ماذا فعلت وزارته تجهيزاً وإعداداً لهم قبل المغادرة؟ ده خلوا كله التكريم ملحوق، ما هي خطة السيد الوزير ووزاراته لرعاية هؤلاء التلاميذ حتى يصبحوا نواة وبذرة لشجرة صالحة هي منتخب قومي (حينئذ) نواجه به منتخبات العالم ونمحي عن ذواكرنا مسلسل الثلاثة الذي فضحنا وشرط عينا في المحافل الدولية.
والله أنا لا أبخس أبداً على هؤلاء الشباب فوزهم العظيم، يكفي أنهم ذرفوا الدموع غالية غيرة وحباً وانتماءً لهذا الوطن خوف الخسارة والخروج على مشارف النهاية، وهو ما تعود أن يسميه الكبار (الخروج بشرف)، وما بعرف شرف شنو ذاك الذي يجعل صاحبه يعود بلا كأس ولا لقب ولا ميدالية! لكن وعلى ما يبدو أن حالة الإحباط والفشل في كل المشاركات هي التي جعلت من منافسة مدرسية بطولة ضخمة استنطقت وزير الشباب والرياضة الحاضر الغائب، الذي أول ما فكر فيه هو التكريم عشان يجيء كم مسؤول (ويمعطونا) بالكلمات الطويلة، وكل يحاول أن يجعل له سهم في هذا الفوز، لا يا سادة هؤلاء عايزين رعاية واهتمام وصقل لموهبتهم، بل وبحث حقيقي لظروفهم الاجتماعية ووضع الحلول والمعالجات السريعة لهم ولأسرهم حتى ينشئوا في بيئة صالحة تحرض على الإبداع والتفوق لنعدهم للمستقبل الأخضر وكفاية متاجرة وسلب لجهد الآخرين.
{ كلمة عزيزة
قلت للسيد مساعد رئيس الجمهورية “عبد الرحمن الصادق المهدي” أثناء زيارته للصحيفة ومعه وفد للتداول والتبشير بمخرجات الحوار الوطني، قلت له وباب الأسئلة يفتح للحضور، إن المواطن السوداني الآن أزمته الحقيقية هي الأزمة الاقتصادية، والجميع كان ينتظر مخرجات هذا الحوار لتضع حداً لكل المشاكل الاقتصادية، وبالتالي إيجاد الحلول التي تعود على المواطن خيراً ورفاهية، لكن الحكومة للأسف استبقت الحوار بزيادات في الغاز والمياه وما معروف الجاي شنو؟ وقلت له ألا تعتبر هذه الزيادات ضربة قاضية لأحلام وآمال المواطن الذي كان ينتظر الحوار ليضع حداً لمعاناته؟ وبصراحة انتظرت إجابة من السيد مساعد الرئيس، لكنه حدثني عن الحرب وعن الظلال التي تلقيها على الحالة الاقتصادية بالبلاد، وهي معطيات معروفة ومعلومة، لكن رغم ذلك أقول إن النخب والبسطاء حد السواء ينتظرون مخرجات هذا الحوار، وينتظرون أكثر أن تطبق عياناً بياناً على أرض الواقع!
{ كلمة أعز
أكثر ما يغيظني استنساخ البرامج التي لا تشبه عاداتنا وتقاليدنا وسلوكنا اليومي، فنصبح مسخاً مشوهاً (لا لامي) في الجري و(لا لامي) في الطيران خاصة (برامج الطبخ) التي تقدم وجبات مش ما بعرفها السودانيون، لكن أصلاً ما عندهم ليها مقدرة، ناس مكرونة بالباشميل وبيتزا بالموزريلا الخ.. أمس شد انتباهي على فضائية (الشروق) برنامجاً محترماً اسمه (أطيب وأوفر) سوداني مائة بالمائة، ومن تقدمه سيدة سودانية الملامح مثقفة وتلقائية وصاحبة قبول فائق، تتحدث بكل أريحية عن الوجبات السودانية وفوائدها الغذائية!! هذا البرنامج يستحق النجومية ومقدمته كذلك!